تفاصيل أعمال اليوم الثاني من مؤتمر «تحديات حماية الخصوصية في ظل الذكاء الاصطناعي»
تواصلت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر الدولي حول تحديات حماية الحق في الخصوصية في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، والذي تنظمه المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، ويختتم فعالياته اليوم.
يعقد المؤتمر بمشاركة خبراء بارزون في مجالات القانون وتكنولوجيا الاتصالات والإعلام وحقوق الإنسان من 23 دولة، وممثلون عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وممثلون عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وقيادات 32 منظمة حقوقية غير حكومية في 16 بلداً عربياً و7 دول أوروبية.
وعقدت الجلسة الثالثة من المؤتمر بعنوان "الذكاء الاصطناعي.. تحديات قانونية واجتماعية"، ترأست الجلسة الدكتورة نيفيين مسعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والكاتب الصحفي حمدي رزق، والدكتور سامح فوزي، كبير الباحثين بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة سهام الفريح، نائب رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان بالكويت.
قدم الكاتب الصحفي حمدي رزق، ورقة بعنوان "التنازل الطوعي عن الخصوصية الشخصية في معنى «أن تُترك وحدك».
واستعرض “رزق” في الورقة واقعة السيدة الأوكرانية التي ظهرت في مقطع فيديو أثناء وجودها بملابس داخلية في بلكونة منزلها لو تقدمت ببلاغ ضد من صورها ستكسب القضية، حتى لو عريانة لأنها كانت في بيتها"، مشيرا إلى أن النواب في مجلس النواب المصري عبروا، عن استيائها الشديد تجاه حادث نشر فيديو "سيدة التجمع"، ضحية انتهاك الخصوصية.
وأوضح “رزق” أن مصطلح الخصوصية، في الأصل هو مفهوم يشير إلى نطاق الحياة الخاصة، في العقود الأخيرة تطور على نطاق أوسع، ليضمن الحق في السيطرة على البيانات الشخصية، ويغطي مجال الخصوصية أيضا الأمن (سرية المعلومات) الذي يمكن أن يشتمل على مفاهيم مثل: الاستخدام المناسب وحماية المعلومات، وقد تأخذ الخصوصية شكل الحرية الجسدية، ويدخل حق عدم التعرض لانتهاكات غير قانونية للخصوصية من قبل الحكومة أو الشركات أو الأفراد في قوانين كثير من الدول وفي بعض الحالات في دستور الدولة.
واعتبر “رزق” ما وصفه بالإدمان الإلكتروني بأنه بلغ حد التترى في الانكشاف الإلكتروني، ومهما كانت عواقب التعاطي الإلكتروني مجحفة، وفضائحية، يصعب الإقلاع عن التعاطي، الوحشة الإنسانية التي باتت عليها العلاقات المجتمعية تحض على التماس الائتناس الإلكتروني، وهذا من حسن النوايا، والطريق إلى انتهاك الخصوصية مفروش بالنوايا الحسنة.
وقدم الدكتور سامح فوزي كبير الباحيثين بمكتبة الإسكندرية، ورقة بعنوان "إشكاليات سوسيو- ثقافية في ممارسة الحق في الخصوصية في ظل التطور التكنولوجي" أكد خلالها أن دراسة الخصوصية تواجه التحولات التي حدثت في دراسة العديد من المفاهيم الاجتماعية من حيث كونها صارت منطقة التقاء العديد من الانساق المعرفية Interdisciplinary، أو ما يٌعرف بالعلوم البينية، حيث صارت الظواهر الاجتماعية ذات طبيعة يتداخل عندها علوم مختلفة حتى وإن كانت – نظريا- تنتمي بحكم التخصص إلى فرع معرفي بعينه يواجه المجتمع المعاصر، منذ سنوات، تصاعد دور تكنولوجيا الاتصالات، والتي تؤثر في الخصوصية التي يتمتع بها الأفراد، والتي باتت تزداد ثقلا نتيجة التحول الذي رافق تفشي وباء كورونا من حيث الانتقال الكثيف إلى الفضاء الإلكتروني نتيجة التباعد الاجتماعي.
وأشار إلى أن العلاقة بين الخصوصية والعالم الرقمي لها ثلاثة مداخل، خصوصية الرقابة على المعلومات الشخصية، والحق في الفضاء الشخصي، الحق في الخصوصية حماية للشخص ضد استغلال المشاعر والعقول.
وأكدت الدكتورة سهام الفريح، إننا أمام تحدي كبير متسارع، وفي نفس الوقت لا نستطيع التوقف عنها، نتيجة توقف الأجهزة لعدم الوصول للبيانات للمسافرين أدى إلى تأخر السفر واستخدام طائرة بديلة.
وعرض القاضي الدكتور أحمد أبو العينين، نائب رئيس محكمة النقض المصرية، ورقة مقدمة بعنوان «النطاق المكانى لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وحماية الحق فى الخصوصية "دراسة مقارنة".
وأكدت الورقة أن السنوات الأخيرة النقاب عن تكنولوجيا متطورة لم تكشفها عقود من الزمن، وإزاء التطورات السريعة فى هذه التكنولوجيا التى جاءت لخدمة الإنسان، إلا أن البعض لم يحسن استخدامها وألحق الضرر بأخيه الإنسان، لنجد أنفسنا أمام صنوف شتى من جرائم تقنية المعلومات.
ونظراً لحداثة هذه الجرائم وظهورها مع كل تقنية حديثة يتم اكتشافها، تجد إساءة فى الاستخدام، مما يستوجب على المشرع مواكبة التطور الحاصل فى هذا المجال، وذلك من خلال استحداث نصوص تشريعية لمكافحة الجرائم الناتجة عن هذه التقنيات، ووضع حد لها، إن لم يكن فى الإمكان القضاء عليها.
وتناولت الجلسة الرابعة "مسئولية الدولة والشركات الخاصة في حماية المعلومات والبيانات وضمان الخصوصية لللمواطنين".
ترأس الجلسة الدكتور رفعت الأمين، رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان بالسودان، ومحمود قنديل، المحامي والخبير في مجال حقوق الإنسان، والدكتور غانم النجار الخبير في مجال حقوق الإنسان بالكويت، وعماد الفقي أستاذ القانون الجنائي بجامعة السادات.
وعرض محمود قنديل، المحامي بالنقض كبير مستشاري المنظمة العربية لحقوق الإنسان، ورقة مقدمة بعنوان
"مسئولية الدولة والشركات الخاصة في حماية المعلومات والبيانات وضمان الخصوصية".
وأكد “قنديل” أن تكنولوجيا الاتصالات، مثل الإنترنت والهواتف الذكية النقالة والأجهزة العاملة بالاتصال اللاسلكي بالإنترنت، أصبحت جزءاً من الحياة اليومية. وبإدخال تحسينات جذرية على إمكانية الوصول إلى المعلومات والاتصال الفوري.
وقال “قنديل” إن الابتكارات في مجال تكنولوجيا الاتصالات عززت حرية التعبير ويسرت النقاش العالمي ووطدت المشاركة الديمقراطية. وبتضخيم أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان وتزويدهم بأدوات جديدة لتوثيق التجاوزات وكشفها، تَعِدُ هذه التكنولوجيات القوية بتحسين التمتع بحقوق الإنسان. وفي الوقت الذي أصبحت فيه وقائع الحياة المعاصرة تدور في الفضاء الإلكتروني أكثر من أي وقت مضى، أصبحت الإنترنت، في الوقت نفسه، موجودة في كل مكان وحميمية بشكل متزايد.
وشدد قنديل على أن الحق في الخصوصية يثير (حق) الدول في بعض الأحيان في المراقبة الجماعية، واعتراض الاتصالات الرقمية، وجمع البيانات الشخصية. وتشمل هذه الحقوق الحق في حرية الرأي والتعبير، وفي التماس المعلومات وتلقيها وإذاعتها؛ والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ والحق في الحياة العائلية - وهي حقوق كلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحق في الخصوصية وتُمارس بشكل متزايد عن طريق الوسائط الرقمية. ويمكن أن تتأثر أيضاً بممارسات المراقبة الرقمية حقوق أخرى، مثل الحق في الصحة، مثلاً عندما يحجم أحد الأفراد عن التماس أو إبلاغ معلومات حساسة تتعلق بالصحة خوفاً من كشف هويته.
ولفت قنديل إلى هناك دلالات موثوقة توحي بأن التكنولوجيا الرقمية استُخدِمت لجمع معلومات أدت بعد ذلك إلى التعذيب وغيره من سوء المعاملة. وتشير التقارير أيضاً إلى أن بيانات توصيفيه مستمدة من المراقبة الإلكترونية جرى تحليلها لتحديد موقع أهداف ضربات فتاكة شنتها طائرات دون طيار. ولا تزال هذه الضربات تثير مخاوف شديدة بشأن الامتثال للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والمساءلة عن أي انتهاك لهما. ورغم أن الصلات بين المراقبة الجماعية وهذه الآثار على حقوق الإنسان تخرج عن نطاق هذا التقرير، فإنها تستحق مزيداً من الدراسة.
وشدد قنديل على أن القانون الدولي لحقوق الإنسان يوفر إطاراً واضحاً وعالمياً لتعزيز الحق في الخصوصية وحمايته، بما في ذلك في سياق المراقبة الداخلية والخارجية، واعتراض الاتصالات الرقمية وجمع البيانات الشخصية. غير أن الممارسات في العديد من الدول كشفت عدم وجود تشريعات أو وسائل إنفاذ وطنية كافية، ووجود ضمانات إجرائية ضعيفة، ورقابة غير فعالة، وكل ذلك أسهم في انعدام المساءلة عن التدخل التعسفي أو غير القانوني في الحق في الخصوصية.
وعقدت الجلسة الخامسة بعنوان " التدابير الواجبة نحو حماية الخصوصية في سياق الذكاء الاصطناعي " وترأس الجلسة عصام شيحة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ، وإدريس بلماحي عضو لجنة المعطيات الشخصية بالمغرب، ونهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، وشعوان جبارين مدير مؤسسة الحق لحقوق الإنسان بفلسطين.
وأكد عصام شيحة، على ضرورة صدور اللائحة التنفيذية للقانون 8 لسنة 2020 وضرورة التوعية بمخاطر الذكاء الاصطناعي وقال: “يصعب الدفع بالضمانات الدستورية أمام المحاكم لأنه لا يتم ترجمة النصوص الدستورية إلى نصوص قانونية”.
وعرض إدريس بلماحي – محام وأستاذ جامعي عضو الهيئة المديرية لمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية- المغرب
عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان لورقة عمل حول "التدابير الواجبة نحو حماية الخصوصية في سياق الذكاء الصناعي".
وأكد بلماحي أنه لتعزيز حماية الخصوصية، يجب أنْ لا يُحْصَر الذكاء الصناعي في التقنيات التي يعتمد عليها وإنما الأخذ بعين الاعتبار جميع أشكال الخوارزميات المستخدمة للمعالجة الآلية للمعطيات الشخصية، والتي يكون هدفها تشخيص الخدمات المقدمة، أو استنباط توقعات حول سلوك الأفراد، وعلى ضوئها، تقديم مقترحات لهم أو اتخاذ قرارات بشأنهم.
وشدد بلماحي أن تحديات توظيف الذكاء الصناعي لا يعتبر الذكاء الصناعي غير المتحكم فيه تحديا للقيم الإنسانية فقط، وإنما تهديدا لمنظومة القوانين والمؤسسات التي بنت عليها حضارتها، لأن منطقه يقتصر على تنظيم المنتجات والخدمات الدامجة لتطبيقاته دون مراعاة للقوانين والمؤسسات الراعية لحماية حقوق وحريات الأفراد من قبيل حماية المستهلك والمعطيات الشخصية للأفراد ومقومات المحاكمة العادلة وحق الانتصاب أمام العدالة للدفاع عن الحقوق.. يزيد من صعوبة هذه الوضعية أنَّ التوجه السائد لتنظيم الذكاء الصناعي ينحو إلى حصره في تقنين المنتوجات والخدمات الحاملة لتطبيقاته وليس ضبط المنظومة في شموليتها مما يشكل تحديا آخر للتشريعات النافذة والأمن القانوني بصفة عامة.
وطالب بضرورة وجود ضمانات لعدم اساءة استخدام الذكاء الاصطناعي.
وأكدت نهاد أبو القمصان، أن الصورة التي يتم نشرها أو التقاطها يكمن خلفها 160 معلومة مثل معرفة توقيت التقاطها والمكان، كما أن هناك تطور للتكنولوجيا هناك تطور للتعامل معها.
وتساءلت أبو القمصان هل المنظومة التشريعية للدولة تطبق القانون وتتفهمه، وهل يتفاعل الناس مع المنظومة التشريعية، وقالت يجب أن نعمل على رفع الوعي، وأن يكون لدينا مايكرو ليفل.
وتساءل شعوان جبارين، هل المحرك في موضوع الحق في الخصوصية فيه هو حقوق الإنسان أم كرامة الإنسان أم مساءلة تقنية بحتة، وهل النظم الموجودة لدينا ديمقراطية أم لا، مشددا على ضرورة الإستثمار في الشبكة العنكبوتية ومواكبة التطور التكنولوجي الهائل.
يذكر أن المؤتمر أولى خطوات تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بين اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان (الآلية الحكومية المختصة بحقوق الإنسان في مصر) وبين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في نهاية مايو الماضي، وتعد مذكرة التفاهم الأولى من نوعها في التعاون بين منظمات حقوقية غير حكومية وبين الآلية الحكومة المصرية المختصة بحقوق الإنسان، وبما يأتي ضمن خطوات تفعيل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر 2021 – 2026، كما يعد تتويجاً لإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي للعام 2022 عاماً للمجتمع المدني في مصر.