«أهل الاستجابة فى القرآن والسنة».. موضوع خطبة الجمعة المقبلة
أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة المقبلة ٢٣ سبتمبر ٢٠٢٢م تحت عنوان: "أهل الاستجابة في القرآن والسنة".
وشددت وزارة الأوقاف على الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية.
وإليكم نص خطبة الجمعة:
"أهل الاستجابة في القرآن والسنة
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:
فإن الاستجابة لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وسلم) حياة القلوب، ودليل الإيمان الكامل والمحبة الصادقة، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}، ويقول سبحانه: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}، ويقول (عز وجل): {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وأهل الاستجابة موفَّقون لشكر نِعَم الله (عز وجل)، باستعمال الجوارح التي وهبها الله إياهم في سماع الحق والاستجابة له، يقول سبحانه: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ}، كما أنهم موعودون بالمغفرة والنجاة، والجنة يوم القيامة، يقول تعالى: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، ويقول (عز وجل): {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى}.
ولا شك أن حياة أصحاب نبينا (صلى الله عليه وسلم) تمثل الاستجابة الحقيقية الكاملة لله ولرسوله (صلى الله عليه وسلم)، ففي حادثة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة كانت الاستجابة اللحظية منهم (رضي الله عنهم)، حيث استداروا في الصلاةِ- وكانوا يصلون جهة بيت المقدس- عندما جاءهم من يخبرهم أنَّ رسولَ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) قد أُنزِل عليه الأمر باستقبال الكعبة في الصلاة.
وهذا أبوطلحةَ (رضي الله عنه) يسمع قول الله (عز وجل): {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فيتصدق ببستانه (بَيْرحَاء) وكان أحب أمواله إليه، يرجو أجر ذلك وذُخْرَه عندَ اللهِ.
ولما نزل قول الحق سبحانه في تحريم الخمر بصورة نهائية قاطعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} قال الصحابة (رضي الله عنهم): انتهينا يا رب، انتهينا يا رب.
ولا شك أن الجزاء من جنس العمل، فمن استجاب لله سبحانه بفعل أوامره واجتناب نواهيه؛ استجاب الله دعاءه، حيث يقول الحق سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، ويقول سبحانه: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى}، ويقول تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
ولما بلغ الأنبياءُ (عليهم السلام) الغاية في الاستجابة لله (عز وجل) كان دعاؤهم أولى بالإجابة، يقول سبحانه في شأن نبيه نوح (عليه السلام): {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم}، ويقول (جل وعلا) في شأن نبيه أيوب (عليه السلام): {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}، ويقول سبحانه في شأن زكريا (عليه السلام): {وَزَكَرِيّا إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ}، ومن رُزِق الدعاء بصدق رُزِق الإجابة، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِن مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاث: إِمَّا أَنْ يُعجِّلَ له دعوتَه، وَإِمَّا أن يدَّخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يَصرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مثلَها).
*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
لا شك أن الإعراض عن أمر الله (عز وجل)، وعدم الاستجابة له من أبرز صفات المنافقين، الذين وصفهم الله (عز وجل) بقوله: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ}، ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}.
أما المؤمنون الصادقون فقد ذكرهم الله (عز وجل) في مقام المدح والثناء، يقول سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
فما أحوجنا إلى الاستجابة لله ورسوله، قبل أن يأتي يوم لا مفر منه ولا مرد، يقول سبحانه: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}.
اللهم احفظ بلادنا مصر، وسائر بلاد العالمين".