في حوارهم بجريدة «القاهرة»
المكرمون من ملتقى الشارقة الثقافي: الجوائز الأدبية هي الحضن الدافئ في صقيع الاغتراب الفني
في إطار مبادرة "ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي" الذي تنظمه دائرة الشارقة للثقافة، التي تهدف إلى تكريم الشخصيات التى أسهمت فى خدمة الثقافة العربية المعاصرة والاحتفاء بإنجازاتهم الفكرية والأدبية، ويتم التكريم في بلدان المكرمين بالتعاون مع الوزارات والهيئات الثقافية الرسمية ببلدان المكرمين، استضاف المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي، حفل التكريم الذي أقامه الملتقى لكل من الدكتور محمد عناني، الدكتور يوسف نوفل، الأديب سمير الفيل، والأديبة صفاء عبد المنعم.
جاء ذلك تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ وبرعاية الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، بحضور عدد من الأدباء والإعلاميين والمسئولين من أصدقاء ومحبي المكرمين.
بدورها أجرت جريدة "القاهرة" بعددها رقم 1141 الصادر بتاريخ 31 مايو الماضي، احتفت بالمكرمين الأربعة، نظرًا لتجاربهم الفريدة في مجال الكتابة والترجمة، وكانت البداية مع الكاتبة صفاء عبد المنعم التي كشفت خلال حوارها عن أن حياتها سلسلة من المحطات التي قد تبدو للبعض مؤلمة وحزينة، ولكنها حولت هذا الألم والحزن إلى إبداع، عن طريق التعمق في التجربة وقراءة الرسائل الربانية التي قد تبدو مشفرة، ولكنها أجادت فك شفراتها.
مستطردة: كان عندي يقين قاطع أن هذه مرحلة من حياتي وسوف تمر ويأتي الأجمل والأسعد، فكتبت أعمالا مهمة بها بعض التفاصيل الحياتية، لكنني كنت أرصد البهجة المتوقعة من قلب الحزن، كما في رواياتي "بيت فنانة"، "امرأة الريح" و"في الليل لما خلى"، وكذلك في بعض القصص القصيرة وخاصة مجموعة "مفكرة السيدة ص"، هناك أشياء صغيرة في حياتي تصنع لي البهجة مثل قصة "مقعد على بحر النيل"، أنا لا أفكر بشكل سوداوي، أو ألعن الظروف المؤلمة، فكنت أعبر فوق المحن بعزيمة مناضلة، ويقين أنها مرحلة أو سحابة وسوف تمر.
كرمت صفاء عبد المنهم أكثر من مرة من جهات محلية وعربية، إلا أن تكريمها ضمن مبادرة الشارقة يعد دلالة واضحة وكبيرة على قدرة الله، معللة ذلك بقولها: كرمت من مؤسسات كثيرة ولكن للأسف الشديد لم أحصل على أي جائزة تقدمت لها سواء التشجيعية، أو نجيب محفوظ، أو ساويرس أو غيرها، مضيفة: أحب أشكر من رشحني لهذا التكريم ومن قال كلمة حق، وشكرا للشارقة الحبيبة وشكرا لحاكم الشارقة المحب والمشجع للإبداع.
الأديب والناقد يوسف نوفل، الذي يعد أحد المبدعين الذين جمعوا بين الإبداع الشعري والنقدي، وهو صاحب "موسوعة الشعر العربي الحديث" وواحد من أبرز نقد الحركة الأدبية العربية، ودار الحوار معه حول قصيدة النثر العربية ودور أم كلثوم والموسيقى في النهوض بلغة الضاد، وعن الحياة النقدية المعاصرة التي قال عنها: "أعترف أن حياتنا النقدية المعاصرة أصيبت بالشللية والتعصب والادعاء والصوت العالي واستغلال نفوذ الناقد و"تسلطه"، الأمر الذي أدى إلى ضعف دور النقد، وعزوف بعض الأنقياء، وغلبة السطحي على العميق، وأتفق معك في أن ذلك لذلك صلة بمناهج الإعداد العلمي والتربوي، لكن الأساس في ضعف النقد راجع للأفراد، كما أشرنا، بالدرجة الأولى، لكنني أرى في الجيل التالي لجيلنا وبعضهم ممن توثقت الصلة العلمية والأكاديمية بيني وبينه أرى أملا أكثر إشراقا من جيلنا"، ونال يوسف نوفل تكريمات دولية ومصرية عدة، إذ قال: تمثل الجوائز لي وللمبدعين، بصفة عامة، إنها "الحضن الدافئ في صقيع الاغتراب الفني".
ومن جهته، تحدث الكاتب سمير الفيل عن سلبيات مركزية الثقافة المصرية وكيف اكتسب إبداعه سمة إنسانية مع احتفاظه بخصوصية البيئة التي يعبر عنها قائلا: المسألة أننا لم نبدأ من فراغ، هناك تشيخوف العظيم، وهناك يوسف إدريس وبهاء طاهر وعبد الحكيم قاسم، وهناك الجيل التالي "محمود الورداني، ومحمد المخزنجي، والمنسي قنديل"، كل واحد من هؤلاء وغيرهم قدموا نصوصا شديدة الرهافة والجمال، كان علي التعلم منها، وأن أجرب أدواتي مرة ومرة، في النهاية لكل كاتب بصمته الخاصة حتى لو لم ينتبه إلى ذلك.
وعن كيفية استقبال خبر الاحتفاء به ضمن مبادرة الشارقة للتكريم الثقافي وما يميز هذه المبادرة عن غيرها، قال: سبق ذلك تكريم زملاء آخرين، فرحت لأن التكريم اهتم بهم، لذلك فقد كانت فرحتي مزدوجة لأنه تكريم لم أخطط له، وجاء في وقت ظننت فيه أن لا أحد يهتم بما أكتب، خاصة وأنني بعيد عن العاصمة وأعمل في هدوء وصمت، بالطبع أشكر أصحاب المبادرة، وأتمنى استمرارها وهناك جانب مهم هذه الدورة هو صدور كتاب نقدي عن المكرمين وهو ما يجعل التكريم قيمة ثقافية مضاعفة.