الثانوية العامة
حطمت أسطورة الثانوية.. طلاب مدارس الضبعة النووية يتحدثون لـ«الدستور»
من أسيوط إلى مطروح سافر حسين وليد حسين، ١٥ عامًا، وهو يحمل الخوف والأمل، بعدما قرر الابتعاد عن طريق الثانوية العامة، وسلك طرقًا أخرى بالرغم من الأصوات المحبطة حوله ومجموعه المرتفع في الشهادة الإعدادية.
ترك حسين الثانوية العامة وكليات الطب والهندسة التي يسعى إليها في الغالب كل من يحصل على مثل درجاته، ليلتحق بمدرسة الضبعة النووية: «كانت وقتها مدرسة جديدة مفيش أي حد يعرف عنها حاجة وعن مستقبلها وإيه شغلها لأن مفيش دفعات اتخرجت منها لسه. والكل كان بيقولي هتضيع مجموعك العالي في دبلومة ومدرسة فنية والأفضل ليك طب».
لم يستمع حسين لتلك الأصوات وواصل طريقه: «كان فيه صراع جوايا بين دراسة ثانوية عامة وكلية طب وغيرهما ولا أخاطر بحاجة جديدة بمدرسة لسه محدش اتخرج منها، والناس قالتلي الثانوية للمتفوقين».
بعد ثلاث سنوات من هذه الرحلة، التحق حسين بالمدرسة وأصبح أحد الطلاب المتفوقين بها، وفاز بجائزة «مايكروسوفت» العالمية ليكون أول طالب في مدرسة الضبعة النووية يفوز بها محطمًا تابوهات الثانوية العامة وأنها الأفضل.
حسين واحد من ضمن طلاب ليسوا بكثيرين، لم يسيروا على نفس النهج المعتاد عقب الانتهاء من الشهادة الإعدادية وهو الالتحاق بالثانوية العامة والتي عرفت بأنها للمتفوقين.
ولكن اختاروا بدائل أخرى وتفوقوا بها مثل مدارس الضبعة النووية ومدرسة الذهب وأكثر من ٢٧ مدرسة فنية تكنولوجية دشنت خلال السنوات الماضية.
«الدستور» قابلت عددًا من هؤلاء الطلاب لعرض تجاربهم بعيدًا عن الثانوية العامة
حسين: «كانت مخاطرة الالتحاق بالمدرسة النووية ولكني تفوقت بها»
يقول حسين تعبيرًا عن تجربته: «أنا بحب أدخل في التجارب الجديدة وأنجح فيها، عشان كده قدمت في المدرسة النووية، وذاكرت كتير قبل الاختبارات العلمية، وخلال فترة التقديم قدمت في مدرسة ثانوية وكنت مضايق وقلت هفضل فيها لحد ما النتيجة تظهر واتقبلت في النووية وسبت الثانوية عشانها بالرغم من تخوفات الجميع».
يرى حسين أن المميز في مدرسة الضبعة النووية أنها لا تعتمد على حفظ المعلومات ولكن على التطبيق، فكل معلومة يأخذونها يتم تطبيقها عمليًا: «الثانوية مش كل حاجة، فيه طلاب في المدارس دي متفوقين وخدوا جوائز متقدمة عن طلاب الثانوية».
يوضح أنه تخصص في قسم الكهرباء، وفي العام الثالث للدراسة كان الثاني على فصله بالرغم من الصعوبات التي مر بها: «في عام الكورونا كنت بندرس أسبوع والأسبوع الثاني الناس كلها تروح لأهلها، وأنا بفضل في السكن عشان بُعد المسافة.. كانت فترة صعبة وقاسية عليا لكني صبرت وذاكرت».
وعن المسابقة التي فاز بها يقول: «خدت مسابقة مايكروسوفت وهي مسابقة عالمية عملتها الشركة لتنمية مهارات الطلبة في برامج الأوفيس، وكنت ضمن ٣ آلاف طالب، ولحد التصفيات خدوا ٦ كنت أنا منهم، بدأت بالتسجيل مع مركز التطوير التكنولوجي للمحافظة، كنا نأخذ تدريبات هامة وفيه اختبارات كتيرة ومعسكرات تدريبية».
يوضح أنها تهدف إلى تطوير الطلاب: «لأن عصر التكنولوجيا الرقمي هو الأهم. لابد أن يعرفها الطلاب، وأثبت بالفوز أن المدارس الفنية فريدة في الشرق الأوسط وبتدرس حاجة مختلفة، والجائزة حفزتني لأني ذاكرت وتعبت».
خالد: «الضبعة النووية مدرسة غير تقليدية ومختلفة عن الثانوية»
محمد خالد، طالب آخر في مدرسة الضبعة النووية، يوضح أنها تبدأ بعد الشهادة الإعدادية ويتم قبول الطلاب على حسب المجموع من ٢٦٠ إلى ٢٨٠، وكل عام يتم قبول نحو ٧٠ طالبًا، وإلى الآن ضمت المدرسة ٥ دفعات ولكن لم يتم تخريج أي دفعة منها.
يوضح: «المدرسة مختلفة عن الدراسة في الثانوية بالرغم من بعد المسافة لأنها في مطروح، جانب مفاعل الضبعة النووي، وأغلب الطلاب من المحافظات والأقاليم إلا أن الدراسة فيها ممتعة للغاية، وعشان كده الأولوية بتكون لأبناء المحافظة».
يضيف: «المدرسة غير تقليدية لأنها بتخرج كوادر فنية بتكون على أعلى مستوى وبتأهلهم للعمل في مفاعل الضبعة النووية، والدراسة فيها ٥ سنوات، أول سنة دراسة عامة لكل التخصصات سواء كهرباء أو إلكترونيات أو كيمياء نووية، وفي السنة الثانية يتم التخصص في واحد بس منها».
خالد يوضح أن باقي سنوات الدراسة في المدرسة تكون على التخصص الذي يختاره الطالب بجانب مواد المجال النووي والأمان النووي واللغات، ويتم التدريس على يد دكاترة من هيئة الطاقة الذرية: «المميز أن اللي بيشتغل بعد المدرسة دي سواء في المفاعل أو المجال عمومًا يتم إعفاؤه من التجنيد لأنه هيفيد بلده بعلمه».
هدى: «سوق العمل تحتاج كوادر فنية تنخرط فيها»
هدى محمود، إحدى طلاب مدرسة الذهب، والتي ترى أنها تجربة فريدة ومختلفة عن الثانوية العامة، توضح: «التقديم سهل جدًا من خلال مديرية التربية والتعليم ولينك التقديم، وأي حد من محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية يقدر يقدم بشرط أنه يجتاز الاختبارات والمقابلات».
تشير إلى أن هناك امتحانات مختلفة تؤهل الطلاب للالتحاق بالكلية: "الدراسة في المدرسة مختلفة والتخصص فيها بيكون في صناعة المجوهرات والحلي، والشغل عليها بيكون بشكل عملي.. معندناش حاجة محتاجة حفظ كله فهم بس".
وترى أن الطلب على تلك المدارس في الوقت الحالي سيهزم أسطورة الثانوية العامة، لأن سوق العمل تحتاج إلى موارد فنية مدربة على أعلى مستوى تفيد المجتمع وليس طلابًا يحفظون طوال العام معلومات ينسونها بمجرد وضعها في ورقة الامتحان.