أحمد رامى غنت له أم كلثوم 300 أغنية ولم يتقاض مليما
أحمد رامي، والذي غنت له أم كلثوم 300 أغنية، كان في ضيافة العدد 68 لمجلة الكواكب الصادر بتاريخ 18 نوفمبر 1952، وفيه يتحدث عن علاقته بكوكب الشرق أم كلثوم وعمله معها، كما يتناول قضية أجور المؤلفين الزهيدة وغيرها من الموضوعات وذلك في مجلة الكواكب من أرشيف الباحث نواف سليم.
في بداية اللقاء يسأل “لطفي رضوان”، محرر مجلة الكواكب، شاعر الشباب أحمد رامي عن بداية معرفته بـ أم كلثوم فيقول “رامي”: كنت أعشق فن الشيخ أبو العلا .. وكان رجلا فاضلا، فكنت أعطيه بين الحين والحين بعض قصائدي، وذات يوم وقبيل سفري إلي باريس أعطيته قصيدة مطلعها: الصب تفضحه عيونه .. وتنم عن وجد شئونه.
وأمليتها عليه عند "صالح الشربتلي" في ميدان السيدة زينب .. بينما كنا نتناول أقداح "السوبيا"، التي أشتهر بها الشربتلي . وسافرت إلي باريس، ومكثت هناك حتي يوليو من عام 1924، وتلقيت من أحد أصدقائي خطابا يقول فيه أن مغنية صغيرة من صميم الريف بدأت تخطو خطواتها الأولي بنجاح، وإنها تغني إحدي قصائدي، وقال أن اسمها "أم كلثوم".
ــ أحمد رامي لـ أم كلثوم: يا ست أنا تغني قصيدتي
ويضيف أحمد رامي في حواره لمجلة الكواكب: ولم أعلق علي الأمر أهمية. وعندما عدت إلي مصر، علمت أن الشيخ أبو العلا قد أصيب بمرض قطع صلته بالغناء نهائيا. وأنه تبرع بآخر قصيدة لي لـ أم كلثوم. وسألت: من تكون هذه الـ"أم كلثوم"؟ فقالوا لي: أنها صاحبة صوت ساحرو وأداء متدفق.
وأصر أحد أصدقائي أن أذهب معه لأسمعها وأراها وكانت تغني في حديقة الأزبكية. ودفع لي صديقي ثمن التذكرة وكانت علي ما أذكر عشرة قروش. و جلست في الصف الأمامي لأري أم كلثوم لأول مرة وكنا في يوليو 1924. وكانت تجلس وحولها بطانتها إذ لم يكن التخت الموسيقي قد ظهر بعد. كما كانت تضع العقال علي رأسها الصغير. وهمس صديقي في أذني: "أطلب إليها أن تغني قصيدتك".
فقلت لها: "يا ست .. أنا عاوزك تغني قصيدتي لأني لم أسمعها فأنا لم أعد إلي مصر إلا منذ أربعة أيام.
ــ قبل أن تغني أكتشفت أنها ذكية
ويتابع أحمد رامي: وإذا بـ أم كلثوم تقف لتقول لي مصافحة: "أهلا سي رامي" وأكتشفت لأول مرة، قبل أن أسمعها تغني أنها ذكية. وغنت لي: "الصب تفضحه عيونه" ولم أنم ليلتها، بل عشت في صوت هذه الريفية الصغيرة، عشت كما لم أعش من قبل، ونسيت باريس ولياليها، نسيت نفسي وشعري وخيالي، وعشت مع نبرات أم كلثوم تنشد: "الصب تفضحه عيونه".
وبعد السهرة سألتها: "أين ستكونين غدا؟"، فقالت: "سأمضي شهرا ونصف شهر في رأس البر" وتحسرت علي هذا الطير الجميل الذي سأحرم من تغريده شهرا ونصف شهر.
ــ أتقاضي أكبر أجر ترضاه عواطفي
وعن الأجر الذي يتقاضاه أحمد رامي عن عمله مع أم كلثوم قال: أتقاضي أكبر أجر ترضاه عواطفي وحسي وسمعي وبصري. أتقاضي أجرا معنويا لا يقدر بمال. أنني يا صديقي، أستمع إلي شعري لأول مرة من فم أم كلثوم فأعيش علي عواطفي وإحساسي أياما وليالي.. فهل تحسب هذا أجرا ضئيلا؟ لست أنا الذي أقرأ الأغنية، بل أعطيها لأم كلثوم حتي أسمعها منها لأول مرة، فأحس أنني قلت شيئا .. شيئا خالدا.
ويوضح أحمد رامي: لقد أعطيت أم كلثوم أكثر من 300 قطعة غنتها ولم أتقاض منها مليما، وأعطيت عبد الوهاب ــ وكان فتي ناشئا ــ قبل أن أعرفه بعض القصائد وكان بينها قصيدة: "علي غصون البان .. عصفورتان .. تتناجيان بأعذب الألحان. فلم أتقاض مليما. ان شعري يا أستاذ لا ثمن له، أعني لا أقدره بمال لهذا أرفض أن أحدد له سعرا، إلا في الأفلام، فأنني في هذه الحالة أتقاضي عن كل أغنية مائة جنيه كما فعلت في فيلم "فاطمة" مثلا، وفي أفلام عبد الوهاب.