بعد حادثة طفل طنطا.. «العصب الحائر» الموت في كوب ماء بارد
تخيل أن كوب من الماء البارد في حرارة صيف يمكن أن يصبح هو الكوب القاتل والأخير في حياتك، هذا ما حدث مؤخرًا مع الطفل “سمير” في العقد الأول من عمره بمدينة طنطا بالغربية، عند مصرعه بعد إصابته بهبوط بالدورة الدموية في واقعة مأساوية وغريبة نتيجة تناوله كوبًا من الماء البارد بهدف الارتواء في جو شديد الحرارة.
تبين من التحريات الأولية أن الطفل "سمير" كان يلهو ثم شرب مياه مثلجة، ما تسبب في حدوث هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى وفاته.
"فتش عن العصب الحائر" كان هذا هو تعليق الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب السابق، على الواقعة موضحًا أن الماء البارد ينشط ما يسمى العصب الحائر.
وأوضح أن هذا العصب تسبب في بطء شديد في دقات القلب، أدى إلى هبوط في الدورة الدموية وإغماء نتج عنه الوفاة، مُشيرًا إلى أن الطفل في الغالب كان يعاني من متلازمة اختلال كامن Concealed terminal dysrhythmia في كهرباء القلب تم تنشيطها.
وأضاف “شعبان” عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن الاحتمال الثاني أن يكون aspiration الشرقة وتسرب الماء إلى الرئتين.
ولكن الأمر يدعو إلى طرح سؤالًا عن العلاقة التفصيلية بين ما يسمى العصب الحائر وشرب المياه الباردة.
استشاري علاج طبيعي: شرب الماء البارد يقتل العصب الحائر
حسب الدكتور سمير حسين استشاري علاج طبيعي، أن العصب الحائر هو العصب الذي ينقل الإشارات الحسية والحركية من الجهاز العصبي إلى كل الأعضاء الواقعة بين المخ إلى الأمعاء الغليظة ويتحكم في سرعة ضربات القلب، وعند الإصابة بهذا العصب يحدث إبطاء في معدل نبضات القلب، كما تتأثر حركة الأمعاء الدقيقة والغليظة ويتأثر النطق.
وتابع أن شرب الماء البارد يتسبب في مقتل هذا العصب، وبالتالي يؤثر ذلك على الجهاز الدوري من خلال تأُيره على القلب مما يسبب توقفه بشكل مفاجئ وحدوث الوفاة المفاجئة.
ولفت سمير إلى أن المقصود بالماء البارد هو الماء المُثلج الذي يلقى في الجوف دفعة واحدة، موضحًا أن هذه التنبيهات الشديدة للعصب تؤدي إلى تنبيه القلب، مما يفضي إلى توقفه عن العمل.
استشاري المخ والأعصاب: شرب الماء البارد يكون بوضع الجلوس وعلى ثلاث دفعات
أما الدكتور أحمد إبراهيم استشاري المخ والأعصاب قال أن الطريقة الصحيحة لشرب المياه الباردة لتفادي الإصابة بالعصب الحائر هو شرب الماء في وضع الجلوس وعلى ثلاث دفعات، موضحًا أن الدفعة الأولى من المياه تعمل على إنذار الجسم لتعطيه تنبيهاً بأن الماء قادم فيستعد.
وأضاف إبراهيم أن شرب المياه في وضع الجلوس يمكن الجسم من التخلص من جميع الترسبات الضارة، ومنها الترسبات التي تُسبب حصوات الكلى موضحًا أن الشرب على ثلاث دفعات يمنح الجسم القدرة على الحصول على الأكسجين بشكل كافٍ، وهو ما يؤدي إلى قيام الجسم بفرز الأنسولين، فيصل إلى جميع خلايا الجسم.
كما نصح استشاري المخ والأعصاب بشرب الماء المعتدل الحرارة أي ليس شديد البرودة أو المٌثلج، وذلك للحفاظ على صحة الجسم، وخاصة الكبد والمعدة والقلب، حتى لا يحدث توقف مفاجئ للقلب.
استشاري المخ والأعصاب: يحدث بسبب الحزن الشديد والجفاف
ومن جانبه أكد الدكتور نبيل زكي استشاري المخ والأعصاب أنه قد يصاب البعض بمرض "العصب الحائر" نتيجة الضغط النفسي مثل حالات الحزن الشديد، أو الإصابة بالجفاف، وكذلك نتيجة السهر أو الجلوس فترة طويلة دون حركة.
وتابع أن المصاب يتعرض إلى هبوط شديد في ضغط الدم ونخز في الصدر والقلب وتسارع ضرباته، موضحًا أن الكشف عنه يأتي بإجراء أشعة الأيكو علي القلب، و رسم القلب بالمجهود.
ويُعرف عن العصب الحائر أنه يتسبب في شعور الشخص بالإحساس الجسدي وخاصة في الأذن والحلق، والحنجرة والمرئ والرئتين، والقلب، وأجزاء من الجهاز الهضمي، كما أنه يعمل على زيادة الشعور بالتذوق، ويحفز العضلات في الحنجرة والمنطقة اللحمية بالقرب من مؤخرة سقف الفم، ويعمل على تحفيز الانقباضات اللاإرادية في الجهاز الهضمي بما في ذلك المريء والمعدة ويسمح للطعام بالحركة عبر الجهاز الهضمي.
وقد أطلق العلماء على التنبيه الشديد للعصب الحائر مصطلح "neurotic prohibition"، وهو ما يمكن ترجمته إلى "النهي العصبي"، مُحذرين من تسببه في الوفاة المفاجئة، فالإنسان عندما يشعر بالحر الشديد، فإن جسمه يشبه إلى حد كبير الآلة، وحالة العطش هذه تشبه وصول الآلة إلى درجة جهد عالٍ وسخونة شديدة، وهذه الآلة، وهي في تلك الحالة لو تم صب المياه عليها تحدث لها تشققات، وهذا بعينه ما يحدث لجسم الإنسان.