طه حسين والتمويل السرى.. هل أنقذ عميد الأدب العربى موالد المنيا من الاختفاء؟
«كبار القوم وأعيان البلد، مثل الطلبة وطبقة الأفندية نادرًا ما يرتادون الموالد، وكقاعدة فإنهم غير مهتمين بها، ولكننى لم أعرف أحدًا منهم كان معاديًا لها، إن للأثرياء نواديهم ورياضاتهم، واهتماماتهم بالفن والثقافة والسياسة، التى لا شأن للفقير بها، وهم يؤمنون بالمثل «عش وجع الغير يعيش»، كثير منهم يذهب إلى «التشريفة» والاحتفالات الدينية والتاريخية التى تحدد الافتتاح والختام: وعدد ليس بالقليل منهم يدعم المظاهر الاحتفالية الشعبية أيضًا بالمال والنفود على سبيل المثال، فإن اليد السخية لوزير الصحة حامد محمود باشا هى التى تدعم مولد طوخ، كذلك فإن الدكتور طه حسين أنقذ مولد بلده "مغاغة"».. بهذه الكلمات كشف المستشرق «ج.و.مكفرسون» فى كتابه "الموالد فى مصرط من ترجمة الدكتور عبدالوهاب بكر عن الدعم المادى والعيني لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين للموالد فى محافظته المنيا.
عندما كتب "مكفرسون" هذا الكتاب عام 1939 كان الدكتور طه حسين أعيد إلى الجامعة المصرية بصفة أستاذ للأدب، ثم بصفة عميد لكلية الآداب بعد كتابه "فى الشعر الجاهلى" وبسبب خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها حتى عام 1942، سنة تعيينه مديرًا لجامعة الإسكندرية، إضافة إلى عمله الآخر كمستشار فني لوزارة المعارف، ومراقب للثقافة في الوزارة عينها. وفي عام 1944 ترك الجامعة بعد أن أُحيل إلى التقاعد.
من المفارقات أنه رغم دعوة الدكتور طه حسين إلى نهضة أدبية وعلمية حيث استطاع نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير، أنه كان من الداعمين للموالد التى وصفها "مكفرسون" بـ"تجمعات للمهمشين الذين يأتون إليها من أجل ممارسة طقوس دينية علمانية حول الأضرحة".
ما أبرز الموالد فى المنيا؟
تشهد محافظة المنيا العديد من الموالد حول الأضرحة، إضافة إلى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، واحتفالات مولد العذراء بمنطقة جبل الطير الأثرية داخل مركز سمالوط شمال محافظة المنيا.
ومن أبرز الموالد التى تحتفل بها محافظة المنيا احتفالات مولد سيدي أحمد الفولي في المنيا، حيث تمتلئ ساحات مسجد سيدي أحمد الفولي بأحباب آل البيت، وتقام كل عام وتستمر ما يقرب من أسبوع.
ويعد مسجد سيدي الفولى هو أكبر وأهم مسجد بمحافظة المنيا ويشهد جميع الاحتفالات الدينية ومنها ليلة الإسراء والمعراج، كما أن الشيخ أحمد الفولى هو واحد من العارفين الصالحين.
يأتى إلى المسجد للاحتفال بمولده عدد كبير لمحافظة المنيا وكذلك المحافظات الأخرى للمشاركة في الاحتفال وتقديم الطعام والوجبات للزائرين.
الشيخ أحمد الفولي من علماء الأزهر الشريف، ولد عام 990 هــ وتوفى 1067 هـ، ولقب بالأستاذ لأنه كان عالمًا بالأزهر الشريف وله العديد من المؤلفات العلمية وله تلاميذه ودفن فى ضريح خاص بزاويته التى تم إنشاؤها فى حياته على شاطئ النيل الغربى، وقد أطلق اسمه على المنيا فأصبحت منيا الفولى نظرًا لمكانة الشيخ لدى محبيه.