كيف تعوض صناديق الاستثمار المباشر الفجوة التمويلية؟.. دراسة توضح
أصدر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "قوانين مرنة: كيف تعوض صناديق الاستثمار المباشر الفجوة التمويلية؟"، للباحث أحمد بيومي، باحث بوحدة الاقتصاد ودراسات الطاقة بالمركز، والتى تناولت توضيح لما تعانيه الكثير من دول العالم من وجود عجز تمويلي، وتتعدد أوجه تسمية ذلك العجز، فقد يكون لتمويل مصروفات بالموازنة العامة للدولة، أو لتمويل خدمات عامة تقدمها البلدان لمواطنيها، أو لتمويل مشروعات البنية التحتية والاستثمارات المختلفة، ويبقى عجزًا يستوجب توفير تمويل للإنفاق عليه.
وأشارت الدراسة، إلى أنه يتعدد أوجه التمويل هي الأخرى، حيث يمكن تمويله محليا أو خارجيا باستخدام الدين، أو يمكن تمويله باستخدام رأس المال من خلال شراكات استثمارية في تلك المشروعات، يمكن تسميتها بالاستثمار الأجنبي المباشر إذا كان ذلك التمويل خارجيا، ويمكن تسميتها بالاستثمار المباشر المحلي إذا تم تمويلها محليا.
وقالت الدراسة، إن الاستثمار المباشر هو شكل من الاستثمارات التي تستهدف الدخول في شراكات مباشرة مع شركاء من جانب القطاع الخاص، أو من جانب القطاع العام لإنشاء شركات جديدة، أو الاستحواذ على حصص حالية بشركات قائمة بهدف إعادة هيكلتها، سواء من حيث العمليات أو الإدارة لتعظيم قيمتها وتعزيز قدرتها على تحقيق أرباح، مضيفة أنه عالميًا كان عام 2021 عام الاستثمار المباشر، حيث تجاوزت قيم الصفقات التي تم إبرامها ترليون دولار، تم تنفيذها من خلال 24.5 ألف صفقة، وهو يعتبر ضعف المبلغ الذي تم استثماره في العام السابق له (عام 2020).
وأوضحت الدراسة، أنه فيما يتعلق بالأمر المحلي فلا تزال مصر لم تتبوأ مكانتها اللائقة في حال مقارنتها بنظرائها، على الرغم من إطلاق العديد من صناديق الاستثمار المباشر في السوق المصري خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، إلا أن تلك الجهود لا تزال محدودة في حال مقارنتها باحتياجات الدولة المصرية، وتتركز معظم تلك الاستثمارات في رأس المال المغامر كونها الصناعة الأكثر إغراء بالنسبة للمستثمرين من حيث قدرتها على النمو وتعدد الشركات بها، والزيادات المتسارعة في قيم تلك الشركات وهو ما يجعلها مغرية بالنسبة لصناديق رأس المال المغامر التي تبحث عن تحقيق مكاسب سريعة، لكن حقيقة تلك الصناعة (صناديق رأس المال المباشر) أنها صناعة مهمة جدا على المستوى الاقتصادي.
ونوهت الدراسة، إلى أنه شهدت السوق المصرية إطلاق العديد من الصناديق المتخصصة خلال الفترة الأخيرة، منها في قطاع التعليم، وهو صندوق لايت هاوس بإجمالي استثمارات 1.75 مليار جنيه، ومنها المتخصص في قطاع الصحة “Nile Misr Healthcare” بإجمالي استثمارات تبلغ 380 مليون دولار.
وأضافت، أنه من المنتظر أن يشهد السوق المصرية العديد من الصناديق الأخرى في مختلف المجالات الاقتصادية التي تدعم أنشطة الدولة، والتوجه العام لها تجاه تشجيعها للقطاع الخاص نحو زيادة مساهمته في توفير تمويل للفجوة التمويلية للاستثمار في مصر، خاصة وأن العالم في الوقت الحالي يعاني من آثار السياسة الانكماشية التي تتبعها البنوك المركزية عالميًا، والتي تسببت في تقييد سوق الدين العالمي وزيادة تكلفة الاستدانة بالنسبة للدول والشركات، ومن ثم برز الحديث عن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تعتبر البديل الأكثر استدامة؛ لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة أقل تأثرًا بالدورات الاقتصادية في السوق العالمية.
وأكدت الدراسة، أن الوضع الذي يعيشه العالم في بيئة مرتفعة أسعار الفائدة يضع قيودًا كبيرة على توفير التمويل بالديون، وتسعى الدول إلى تأمين احتياجاتها التمويلية من خلال مصادر تمويل أخرى، وعلى رأسها تظهر صناديق رأس المال المباشر، كونها الأداة الأكثر مناسبة للقيام بذلك الدور، خاصة أنها تقوم به بفاعلية ولديها أثر نهائي إيجابي على العجلة الاقتصادية من خلال تحسين كفاءة الاستثمارات التي تستثمر بها. لكن تلك الصناديق تحتاج إلى قوانين مرنة ويسيرة، تتماشى مع تلك التي توفرها العديد من دول العالم مثل سنغافورة وجزر كايمن، وسوق أبوظبي، ويمكن تطبيقها بشكل سريع، إذ إنه دون وجود قوانين يسيرة وسريعة التطبيق ستظل تلك الصناديق بعيدة عن السوق المصرية، وهو ما يحرم الدولة من الاستفادة من التنمية التي تتحقق بوجود ذلك النوع من الصناديق بالسوق المصرية.