جهود ونجاح قوى.. لماذا تم تجديد الثقة فى وزير الخارجية؟
أعلن مجلس النواب، اليوم السبت، في جلسة طارئة، عن التعديل الوزاري الذي وافق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالتشاور مع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، حيث كشف عن تجديد الثقة في وزير الخارجية سامح شكري، ليبقى في منصبه.
وتمكن وزير الخارجية من إحراز نجاحات واضحة ومهمة خلال توليه حقبة وزارة الخارجية على صعيد العلاقات الإقليمية والعربية والعالمية، بالإضافة إلى تعزيز مكانة مصر في المجتمع الدولي والدفاع عن مصالحها بما يتسق مع الحفاظ على أمنها القومي في كافة المحافل الدولية.
ونجح شكري في عكس رؤية القيادة السياسية لدور مصر الخارجي في الملفات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وغيرها من القضايا ذات الاهتمام الدولي.
العلاقات الأوروبية واتفاقات الغاز
وكثف وزير الخارجية جهوده من أجل تقوية العلاقات المصرية الأوروبية لتشمل تعاونا أوسع وملفات تعاون غير تقليدية في العديد من المجالات بداية من الغاز حتى الطاقات النظيفة والوقود الأحفوري.
ووقع وزير الخارجية، خلال شهر يونيو الماضي، وثيقة أولويات المشاركة، التي تمتد حتى عام 2027، وتنص على كثير من مجالات التعاون بين الجانبين بينها الطاقة النظيفة، والتعليم، والاقتصاد الأخضر، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والكهرباء.
ونجحت الخارجية- خلال تولي شكري لمنصبه- في كسب ثقة دول الاتحاد الأوروبي للاعتماد على مصر كمركز إقليمي رئيسي للغاز، ولتأمين احتياجات الدول الأوروبية منه، في ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم.
وظهر ذلك جليًا في تأكيد الاتحاد الأوروبي لأهمية مصر في مجال الطاقة، بالإضافة إلى توقيعه على اتفاق ثلاثي مع مصر وتل أبيب من أجل تصدير الغاز الإسرائيلي عبر محطات الإسالة ومنصات الغاز المصرية.
وتمكنت الاستراتيجية التي اتبعها وزير الخارجية في عكس رؤية القيادة السياسية في تغيير معادلة التعامل مع مصر ودول العالم، بأن تقوم على المنفعة المتبادلة للجانبين، وليست علاقة مانح بمتلق.
سد النهضة وتأمين مصالح مصر المائية
نجح وزير الخارجية في تدويل قضية أمن مصر المائي، وهي أحد الملفات الموجودة على رأس أولويات الدبلوماسية المصرية، حيث وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، تحديدًا فيما يخص ملف سد النهضة الإثيوبي، بعد التعنت الذي تمارسه «أديس أبابا» في اتخاذ خطوات أحادية الجانب باستمرار ملء السد دون تنسيق مع مصر والسودان.
وتمكن سامح شكري من إعادة طرح قضية سد النهضة أمام مجلس الأمن، لعدة مرات، كان آخرها الرسالة الرسمية التي أرسلها وزير الخارجية، منذ نحو أسبوعين، إلى المجلس التابع للامم المتحدة، وأكد فيها رفض مصر القاطع للخطوات أحادية الجانب من إثيوبيا، واحتفاظها باتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على أمن مصر المائي.
وكذلك، تمكنت جهود الدبلوماسية المصرية وشكري من طرح القضية مع دول الاتحاد الأوروبي، ودول القوى الغربية مثل فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبدورهم أكدوا تفهم موقف القاهرة وحفاظها على أمنها المائي وضرورة العودة إلى التفاوض وعدم اتخاذ أديس أبابا لأي إجراءات أحادية.
العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا
أحرز وزير الخارجية تقدمًا واضحًا في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، خلال الشهور القليلة الماضية، سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو التنسيق في العديد من الملفات الإقليمية والدولية.
وأكد العديد من المسؤولين الأمريكيين، في مناسبات عدة، أن العلاقات مع مصر وصلت لأعلى مستوياتها، خاصةً بعد عقد الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن خلال شهر نوفمبر الماضي.
من جانبه، شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في وقت سابق، على التوافق الكبير في المواقف بين مصر والولايات المتحدة، وأن هناك علاقات صداقة قوية بين البلدين، تقوم على أسس الصداقة والتعاون، وأن هناك توجها للمزيد من التطور في تلك العلاقات.
واستغلت الإدارة الأمريكية فرصة عقد الحوار الاستراتيجي برئاسة شكري وبلينكن، لتؤكد أن مصر تعد أكبر سوق تصدير للسلع الأمريكية في إفريقيا، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الأمريكية في مصر تبلغ 24 مليار دولار.
دعم القضية الفلسطينية
تمكن وزير الخارجية من ترسيخ موقف مصر الثابت دائمًا بضرورة دفع عملية السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما شدد عليه البيان، الذي صدر عن بعثة مصر أمام مجلس الأمن، خلال الأسبوع الماضي.
ويبذل وزير الخارجية جهودًا قوية سواء في لقاءاته مع الأطراف الفلسطينية أو الإسرائيلية، وكذلك حضوره القوي في المحافل الدولية، لتأكيد أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للمنطقة بأسرها، وأن مصر تسعى لدفعها نحو طاولة السلام.
ويعقد وزير الخارجية لقاءات متعددة مع نظرائه الفلسطينيين والأردنيين، من أجل بحث القضية الفلسطينية، كما ساهمت وزارة الخارجية في إرساء حالة الهدوء في قطاع غزة المحاصر.
وكذلك، يؤكد شكري دومًا على حق الفلسطينيين في العيش على أراضهم، وإدانة التوسع الاستيطاني، بالإضافة إلى ممارسة الضغوط لمنع تهجير الفلسطينيين من منازلهم في العديد من أحياء القدس الشرقية، وكذلك التشديد على ضرورة عدم انتهاك المقدسات الدينية، وإدانة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك.
حل أزمة «أوكرانيا- روسيا».. وتأمين الجالية المصرية
وبذلت وزارة الخارجية، وسفاراتها في أوكرانيا ودول الجوار لها، جهودًا ضخمة في تأمين خروج الجالية المصرية من مناطق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتوفير كافة احتياجاتهم، بالإضافة إلى إنجاز الإجراءات اللازمة لإعادتهم إلى أرض الوطن.
ودشنت وزارة الخارجية غرفة طوارئ لمتابعة أدق التفاصيل حول الجالية المصرية والبعثة الموجودة في أوكرانيا، حتى تمكنت من نقلهم إلى دول الجوار بالتنسيق مع السلطات هناك، وتوفير أماكن معيشة لهم، كما وفرت الدولية المصرية طائرات لإجلائهم إلى القاهرة.
في السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية جولة –على رأس وفد عربي ضم أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية– للقاء المسؤولين من الجانبين الروسي والأوكراني من أجل بحث سبل إيقاف العملية العسكرية، والعمل على تسوية الأزمة بين موسكو وكييف عبر الحوار، حيث أعرب شكري استعداد مجموعة الاتصال العربية للقيام بجهود وساطة لدعم مسار التفاوض بين روسيا وأوكرانيا.
وتستمر جهود شكري ووزارة الخارجية في متابعة مستجدات الأزمة الأوكرانية، وبحث الحلول الممكنة عبر الاتصالات التي تجرى مع وزيري خارجية أوكرانيا «دميترو كوليبا»، والروسي سيرجي لافروف، الذي أجرى زيارة إلى القاهرة الشهر الماضي، ضمن جولة إفريقية.
وحرص وزيرا الخارجية الروسية والأوكرانية على إطلاع سامح شكري على مستجدات الاوضاع في الأزمة بين كييف وموسكو، ومن ثم بحث آليات الحل الممكنة.
إنجاح استضافة مصر لقمة المناخ «COP27»
يترأس وزير الخارجية الدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP27»، كما يبذل جهودًا واضحةً من أجل عكس الرؤية المصرية لمواجهة ظاهرة تغير المناخ أمام العالم، والانتقال من مرحلة الوعود إلى تنفيذها.
ويروج وزير الخارجية لرؤية القيادة المصرية لمكافحة تغير المناخ، واعتماد التجربة المصرية في سعيها للتحول إلى «المدن الخضراء» وتوسيع انتاج الطاقة النظيفة والاعتماد عليها، وخفض انبعاثات الكربون.
وكذلك، يعمل وزير الخارجية على تحقيق ضرورة رفع طوح عمل المناخ والوفاء بتعهد الـ100 مليار دولار كتمويل للدول النامية في مواجهة تغير المناخ، بالإضافة إلى تعزيز العمل الاجتماعي والمسؤولية المشتركة للعمل بشكل فعال على تنفيذ الالتزامات والحفاظ على الأهداف التنموية للبشرية.
ويعمل ويزر الخارجية على تنفيذ، وكذلك الترويج، لأجندة مصر الطموحة بشان مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ في ظل استضافتها «COP27».
وكذلك، يسعى شكري لتنفيذ أجندة مصر بالبناء على الزخم السياسي في عمل المناخ العالمي لحث الدول والحكومات على تقديم المزيد من المساهمات الوطنية من أجل تقليص الفجوة الكبيرة في جهود خفض الانبعاثات التي لا تزال تحتاج إلى مزيد من العمل لمنع تجاوز حد الدرجة ونصف درجة مئوية كما تشير كافة التقريرات العلمية.