بروفايل .
«فيروز».. جارة القمر التى غنت للحب والأرض والنبي محمد
حين سألوه عنها قال نزار قبانى عن صوت فيروز: "هو أجمل صوت سمعته فى حياتى، وقال عبد الوهاب هى صوت قادم من السماء.
الحديث عن فيروز ليس بالهين فهي جارة القمر والأيقونة وعمود بعلبك السابع،هى صاحبة الصوت الجذاب الذى سحر الشرق والغرب.
ليس صوت فيروز فقط هو الميزة الوحيدة التي جعلتها تصل إلى هذه المكانة الكبيرة فى شتى بقاع الأرض ، بل شخصيتها الوقورة ومواقفها المشرفة تجاه قضايا الوطن العربي وبخاصة قضية احتلال فلسطين بالإضافة إلى احترامها وحبها للإسلام ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ،الذي غنت له من المديح الصوفى ما أبهر الجميع.
محطات كثيرة نقف عندها فى هذه السطور عن فيروز الصبية الفقيرة المسيحية التي كانت ترتل القرآن وفيروز المغنية الشهيرة وفيروز الحبيبة والزوجة والمناضلة التي لا تتوانى في الدفاع عن قضايا الوطن العربى.
البداية
فى الواحد والعشرين من عام ١٩٣٥ ولدت نهاد وديع حداد فى منطقة قضاء الشوف بجبل لبنان فى حارة زقاق البلاط وكانت الابنة البكر لأب بسيط يعمل فى مطبعة جريدة لوريان لوجور. وأم تدعى ليزا البستاني. لم يتوان والد نهاد رغم فقره أن يدخل ابنته المدرسة كى تتعلم وتصبح ذات شأن كبير، أضحت الطفلة صبية لاحظ والدها حبها للغناء من خلال صوتها الجميل ووقوفها خلف الشباك فى شقتها بالدور الأرضى لتسترق السمع إلى راديو الجيران فى البيت المقابل الذى تنبعث منه أغنيات عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد وأسمهان.
الملحن محمد فليفل
يعد هذا الاسم هو الاسم الأهم فى حياة نهاد حداد "فيروز" ذلك لأن هذا الفنان الذى كان يعمل مدرسًا في المعهد الموسيقي بلبنان كان يبحث عن مواهب معتبرة بين أطفال المدارس، ولما سمع الصبية نهاد حداد التي كانت وقتها في الرابعة عشر من عمرها ضمها للكورس الإذاعى، وبدأ يدربها على الغناء بعدة طرق منها الموشحات الدينية ليس هذا فقط بل دربها على حفظ بعض ٱيات القرآن الكريم وقراءتها تجويدا يتقن مخارج الحروف وتتعلم المقامات الموسيقية، مما كان له أثرا بليغا في تكوين شخصية فيروز، واستمر فليفل سندا لفيروز حيث اقنع والدها بأن تلتحق بالمعهد الموسيقى.
من نهاد إلى فيروز
فى عام ١٩٥٠ طلب حليم الرومي رئيس القسم الموسيقي فى إذاعة لبنان من فيروز أن تغير اسمها من نهاد حداد إلى فيروز ولما سألته عن سبب ذلك قال إن صوتك يشبه حجر الفيروز الثمين ، فى البداية لم ترحب بالفكرة ولكنها وافقت بعد ذلك.
فيروز والأخوين رحباني
لا يمكن أن نذكر فيروز دون ذكر الرحبانية او العكس. بدأت علاقة فيروز للأخوين عاصي ومنصور الرحباني بين أروقة الإذاعة اللبنانية التى قدمها إليها مكتشفها الملحن محمد فليفل، في عام ١٩٥٠ كان وقتها عاصى الرحبانى شاب يعزف على الكمان التقى نهاد حداد فأعجب بها إلا أنها كانت ترفض مبدأ الزواج من الأساس ولكن بعد ثلاثة أعوام تزوجا.
ومن هنا بدأ مشوار فيروز مع الرحبانية ليكونا فريقا فنيا مميزا حيث وصل إلى ٨٠٠ اغنية والعديد من المسرحيات. واقترن اسم الأخوين رحباني باسم فيروز حتى انفصال فيروز عن عاصي الرحباني ١٩٧٨ بعد ٢٨ عام من العمل الفني المشترك.
فيروز وأم كلثوم
تربت فيروز على أصوات أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد وأسمهان. وكان اللقاء الأول بين أم كلثوم وفيروز فى لبنان وتحديدا في الثامن عشر من يوليو ١٩٦٦ حيث كانت أم كلثوم تقيم حفلا فى بيروت ،وذهبت فيروز بصحبة الأخوين رحبانى من أجل الترحيب بها، فقالت أم كلثوم لفيروز يجب أن تعلمى أن فى مصر ٣٠ مليون معجب بصوتك وسألتهم متى ستزور مصر؟.
ولما زارت فيروز والأخوين رحباني مصر بعد شهور من لقاء السيدة أم كلثوم في لبنان، زاروها فى بيتها وكانت العلاقة بين أم كلثوم علاقة طيبة لأمرين أولهما ثقة أم كلثوم فى نفسها بأنها على قمة الهرم، وأن أحدا لن يستطيع أن يسحب البساط من تحت قدميها، وثانيهما عشق فيروز لصوت أم كلثوم منذ الصغر ومعرفتها بقدرها.
فيروز وعبد الوهاب
كان عبد الوهاب يقول إن صوت فيروز صوت ملائكي وكأنه نزل من السماء لذا أهداها لحن ياجارة الوادى، وخايف اقول اللى فقلبى، ولحن لها سكن الليل، ومربى.
فيروز والإسلام
كما ذكرنا سالفا تربت فيروز فنيا على يد الملحن اللبناني محمد فليفل الذي دربها على قراءة القرآن مجودا حتى تتعلم المقامات الموسيقية وتتقن اللغة العربية ،كما علمها أصول الإنشاد الدينى وخالطت رجال الدين الاسلامى وتعلمت الكثير منهم، ويرجع البعض ارتداء فيروز زيا يشبه الزي الإسلامي إلى هذه الأسباب. رغم اعتناقها للمسيحية. قال فليفل عن فيروز أداؤها إسلامي مئة بالمئة.
لذا غنت فيروز فى الصغر أغنيات مسرحية مولد النبى ومسرحية عن مرضعة النبي حليمة السعدية. ولما أضحت فيروز نجمة يشار إليها بالبنان فى العالم كله. غنت قصيدة غنيت مكة أهلها الصيدا. ويا محمد ارفع اللواء، كنا غنت للنبي صلى الله عليه وسلم قصيدة أقول وٱنست بالليل نارا وهي من الشعر الصوفى لحنها الأخوين رحباني.
فيروز وفلسطين
كانت ومازالت الفنانة الكبيرة فيروز وفية ومناصرة لقضية فلسطين ضد المحتل الغاشم، الذى غنت بصوتها العذب فى كل الأرجاء أغنيات تحمل أنين الشعب الفلسطينى لتخبر بها العالم بأسره، وكأنها تحمل مدفعا تقاوم به الصهاينة.
غنت فيروز لأرض فلسطين المحتلة ست أغنيات القدس العتيق. زهرة المدائن، سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة، يافا، أنا لا أنساكي يا فلسطين.