حيثيات الحكم على 215 متهمًا فى قضية «كتائب حلوان»
أودعت الدائرة الأولى بمحكمة جنايات طرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، حيثيات حكمها على 215 متهما في القضية رقم 4459 لسنة 2015 جنايات حلوان، والمقيدة برقم 321 لسنة 2015 كلي جنوب القاهرة، والمعروفة إعلاميًا بـ"كتائب حلوان".
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين رأفت زكي وحسن السايس، وبحضور حازم عامر وكيل النائب العام، وحمدي النشاوي الأمين العام لمأمورية طرة، وسكرتارية شنودة فوزي.
حيثيات الحكم على 215 متهمًا فى قضية كتائب حلوان
وقالت المحكمة في حيثيات حكم «كتائب حلوان»: بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة وأقوال المتهمين الحاضرين وسماع شهود الإثبات وسماع المرافعة والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا، وحيث قدمت النيابة العامة أثناء نظر الدعوى بالجلسات ما يفيد وفاة بعض المتهمين أثناء المحاكمة، وحيث إنه من المقرر قانونًا أنه إذا حدثت الوفاة بعد رفع الدعوى الجنائية أمام المحكمة فإن الخصومة تقف بقوة القانون لحظة الوفاة، وعلى المحكمة أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية للوفاة عملًا بالمادة (14) فقرة (1) من قانون الإجراءات الجنائية.
لما كان ذلك، وكان الثابت أن المتهمين أحمد صابر محمود محمد، وعماد حسن علي علي سلامة، وجمعة محمد حسن جنيدي، عبدالرحمن يوسف أحمد أحمد، مصطفى طلعت طلعت أحمد، محمد عباس حسين جاد، حسام حامد حسن علي، مصطفى يوسف أحمد مهدي، قد توفوا بتواريخ لاحقة على رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها أمام المحكمة، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية قِبلهم للوفاة عملًا بالمادة 14 فقرة (1) من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن وقائع هذه الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من مطالعة أوراق هذه الدعوى والقضايا المنضمة إليها، وما دار بشأنهم بجلسات المحاكمة تتحصل في أن جماعة تأسست عام 1928 على يد مرشدها العام حسن البنا، وأطلقت على نفسها اسم تنظيم الإخوان، واتخذت من محافظة الإسماعيلية نواة لها ثم انتشرت فى ربوع الأراضى المصرية، واتخذت من الدين ستارًا وذريعة لنشر أفكارها، وكان حلم هذه الجماعة هو إسقاط الدولةُ المصرية تمهيدًا لإقامة الدولة الإخوانية التي تنفذ أحكام إسلام الجماعة.. حسب فَهمَهُم للدين.. والمبين في الأصولِ العشرين.. التي وضعها حسن البنا لفهم الإسلام، فروجوا لأهدافهم التى كانت تدور حول أمرين، أولهما ظاهر وهو السعي لإقامة الخلافة الإسلامية، وثانيهما حقيقي وهو السعي للسيطرة على مقاليد الحكم، وذلك بإضعاف عمل مؤسسات الدولة ومنعها من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، وتكدير الأمن والسلم العام للبلاد، واتخذوا من الإرهاب وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، غير عابئين بما يمكن أن يُخلفه ذلك من أضرارٍ قد تصيب كبد الوطن.. فيضحى إلى زوال، ضللوا الأمة بكثير من الآراء والفتن، روجوا ضَلالات ودِعايات، انخدع بها الكثيرون، أغروهم بها وفتنوهم، فدعا لها من دعا من غير علم ولا بصيرة، فتن ومصائب انخدع بها من انخدع واغتر بها من اغتر حتى ظنوا أنها الحقائق فاختاروا أحدهم لحكم البلاد عام 2012، وبعد فشل الرئيس الإخواني محمد مرسي في إدارة شئون البلاد عزله الشعب بثورته في 30/6/2013 فثارت حفيظتهم واكتظمهم الغيظ، وهبوا للانتقام ممن قام به أو شارك فيه أو آزره، وجمعتهم العداوة والبغضاء تجاه رجال الجيش والشرطة لكونهم من المؤازرين للشعب في ثورته، فصدرت التعليمات من قيادات الجماعة بإعادة تفعيل عمل لجان العمليات النوعية لإسقاط النظام القائم بالدولة والعمل على تعطيل الدستور، وذلك من خلال إثارة الرعب والفزع بين المواطنين، ومنذ ذلك الحين عمدت تلك الجماعة وأفرادها إلى التجمهرات، وإتلاف الأملاك العامة والخاصة باستخدام الأسلحة النارية والعبوات المفرقعة والزجاجات الحارقة والتعدي على أفراد القوات المسلحة والشرطة واستهداف المنشآت الشرطية والمنشآت الحيوية ذات النفع العام كأبراج الكهرباء وغرف تحكم الغاز الطبيعي ومواسير المياه.
وشمل عمل اللجان النوعية جميع محافظات الجمهورية، فقاموا بوضع مخططٍ عام في أعقاب فض اعتصاميْ رابعة والنهضة يهدف إلى إشاعة الفوضى بالبلاد ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين وصولًا لإسقاط الدولة ومؤسساتها عن طريق تشكيل لجانٍ نوعية تتولى تنفيذ أعمال عدائية ضد أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما وتخريب المنشآت العامة خاصة أبراج ومحولات الكهرباء، ولضبط العديد من عناصر الجماعة المشاركين في تلك الأعمال العدائية اضطلعت قيادات بالجماعة بتطوير ذلك المخطط ليكون على محورَيْن، الأول قائمٌ على تنفيذ الأعمال الإرهابية، والمحور الثاني قائمٌ على الدعوة لتجمهرات وإدارتها لتكون مواكبة لتلك الأعمال للحيلولة دون الوقوف على مرتكبيها وتسهيل هروبهم، وذلك عن طريق تطوير لجان الجماعة النوعية، وتشكيل مجموعات مسلحة تابعة لها من عناصر الجماعة والموالين لها تتولى استخدام المفرقعات والأسلحة النارية والبيضاء والزجاجات الحارقة في تنفيذ أعمال عدائية ضد أفراد القوات المسلحة والشرطة وتخريب منشآتهما والمنشآت العامة، وقطع الطرق وإرهاب المواطنين، والدعوة لتجمهرات عبر صفحة ما يسمى تحالف دعم الشرعية على موقع التواصل الاجتماعي، وإدارتها على نحو يحول دون ضبط عناصر المجموعات المسلحة.
ونفاذًا لذلك تولى المتهمون أيمن أحمد عبدالغني حسنين، حسين زكي علي علي وشهرته الدكتور، محمود فواز محمود عبدالحليم عليان، محيي الدين محمد محمود زايط، أشرف وحيد الدين خليل عبدالفتاح، أحمد البيلي عبدالباري علي حركي أمير الرفاعي، يحيى السيد ابراهيم موسى حركي باسم ناجح، أحمد عبدالبديع أبو المعاطي حسانين حركي ياسر داود، حسن محمد السيد عبدالخالق اللباد حركي طايل، أحمد محمد عبدالجواد عبدالله، هيثم زهدي جمال الدين عامر، أحمد محمد محمد محمد الصعيدي، راشد عبدالله محمد راشد، عبدالرحيم مبروك الصاوي سعيد وشهرته عبدالله الصاوي، أحمد كمال أحمد عبدالرحمن وشهرته أحمد الطويل، أيمن محمد عبدالباقي، محمود قدري عبده محمود أبو الدهب وشهرته كيمو مسئولية اللجان النوعية لجماعة الإخوان النوعية بشرق وجنوب القاهرة وجنوب الجيزة التي تهدف إلى تغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة والمنشآت العامة والبنية التحتية لمرافق الدولة.
وتولى المتهمون حسين زكي علي علي وشهرته "الدكتور"، محيي الدين محمد محمود زايط، أشرف وحيد الدين خليل عبدالفتاح، أحمد سعد حسين مصطفى، مجدي محمد إبراهيم إبراهيم وشهرته "مجدي فونيا، محمود عطية أحمد عبدالغني، حسين رمضان عبدالمقصود عبدالحميد وشهرته "حسين كابّو"، سعيد مسعد عبد المجيد أبو علي وصحة أسمه سعيد فاروق عبد المجيد، خالد محمد عبدالوهاب علي عطيف، أشرف علي حامد علي نصار، عاطف علي حامد علي نصار، بدر محمد عبدالمقصود عطا الله خضر وصحة أسمة بدر محمد عبدالمقصود أحمد بدوي وشهرته بدر خضر، قيادة المجموعات المسلحة التابعة للجان النوعية سالفة الذكر لتنفيذ أغراضها والتي تهدف الى إشاعة الفوضى بالبلاد ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين وصولًا لإسقاط الدولة ومؤسساتها، وتولى المتهمون سالفو الذكر دور الزعامة والقيادة في هذه اللجان المسلحة والنوعية بالقاهرة والجيزة والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين وتدور في فلكها، وكان لهم على أعضائها حق السمع والطاعة وقامت هذه اللجان بتنفيذ أعمال عدائية ضد أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما وتخريب المنشآت العامة خاصة أبراج ومحولات الكهرباء.
حيثيات حكم الجنايات في قضية كتائب حلوان
والمحكمة تشير تمهيداً لقضائها أنها لا تساير النيابة العامة فيما أسبغته من وصف تولي القيادة بشكل مزدوج بالنسبة للمتهمين فى ذات الجماعة وبوصف أنهم تولوا قيادة في الجماعة النوعية وتارة أخرى تولوا قيادة في المجموعات المسلحة وترى أنهما جماعة واحدة وتُجرى قضائها على هذا الأساس، فقد نصت المادة (86) مكررًا /1 ،2 من قانون العقوبات على أنه (يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي.
ويعاقب بالسجن المشدد كل من تولى زعامة، أو قيادة ما فيها، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه، كما تنص المادة 86 مكررًا (أ)/1 من ذات القانون على أن (تكون عقوبة الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة الإعدام أو السجن المؤبد، إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة المذكورة في هذه الفقرة).
وتضمنت حيثيات حكم كتائب حلوان، حيث إنه من المقرر أن إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة أي تنظيم يتجلى في الأغراض المستهدفة منه أيًا كان الاسم المطلق عليه (جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة)، فإذا كان تكوين التنظيم بإنشائه أو تأسيسه مطابقاً للقانون لكن تنظيمه أو إدارته يهدف إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، فإن التنظيم يعد مُجرّماً ومخالفاً للقانون وفقًا للمادة 86 مكرر من قانون العقوبات، وقد استهدف المشرع من وراء تأثيم الأفعال المشكلة لهذه الجريمة حماية المصالح الأساسية للدولة التي تقوم عليها سيادتها الداخلية ضد نوع معين من أنواع الاعتداء أو الترويج له، وغني عن البيان أن هذه الأهداف المجرمة يجب أن تتجاوز حدود النقد المباح الذي شرعه الدستور وكفله القانون، فالمشرع استهدف تجريم الغاية التي تسعى الجماعة إلى تحقيقها، فالهدف أو الغاية التي تلاقت عليها إرادة الجناة وسعت في سبيل نجاحها وإنجازها للواقع العملي هو ما أراد المشرع المصري تجريمه في هذا النص، وكل ما يشترط أن يكون للتنظيم طابعًا تنظيميًا يجعله من الجماعات الإجرامية المنظمة.
وهذه الجريمة عمدية ويلزم لها بالتالي توافر القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى كل عناصر السلوك المادي للجريمة كما وصفه نموذجها في القانون، ويفترض التكوين تلاقى إرادات أعضاء التنظيم نحو الأغراض غير المشروعة التي يتوخى ارتكابها بغض النظر عن كيفية تحقيقها، وتتحدد أدوار أفراده وفق معايير وقيم الجماعة سعيًا لتحقيق هدف مشترك توافقت إرادتهم على تحقيقه، فإذا ما أعلنت النوايا وتلاقت الإرادات بين من كانت تعتمل في نفوسهم الأفكار أو بينهم وبين من تلقوا الدعوة فاستجابوا لها فإنه يتحقق بذلك إنشاء الجماعة، فإذا تولى شخص ما تسيير العمل في الجماعة على نحو تتحقق به أهدافها فتلك هي الإدارة، وقد أثَّم المشرع تولى وضع قيادي في المنظمة أو الجماعة التي أسست على خلاف أحكام القانون، سواء في أعمال التنظيم كله أو في جزء من أعماله.
والقيادة أحد مستويات الهيكل التنظيمي، ولها تأثير تنفيذي على أعضاء الجماعة في وجوب اتباع أوامر القائد وتوجيهاته بحكم القواعد التي تحكم التنظيم، وتشترك القيادة مع الزعامة في معنى القدرة على التأثير والتوجيه لكنهما يختلفان في أن الزعامة تتميز بمستواها الأعلى وتأثيرها المعنوي في إدارة التنظيم، وقد تتعدد الزعامات والقيادات في التنظيم الواحد وهذه الجريمة عمدية ويلزم لها بالتالي توافر القصد الجنائي وهو انصراف إرادة الجاني إلى كل عناصر السلوك المادي للجريمة كما وصفه نموذجها في القانون، فيلزم أن تكون إرادة المتهم قد اتجهت إلى إدارة وتنظيم الجماعة لتحقيق الأهداف سالفة الذكر.
وحيث إنه عن الغرض الإرهابي فقد حدد القانون المقصود بالإرهاب في المادة 86 عقوبات التي تنص على أن (يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح).
وحيث إنه من المقرر أن الإثبات الجنائي يخضع لمبدأ الإثبات الحر، وهو ما يعنى الاعتراف للقاضي الجنائي بحرية كاملة في تكوين عقيدته عن الدعوى وفقًا لما يمليه عليه اقتناعه الشخصي محمولًا على الأدلة التي اطمأن إليها وجدانه واستراح لها ضميره إثباتًا ونفيًا، وأن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة، إذ لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهى إليه.
وكان من المقرر أن أخذ المحكمة باعتراف متهم على متهم غيره، مسألة موضوعية ترجع لتقدير المحكمة وحدها، وهي حرة في تكوين عقيدتها بالنسبة لكل متهم على حدة، ولها في سبيل ذلك حق تجزئة أقوال أي متهم أو شاهد دون أن يعتبر ذلك تناقضًا أو تعارضًا يعيب حكمها.
وحيث إنه عن القرائن في مجال الإثبات الجنائي فإن القرينة القضائية هي علاقة بين واقعتين إحداهما معلومة والأخرى مجهولة، وإثبات الواقعة المجهولة يكون عادة صعبًا لهذا فإن الإثبات يرد على واقعة أخرى أيسر من إثبات الواقعة الأولى، وعليه فإن القرائن بوجه عام تتضمن دائما استبدال لمحل الإثبات. وعرفت القرينة القضائية كذلك على أنها القرينة التي يترك أمر استنباطها للقاضي يستنبطها من ظروف القضية وملابساتها، فالقاضي يختار واقعة معلومة من بين وقائع الدعوى، ثم يستدل بهذه الواقعة على الأمر المراد إثباته، وهناك ناحيتان في شأن القرينة القضائية، قيام واقعة ثابتة في الدعوى ولا يهم الطريق الذي ثبتت به الواقعة، فقد تكون ثابتة بشهادة الشهود أو الكتابة أو عن طريق الإقرار والناحية الأخرى استنباط الواقعة المراد إثباتها من هذه الواقعة الثابتة، كما عرفت في مواضع أخرى بأنها استنباط يقوم إما على افتراض قانوني أو على صلة منطقية بين واقعتين، والمحكمة في المواد الجنائية غير مقيدة بأدلة معينة ولها سلطة مطلقة في تكوين قناعتها سواء ببراءة المتهم أو إدانته من أي دليل تستخلصه مما يطرح عليها في الدعوى ولعل السبب في ذلك يكمن في طبيعة الجرائم التي هي عبارة عن وقائع مادية إرادية يجوز إثباتها بطرق الإثبات كافة، ومنها القرينة القضائية التي تستمد قوتها من مبدأ حرية القاض الجنائي في تكوين عقيدته.
وقد استخلصت المحكمة الدليل على تولى المتهمون قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون مع علمهم بأغراضها استنادًا إلى الأدلة القولية والكتابية للشهود والمتهمين.
فلهذه الأسباب عاقبت المحكمة 10 متهمين بالإعدام شنقًا، و56 متهمًا بالسجن المؤبد، و34 متهمًا بالسجن المشدد 10 سنوات، و53 متهمًا بالسجن المشدد 15 عامًا، و11 متهمًا بالسجن 15 عامًا، وبراءة 43 متهمًا، وانقضاء الدعوى الجنائية بحق 8 متهمين.