«الماس الكهربائي».. متهم لم تثبت إدانته في حرائق الكنائس
لم يكن التأثير النفسي السلبي الذي خلفه حادث حريق كنيسة “أبوسيفين” بإمبابة الذي وقع صباح الأحد وراح ضحيته 41 شهيدًا و14 مصاباً، اندمل بعد في نفوس المصريين جميعا الذين حزنوا على مشاهد النار والدم التي طالت مصريين مسيحيين أثناء حضورهم لصلاة قداس الأحد، وخلال دقائق تفحمت الجدران ومعها احترقت قلوب ذوي المتوفيين والمصابين بفعل ماس كهربائي وفق التحقيقات الأولية. وفي وقت لم تنتهي بعد آثار الحادث فوجيء الجميع بتداول أخبار أخرى عن حريق بالدور الأرضي في كنيسة “الأنبا بيشوي” بالمنيا، وذلك نتيجة حدوث ماس كهربائي أيضًا، ولكن دون وقوع إصابات.
“الماس الكهربائي” حسبما جاء في نتائج التحقيقات الأولية وحسب شهادة شهود العيان كان هو العنصر المشترك والسبب الرئيسي، وراء كل من حريق كنيسة "أبو سيفين" وكنيسة "الأنبا بيشوي"، وذلك في الوقت الذي حذرت فيه هيئة الأرصاد الجوية من الاضطراب في درجات الحرارة وارتفاعها عن معدلاتها الطبيعية نوعًا ما، إذ أنه من الملاحظ أن حرائق الكنائس ارتبطت بفصل الصيف أكثر منه في الشتاء وغيره، حيث ارتفاع درجات الحرارة، وكثرة الأحمال على الكابلات الكهربائية.
"الدستور" حللت بعض الأرقام المرتبطة بالحرائق المحدودة التي تعرضت لها الكنائس العام الماضي، ويأتي من بينها حادث "أبو سيفين" المؤلم لمحاولة فهم السبب الأكثر احتمالاً.
حريق كنيسة العمرانية
كانت قد تعرضت كنيسة بمنطقة العمرانية بشهر يوليو الماضي إلى بعض من شرارة الحريق دون وقوع أي إصابات، إذ تلقت غرفة عمليات شرطة النجدة بالجيزة، بلاغًا من بعض الأهالي بمنطقة العمرانية، يفيد باندلاع حريق داخل داخل كنيسة بالمنطقة ذاتها، وعلى الفور انتقلت قوة أمنية إلى مكان الحادث مصحوبة بسيارات إسعاف لاحتمالية وقوع مصابين.
حريق كنيسة الأنبا بولا
كذلك قد أنقذت العناية الإلهية في يوم 8 من الشهر الحالي وبفضل التحرك السريع من قبل قوات الحماية المدنية كنيسة الأنبا بولا بمدينة نصر أول بالقاهرة، من وقوع حريق محقق بعد أن تلقت عمليات الحماية المدنية بالقاهرة بلاغا بنشوب حريق بمخزن الكنيسة.
وتبين من المعاينه الأولية أن الحريق أيضًا قد شب نتيجة ماس كهربائي في إحدى تكييفات الكنيسة وانتشرت النيران داخل مخزن الملابس بها على مساحه ٥ متر في متر تقريبا وتم الانتهاء من عمليات التبريد وتحرر محضرا بالواقعة.
إلا أنه ومن جانبه الدكتور جمال السيد خبير الأرصاد الجوية أننا لا يمكن أن نلقي باللوم على ارتفاع درجات الحرارة وحدها حاليًا ونتهمها بالتسبب في حرائق الكنائس، موضحًا أننا قد وصلنا من قبل إلى معدلات ارتفاع في درجات الحرارة أكثر بكثير مما نعيشه هذه الأيام مثل وصول بعض محافظات الصعيد إلى 45 درجة في الظل، مُشيرًا إلى أننا نعيش حاليًا في درجات حرارة أقرب إلى الطبيعية.
في الوقت نفسه أشار جمال إلى أن العيب هنا قد يكون عيبًا تقنيًا في الأجهزة الكهربائية نتج عن تحملها الضغط الكهربائي في فترات الصيف الشديدة بالفترات السابقة، والتي لم يحدث للأجهزة الكهربائية أثناؤها وبعدها صيانة فأصبحت ضعيفة ومتهالكة بفعل هذه الدرجات مما جعلها لا تتحمل أي ضغط كهربائي، كما أشار إلى الأسلاك الكهربائية التي يرجح تعرضها لنفس الأمر، مُشيرًا إلى أن الإهمال في أي من ذلك يسبب بالفعل حدوث حرائق.
وقد حذر جهاز تنظيم وحماية مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، المواطنين، بضرورة الانتباه عند تشغيل الأجهزة الكهربائية لفترات طويلة في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مثل التكيفيات والمراوح والأجهزة المختلفة.
كما أعلن مرفق تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك من خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، عن عدة خطوات يجب الالتزام بها في حالة نشوب أي ماس كهربائي داخل الوحدات السكنية، أو المحال التجارية، وكذلك داخل المؤسسات، وذلك لضمان احتواء أي حرائق، والمحافظة على سلامة المواطنين.
تؤثر على المولدات الكهربائية وتؤدي إلى الحريق
كذلك أكد اللواء خالد حنفي الخبير الأمني في خاصة لـ“الدستور”، أن ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الحمل على الكهرباء، يُضطر معه إلى الاستعانة بمولدات كهربائية لتوليد الكهرباء في حال انقطعت الكهرباء، موضحًا أن استخدام تلك المولدات له العديد من الضوابط أهمها ضرورة وضع المولد خارج المنشأة وليس داخلها على الإطلاق، وذلك لاحتواء المولد على السولار الذي قد يتسرب إلى أي مادة قابلة للاشتعال بالمكان مما يؤدي إلى تفاقم الحريق مثلما حدث في كنيسة “أبو سيفين”.
وتابع حنفي أن المولد أيضًا ينبعث منه غاز أول أكسيد الكربون منه أثناء التشغيل مما يعرض حالة الأشخاص المتواجدة بالقرب منه في المكان المغلق إلى الاختناق.
أضاف أنه حتى في حال وضع المولد خارج المنشأة لابد من وجود عنصر بشري لمراقبة عمل هذا المولد والتأكد من عمله بجودة مُشيرًا إلى أن تشغيله في العادة لا يستغرق وقتًا طويلًا، كما أشار إلى أنه ينبغي الاستعانة بمولدات جيدة الصنع وتتحمل الأعباء الكهربائية الزائدة في فصل الصيف.
جدير بالذكر أنه في كنيسة "أبوسيفين" كان المولد الكهربائي الذي تسبب في الشرارة الأولى للحريق كائنًا بالدور الثالث في مبنى الكنيسة، وهو ما يخالف الاشتراطات الأمنية لتشغيل المولدات.
وكانت قد أعلنت وزارة الصحة عن دفعها بـ4 سيارات إسعاف لموقع حريق كنيسة الأنبا بيشوي بالمنيا، وأكد الدكتور حسام عبد الغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الحريق لم يسفر عن أي وفيات فيما تعرض مواطن واحد للاختناق جراء الدخان المتصاعد من موقع الحريق، وتم إسعافه في موقع الحادث وحالته لا تستدعي النقل للمستشفى.
كما أضاف “حنفي” أن الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، يتابع الحادث ووجه برفع درجة الاستعداد في مستشفيات المنيا العام، والمنيا الجامعي، والتأمين الصحي، مُشيرًا إلى أن سيارات الإسعاف ستتمركز في موقع الحادث لحين الانتهاء التام من أعمال الإطفاء والتبريد تحسبًا لأي مستجدات.
كما أوضح "عبدالغفار" أن سيارات الإسعاف وصلت إلى موقع الحريق خلال 6 دقائق من تلقي البلاغ، مشيرًا إلى أن غرفة عمليات الإسعاف تلقت البلاغ في تمام الساعة 2.30 مساء، فيما وصلت سيارات الإسعاف في تمام الساعة 2.36 مساء.
حريق كنيسة أبو سيفين
وكان قد تسبب حريق كنيسة أبو سيفين في حي إمبابة أثناء إقامة قداس صباحي الأحد، في مقتل 41 شخصا بينهم 15 طفلُا، حيث كانت كنيسة أبو سيفين مكتظة بالمصلين المشاركين في قداس صباحي من بينهم أطفال كانوا مع آبائهم أثناء إقامة تلك الشعائر الدينية.
وكان هناك أطفال يتلقون دروسًا في روضة الأطفال بالدور الأول من مقر الكنيسة المكون من 4 طوابق الذي يرجح أن الحريق بدأ فيه بسبب ماس كهربائي.
كما أكدت وزارة الصحة أن أغلب الوفيات نتجت عن حالات اختناق بسبب استنشاق الدخان الناجم عن الحريق. كما وقعت بعض الوفيات بسبب التدافع أثناء محاولة الفرار من الحريق عبر مخرج مغلق.