الموريسكيون من رضوى عاشور إلى حسنين بن عمو.. ما القصة؟
منذ صدور رواية الدكتورة رضوى عاشور "ثلاثية غرناطة" عام 1994 والتى تحكي معظم وقائع مأساة الغرناطيين والأندلس عمومًا من بعد عام 1492م، وثمة زخم روائى شهدته المكتبة المصرية والعربية حول تاريخ الموريسكيين، وما حدث لهم بعد أن تفرقوا فى بقاع الأرض بعد سقوط الأندلس.
يختلف تقدير أعداد المورسكيين الذين تم طردهم نظرا لكونها مبنية على تقديرات العديد من المراسيم، فبينما يبلغ عدد المطرودين المسجلين حوالي 350 ألف نسمة، تشير دراسات حديثة إلى أن عددهم بلغ مليون نسمة في إسبانيا في بداية القرن السادس عشر.
ومن اللافت للانتباه، أنه لم يمر عام بعد صدور رواية رضوى عاشور، إلا وصدرت كتب عنهم، أبرزها كتاب “العائلة والثروة.. البيوت التجارية المغربية فى مصر العثمانية” للدكتور حسام محمد عبد المعطي والذى صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2009، ورصد فيه أبرز المدن التى سميت فى مصر بأسماء مدن أندلسية، أو رواية عن الموريسكيين للدرجة التى أصبحت تمثل ظاهرة غزو للمكتبة المصرية والعربية، حيث ارتفع عدد الروايات والكتب التى تناولتهم وبكثافة ودون مبرر حتى عامنا هذا، ومن قّبل عدد كبير من الروائيين فى أنحاء الوطن العربى، ليس هذا وحسب بل وصلت بعضها إلى القوائم الطويلة لجوائز أدبية مرموقة مثل جائزة البوكر للرواية العربية، فى الوقت نفسه تكشف لنا الأعمال الروائية العربية الصادرة عن الموريسكيين إشكالية تتعلق بظاهرة الرواية التاريخية العربية ومعايير الكتابة فيها عن ظاهرة غزو الموريسيكيين للرواية العربية؛ نرصدها فى السطور التالية:
البداية مع "البيت الأندلسى" لـ "واسيني الأعرج"
"البيت الأندلسي" رواية للروائي الجزائري واسيني الأعرج صدرت لأوّل مرة عام 2010 عن منشورات الجمل في بيروت، ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2011، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية».
تروي الرواية قصة بيت أندلسي قديم عاش فيه العشاق والقتلة، الملائكة والشياطين، النبلاء والسفلة، الشهداء والخونة، تريد السلطات تهديمه لاستغلال مساحته الأرضية لبناء برج عظيم: برج الأندلس، ساكن البيت (مراد باسطا) المتبقي من السلالة المنقرضة، يرفض فكرة التهديم لأنها في النهاية محو للذاكرة الجمعية.
البيت شيّده أحد الموريسكيين (غاليلو ألروخو) الفارّين من الأندلس، في القرن السادس عشر، وفاء لحبيبته (سلطانة بالاثيوس)؛ يستولي عليه القراصنة الأتراك بعد عملية إغتصاب قاسية ضد صاحبته، وفي فترة الإحتلال الفرنسي يتحوّل البيت إلى أول دار بلدية في الجزائر المستعمرة؛ بعد الإستقلال يتكالب على البيت الذين تسمّيهم الرواية ورثاء الدم الجدد، فيُحوَّل إلى كاباريه، ثم إلى ماخور مقنَّع، ومركز لعقد صفقات تهريب المخدرات والأسلحة وغيرها.
الرواية استعارة مرّة لما يحدث في كل الوطن العربي من معضلات كبرى تتعلق بصعوبة إستيعاب الحداثة في ظل أفق مفتوح على المزيد من الخراب والإنكسارات.
"الموريسكي".. من الفرنسية إلى العربية للمغربى حسين أوريد
صدرت رواية "الموريسكي" عام 2011 للكاتب والمؤرخ السياسى المغربى حسن أوريد، عن دار أبى رقراق للنشر بالرياض.
الرواية صنٌفت بتراجيدية تاريخية كتبت باللغة الفرنسية قبل ترجمتها إلى اللغة العربية تحت عنوان "الموريسكي" فى 300 صفحة من الحجم المتوسط من ترجمة الكاتب المغربى عبد الكريم جويطي.
الرواية هي إعادة كتابة سيرة أحمد شهاب الدين أفوقاي - صاحب كتاب «ناصر الدين على القوم الكافرين» - الذي فر من الأندلس زمان محاكم التفتيش إلى المغرب، ليلتحق ببلاط السلطانين السعديين أحمد المنصور الذهبي وولده زيدان.
أعاد الكاتب صياغة الشخصية بأسلوب روائي معاصر معتمدا على التاريخ، ملتجئا إلى الخيال لملء الفراغ في نص صاحب السيرة بطل الرواية.
كما تثير هذه الرواية قضايا مهمة تاريخيا، مثل قضية الموريسكيين وتكرارها عبر التاريخ، وقضية الاضطهاد باسم الدين وبسببه، وقضية الاندماج الثقافي والحضاري، والحوار بين الأديان ونسبية الانتماء الديني، والثورات الشعبية.
زمن أحداث ووقائع الرواية هو الفترة التاريخية الممتدة ما بين 1597 و1642م، وفيها يروي شهاب الدين عن محنة الموريسكيين وكيف تحولت حياتهم بعد سقوط الأندلس وغرناطة تحديدا (آخر معقل للوجود العربي بالجزيرة الإيبيرية).
شهاب الدين واحد من هؤلاء الموريسكيين الذي بعد أن خسر أعز ما يملك في إسبانيا اختار الهجرة إلى المغرب مضطرا، وفي الجزء الثاني يصور قصته مع الغربة وكيف استطاع أن يكون نفسه من جديد ويصير كاتبا لدى السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي، وفي هذا القسم نتعرف معه الصعوبات التي واجهها.
"الموريسكي الأخير".. تصل القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد
في روايته «الموريسكي الأخير» التي صدرت عن الدار المصرية اللبنانية سنة 2015 ودخلت القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب سنة 2016، يبدو الكاتب صبحي موسى شغوفاً باستعادة التاريخ من أجل مساءلة الحاضر، وتفكيكه، واستكناه نقاط القوة والضعف فيه.
يستعرض موسى في روايته تلك أحوال المسلمين الذين ظلوا في الأندلس بعد سقوط غرناطة، والذين اضطروا إلى التظاهر بدخول المسيحية بعد صدور قرار من قبل الملكين الكاثوليكيين إيزابيلا وفرناندو بتنصير كل من على أرض مملكتهما، وحرق كل الكتب العربية، ومنع ارتداء الزي العربي، أو التحدث باللغة العربية، أو حمل ألقاب أو أسماء عربية، ومن ثم بات أولئك المسلمون يعرفون بالموريسكيين، وأصبحت حياتهم عرضة لمحاكم التفتيش الإسبانية التي صارت تراقب أحوالهم اليومية للتأكد من أنهم يمارسون الشعائر الدينية التي أجبرهم عليها الحكام الإسبان، وتعرض الكثير منهم جراء ذلك للتعذيب ومصادرة الأراضي والتهجير، وجملة انتهاكات كثيرة مازالت حتى الآن لم تلق أي مساءلة ولا محاكمة، ولا حتى اعتذار لأولئك الذين قرروا أن يعيشوا هناك في أرضهم ويتحملوا عسف وجور السلطة الإسبانية التي فرضت عليهم ثقافة غير ثقافتهم.
"حصن التراب..حكاية عائلة موريسكية" لأحمد عبد اللطيف
فى عام 2017 صدرت رواية "حصن التراب.. حكاية عائلة موريسكية" للكاتب أحمد عبد اللطيف عن دار العين للنشر.
تتناول رواية "حصن التراب" - وهى قرية إسبانية قريبة من غرناطة - مرحلة حرجة فى التاريخ العربى والغربي: مرحلة سقوط الحضارة الإسلامية فى الأندلس وما تبعها من نصب محاكم التفتيش وتعذيب المسلمين وتنصيرهم، ومن خلال عائلة محمد دى مولينا، يحيك المؤلف رواية أجيال تمتد على مدار ثلاثة قرون، تنطلق من قبل سقوط غرناطة عام 1492 وتنتهى بأزمة أفراد العائلة الذين وصلوا تطوان بعد التهجير وتجسدت أزمة الهوية: إذ طردوا من إسبانيا لأنهم مسلمون عرب واضطهدوا فى تطوان لأنهم مسيحيون إسبان.
"سر الموريسكي".. رواية ترصد مأساة شعب الموريسكيين
عام 2021 صدر رواية "سرّ الموريسكي" للكاتب العُماني محمد العجمي، التي تنهل أحداثها وتأملاتها وأفكارها من التاريخ، بدءا من نشوء المطبعة العربية في أوروبا والتنافس على المخطوطات العربية بين المستعربين في القارة العجوز، مرورًا بمأساة شعب الموريسكيين خلال وبعد طردهم من إسبانيا سنة 1609.
"الموريسكية".. للكاتب التونسى حسنين بن عمو
صدر فى عام 2021 رواية "الموريسكية" للكاتب التونسى حسنين بن عمو، والتى تعد الجزء الثانى له من ثنائية "الأندلسية/ الموريسكية" والتى ترصد معاناة الموريسكين تحت طائلة حكم القشتاليين إبان سقوط حكم الأندلس سنة 1492 وتهجيرهم قسراً إلى العديد من بقاع العالم.
بعنوان “جزيرة البكاء الطويل”، صدرت رواية أولى للشاعر المغربي عبد الرحيم الخصار، يستعيد فيها ذكرى مصطفى الأزموري، المغربي الذي كان من “مستكشفي” أمريكا، وذلك فى شهر يونيو الماضى، وتتناول ما تعرض له الموريسكيين فى إسبانيا من ظلم.
ويقول الكاتب عن هذه الرواية أيضا “عن الحب الذي لم يكتمل، عن الصداقة والخيانة، والألم والظلم الإنساني الذي مورس على سكان مدينة أزمور في المغرب، وعلى الموريسكيين في إسبانيا، وعلى الهنود الحمر في موطنهم”.