هل يمكن للولايات المتحدة محاربة الصين بسبب تايوان؟.. خبراء يجيبون
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن بلاده ستدافع عن تايوان، في حال تعرضت لغزو عسكري صيني.
وتحدث بايدن في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" عن عدة أمور، منها أزمة تايوان والحرب في أوكرانيا وموجة التضخم في الولايات المتحدة.
فهل يمكن الولايات المتحدة أن تحارب الصين من أجل تايوان، نرصد من خلال التقرير التالي الإجابة من قبل خبراء في هذا الشأن.
قال أحمد السيد الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن العلاقات ساءت بين الولايات المتحدة والصين منذ أن زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تايوان الشهر الماضي، مما أثار غضب بكين وقامت بإجراء تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي الامر الذي زاد من تفاقم حدِة التصريحات بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين، خاصة بعد تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان ضد أي هجوم صيني.
وأضاف السيد في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه من المتوقع ألا تغامر الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال قوات عسكرية لتايوان، فالولايات المتحدة وعلى الرغم من حِدة تصريحات "بايدن" فهي تحاول إرسال تحذيرات لبكين تُثنيها عن التفكير في ضم تايوان بالقوة.
وتابع السيد، في السياق ذاته، تكافح الولايات المتحدة الأمريكية لحشد تحالفها الاّسيوي "تشيب 4" وهي عبارة عن مبادرة تُمثل جزءًا من استراتيجية أمريكية لتعزيز قدرة واشنطن على الوصول إلى الرقائق الحيوية وتأمين سلاسل التوريد، وإضعاف المشاركة الصينية في هذا المجال، لأسباب تتعلق بالتجارة والأمن القومي.
وأوضح السيد أنه من المفترض أن يضم هذا التحالف كلًا من "الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الجنوبية واليابان وتايوان" لكن هناك العديد من المخاوف التي تكتنف هذه المبادرة، خاصة في ضوء رد الفعل المحتمل للصين في حال انضمام تايوان لهذه المبادرة، مما يحد من قدرة الولايات المتحدة على إبراز هذه المبادرة للنور.
وتابع السيد، أمر آخر يجعل من الصعب على الولايات المتحدة الأمريكية كسب الحرب –حال نشوبها- ضد الصين وهو أن الرئيس الصيني الحالي "شي جين بينغ" يستعد لولاية رئاسية ثالثة مدتها خمس سنوات وذلك في مؤتمر للحزب الشيوعي، خلال الشهر المقبل، وكان قد تعهد بإخضاع تايوان لسيطرة "بكين" بالقوة.
ولفت السيد إلي أنه من المتوقع أن تزود الولايات المتحدة تايوان بمساعدات بمليارات الدولارات، فضلًا عن إمدادها بالأسلحة والمعدات العسكرية.
كما يمكن القول إن الولايات المتحدة لا تريد حربًا مع الصين ولكنها تريد تقليل التهديدات الوجودية التي تواجه تايوان من خلال زيادة تكلفة الاستيلاء على الجزيرة بالقوة، وكما كان الحال مع روسيا ردًا على الحرب في أوكرانيا، ستقوم الولايات المتحدة في النهاية بفرض عقوبات على الصين لزعزعة استقرارها.
واختم “السيد” تصريحاته قائلًا: “في النهاية يمكن القول إن العلاقات بين البلدين عند مفترق طرق، وربما يكون من الحكمة أن يزن كل طرف خطواته القادمة بدقة”.
الولايات المتحدة تتحدى الصين بشأن تايوان
من جانبها قالت فردوس عبد الباقي الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، في مزيد من التصعيد بشأن تايوان، كرر الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في تصريحاته الأخيرة تأكيده على مسألة الدفاع عن تايوان في حالة تعرضها لغزو من الصين يستهدف ضمها، مشيرًا في ذلك إلى اختلاف التفاعل الأمريكي في حالة حدوث "هجوم غير مسبوق" على تايوان عن ذلك الذي تُظهره واشنطن خلال الأزمة الأوكرانية.
وأضافت عبدالباقي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذا التصريح يعكس تأكيدًا على السياسة الاستفزازية التي تمارسها الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة تجاه الصين، وظهر كذلك عبر الزيارة التي أجرتها رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" أوائل أغسطس الماضي للتأكيد على الالتزام الأمني تجاه الجزيرة، ويؤكد أيضًا الاستعداد الأمريكي لفرض عقوبات أكبر على بكين جراء حدوث تصعيد جديد تجاه الأزمة، لكن يتناقض هذا التصريح مع ما أشار له "بايدن" بالتزام واشنطن بسياسة "صين واحدة"، لكنه أوضح أنها تعني بكين وليست تايبيه.
وحول ما إذا كان يمكن للولايات المتحدة محاربة الصين بسبب تايوان، قالت عبدالباقي إن الولايات المتحدة سيكون عليها الاستعداد لكافة الردود المحتملة سواء كانت عسكرية أو على مستوى الاستراتيجيات الدبلوماسية والاقتصادية والإلكترونية الأخرى التي قد تفرض على الصين عراقيل اقتصادية، وقد يتطور خطر المواجهة إلى حد استخدام الأسلحة النووية.
وتابعت عبدالباقي، في البداية؛ يمكن للولايات المتحدة أن تسلك خيارات دبلوماسية وعسكرية بجانب مسألة فرض عقوبات اقتصادية التي لن تكون خيارًا كافيًا خاصةً في ظل الحرب التجارية القائمة بين واشنطن وبكين، لذا سيكون على الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية لتايوان بما يساعدها على رد الهجوم العسكري من بكين في حالة حدوثه، ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى تمرير لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي لمشروع قانون لدعم تايوان عسكريًا بقيمة 6.5 مليار دولار.
لكن في نفس الوقت يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد دولة أو تحالف ملتزم بشأن حماية سيادة تايوان واستقلالها السياسي، حتى أن الولايات المتحدة لا تعترف بتايوان كدولة رغم رفع كل القيود المفروضة على التعاون الدبلوماسي بين الجانبين بشكل أحادي الجانب.
وقالت عبدالباقي من جانب آخر، يجدر الانتباه إلى ما تجريه الولايات المتحدة من تطويق واحتواء للصين في محيطها الإقليمي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما يؤهلها باستعداد مسبق من خلال إقامة تحالفات أمنية وتكتلات اقتصادية مناوئة لبكين وصعودها.
واختتم عبدالباقي تصريحاتها قائلة "من هذا يتضح أن الولايات المتحدة تتعامل مع قضية تايوان من منطلق المصلحة الأمنية الحيوية بعكس تناولها لتطورات الأزمة الأوكرانية، خاصةً إذا تم النظر لحيوية الدور الذي تقوم الجزيرة في صناعة أشبه الموصلات بأكبر نسبة عالمية وصلت إلى 63% في عام 2020، بجانب مسألة السيطرة على بحر الصين الجنوب من خلال السيطرة على تايوان لأن حوالي ثلث التجارة الدولية تمر عبر هذا البحر، بما يجعل سيطرة بكين عليها بمثابة تهديًا بقلب التوازن الاستراتيجي بشكل لا يمكن إصلاحه، لذا فإن العزم الذي تبديه الصين لضمها تايوان يؤكد من وجهة نظر تحليله أن تكلفة مواجهة بكين ستكون باهظة للولايات المتحدة وحلفائها".