«فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها».. نص خطبة الجمعة مكتوبة
أعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة صلاة الجمعة المقبلة 15 يوليو 2022م تحت عنوان "فرائض الإسلام غاياتها ومقاصدها".
وأكدت الأوقاف على جميع الأئمة الالتزام بموضوع الخطبة نصًّا أو مضمونًا على أقل تقدير، وألا يزيد أداء الخطبة عن عشر دقائق للخطبتين الأولى والثانية.
وجاء نص الخطبة كالآتي:
الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
وبعد:
فلا شك أن فرائض الإسلام تحمل في مضامينها قيمًا جامعة، ومعاني أخلاقية سامية؛ ذلك لأن الإسلام قد ربط جميع العبادات بمكارم الأخلاق، بل إن نبينا (صلى الله عليه وسلم) جعل الغاية الأسمى من بعثته ورسالته هي إتمام صالح الأخلاق ومكارمها، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ).
وما من فريضة شرعها الإسلام إلا ولها أثر يظهر على سلوك الفرد في سموِّهِ الأخلاقي إذا أداها على الوجه المراد، بل إن هذا الأثر يتعدى الفرد إلى المجتمع وينعكس أثره عليه، ففي شأن الصلاة بيَّن القرآن الكريم أن الغاية منها غرس الفضائل، وتقويم السلوك، وتزكية النفوس، حيث يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}،كما أشار الوحي الكريم إلى أثر إقامة الصلاة على مواقيتها في تعزيز قيمة احترام الوقت، حيث يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، كما توعد الشرع الشريف من لا يدركون حقيقة الصلاة فيتصفون بسوء الأخلاق، ويمنعون الخير عن الناس بالعذاب الأليم، حيث يقول سبحانه: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}.
وأما الزكاة فمن مقاصدها تأكيد معاني التكافل والتراحم، وتطهير النفس وتزكيتها من البخل والشح، وضغائن الأحقاد، حيث يقول الحق سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وقد حذر الإسلامُ المزكي والمتصدق من المن والأذى والرياء، وجعل تلك الأدواء من مبطلات العبادة، يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}.
والصوم غايته الكبرى تحقيق تقوى الله (عز وجل) ومراقبته في السر والعلن، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} كما أنه يعوِّد المسلمَ الصبرَ ومحاسنَ الأخلاق، يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائمٌ)، أما من لا يعرف حقيقة الصيام، ولا يحقق الغاية منه فليس له من ثواب صيامه نصيب، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (رُبَّ صائمٍ حظُّهُ مِن صيامِهِ الجوعُ والعطَشُ).
****
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وعلى آله وصحبه أجمعين.
ومما لا شك فيه أن الحج يغرس في النفوس الفضائل الحميدة، والأخلاق الكريمة، ولا يؤتي الحجُّ ثمرتَه المرجوة ولا يكون مبرورًا يعود الحاج منه كيوم ولدته أمه، إلا إذا اجتنب صاحبه الرفث والفسوق والجدال، حيث يقول الحق سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ).
على أننا نؤكد أن الإسلام ليس مجرد طقوس لا ثمرة لها، ولا علاقة لها بالواقع، فيخرج المصلي من صلاته ليغش ويحتكر، ويؤذي جاره، أو يكذب أو يخون أو يخلف العهد أو الوعد، أو يرجع الحاج من حجه إلى ما كان عليه من التقصير، فقد أخبرنا نبينا (صلى الله عليه وسلم) عن المفلس الحقيقي يوم القيامة حين قال: (الْمُفْلِس مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلاةٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُقْعَدُ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)، وذُكر لنبينا (صلى الله عليه وسلم) امرأة تُعرَف بكَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ فقال: (هيَ في النَّارِ)، وذُكرت له امرأة تُعرف بقِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وأنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ فقال: (هيَ في الجنَّةِ).
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت
واحفظ بلادنا مصر وسائر بلاد العالمين