في ذكراه..
القمص يوحنا نصيف ينشر تعليقات مترجمة للبابا رقم 24 على نصوص الإنجيل
أطلق القمص يوحنا نصيف، راعي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في ولاية شيكاغو، بالولايات المُتحدة الأمريكية، دراسة له تحت شعار: «بركات المثابرة في الصلاة»، على إثر احتفالات الكنيسة بعيد نياحة القديس والمعلّم العظيم البابا كيرلّس الكبير عمود الدين، البطريرك رقم 24 في ترتيب بطاركة الكرسي المرقسي.
واشتملت الدراسة على بعض تعليقات القديس كيرلس، على مَثَل «صديق نصف الليل»، والمذكور في الفصل الحادي عشر من بشارة القديس لوقا، وردت بتفسيره للبشارة، وترجمها الدكتور الذي ودعته الكنيسة مؤخرًا نصحي عبد الشهيد، فيقول القدّيس كيرلّس: «في المَثَل الذي قُرِئَ علينا، مخلِّص الكلّ قد علّمنا، ما هي الطريقة التي ينبغي أن نصلِّي بها؟ فإنّه يعلّمنا أن نواصل ممارسة الصلاة باجتهادٍ، وبواسطة المَثَل يبيِّن لنا بوضوح أنّ الملل في الصلاة هو خسارة لنا، بينما الصبر في الصلاة هو نفع عظيم لنا، لأنّه من واجبنا أن نثابر، دون أن نستسلم للتراخي».
وأضاف: «كُن لجوجًا في الصلاة، اقترب من الله المحبّ الشفوق، استمرّ في ذلك على الدوام، وإذا رأيتَ أنّ عطيّة النعمة قد تأخّرَت، فلا تستسلم للضجر، ولا تيأس من جهة نوال البركة المتوَقَّعة، لا تتخلَّ عن الرجاء الموضوع أمامك، إن ذلك الذي هو الخزانة الجامعة لكلّ صلاح، يعرف حالنا أكثر مِمّا نعرف نحن، ويعطي كلّ إنسان قدرَ ما يَحِقّ له، وما يناسبه».
وتابع: «أحيانًا أنت تطلب ما يعلو قامتك، وتريد أن تحصل على تلك الأشياء التي لا تستحقّها بعد، أمّا الواهب نفسه، فيَعلَم الوقت المناسب لمنح هباته، ينبغي أن نقدِّم صلواتنا لله عن معرفة، وبمواظبة، وحتّى إذا كان هناك بعض الإبطاء في الاستجابة، فاستمرّ بصبر، وتأكّد أنّ ما نحصل عليه بدون عناء، ونربحه بسهولة، فهو عادةً يكون مُحتَقَرًا، أمّا ما نحصُل عليه بكدٍّ فهو يهبنا سعادةً أكبر، ويكون مِلكًا ثابتًا لنا».
وأردف: «ربّما تقول: مَن الذي يضمن لي أنّني سأنال ما أطلب؟ مَن الذي يضمَن لي أنّ تعبي لن يكون باطلاً؟، وأنا أقول: هكذا يتكلّم مُعطي المواهب الإلهيّة نفسه إليك، وهذه الكلمات، لها كلّ قوّة القسَم».
واستطرد: «حينما يدعونا الربّ أن نسأل، فهو يأمرنا ببذل الجهد، لأنّنا بواسطة الجهد نجد دائمًا ما نحتاج إليه؛ خاصّةً إذا كان ما نطلبه يناسبنا أن نحصل عليه، فذلك الذي يقرع، لا يقرع مرّة واحدة فقط، ولكن مرّة ومرّات يهزّ الباب، إمّا بيده أو بحَجَرٍ، لدرجة أنّ صاحب البيت يصبح غير قادر على احتمال ضجيج القرَعات، فيفتح له، حتّى ولو ضدّ إرادته».
وواصل: «ِإقرع وكُن لَجُوجًا، واسأل كما أنّ الحكيم بولس يقول: صلّوا بلا انقطاع.. نحن في احتياجٍ إلى صلاة لحوحة؛ لأنّ اضطرابات الأمور العالميّة المُحيطة بنا كثيرة جدًّا، فالصلاة المستمرّة والجادّة، هي ضروريّة جدًّا؛ وكما أنّ الأسلحة وآلات الحرب هي ضروريّة للجنود ليتمكّنوا من قهر أعدائهم، هكذا الصلاة بالنسبة لنا، لأنّه كما يقول الكتاب: أسلحتنا ليست جسديّة، بل قادرة بالله.. التوسُّل أمر لائق ومملوء بالمنافع، يجب أن نكون مداومين على الصلاة، حينما تصيبنا أيّ تجربة، وحينما تضغط علينا قوّة الأعداء كموجة عنيفة».
واختتم: «إنّ حديث الإنسان مع الله شرفٌ عظيمٌ للطبيعة البشريّة. وهذا ما نفعله في الصلاة، إذ قد أوصانا الربّ أن نخاطب الله كأب، ونقول: «يا أبانا»، فإن كان أبًا، فبالضرورة هو يحبّ أولاده ويدلّلهم ويكرمهم، ويحسبنا أهلاً لرحمتِهِ وصفحِهِ. فاقتربوا إذن بإيمان مع مثابرة، واثقين أنّ مَن يسأل المسيح بلجاجة فهو يسمع له».