«أزمة العطش» فى المغرب.. الرباط تتخذ إجراءات استباقية
بات مصطلح "أزمة العطش" يتكرر بكثرة مؤخرا بين أسطر تقارير بيئية وعلى لسان خبراء مغاربة، محذرين المسئولين للتعجيل بتفعيل برامج وقائية لضمان وصول الماء إلى جميع المواطنين في المملكة.
ورغم إقرار الخبراء بصعوبة الوضع، ترفض الحكومة الحديث مع المغاربة بهذا الخصوص بلغة أخرى غير "التطمينات"، وتقدم أرقاما متفائلة، حيث أكد مصدر مسؤول من المديرية العامة لهندسة المياه، التابعة لوزارة التجهيز والماء، أن "المغرب تمكن من تعميم التزويد بالماء في الوسط الحضري، حيث وصلت نسبة التزويد 100%. كما عمل المغرب على تعميم التزويد بالماء في العالم القروي، حيث تصل النسبة 98,2% منها، 40% عن طريق الربط الفردي".
وأوضح المسئول ذاته، في حديث مع صحيفة "هسبريس" المغربية، أن المغرب لديه "بنية تحتية مائية مهمة تشمل 149 سدا كبيرا بسعة تخزينية تتجاوز 19 مليار متر مكعب، و136 سدا صغيرا، و13 منشأة لتحويل المياه، و158 محطة لمعالجة المياه، و9 محطات لتحلية مياه البحر، وآلاف الأثقاب المائية".
وبحسب المسئول، مكنت هذه البنية التحتية من تأمين التزويد بالماء بصفة عادية خلال السنوات الجافة، وحتى خلال توالي سنوات الجفاف لعدة سنوات، كما كان الحال خلال الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن المملكة سجلت خلال الفترة الممتدة من سنة 2018 إلى سنة 2022 توالي سنوات جافة أدت إلى نسبة ملء بالسدود تقدر حاليا بـ 33,4%.
ولتفادي آثار هذا الجفاف، أفاد المصدر ذاته، بأنه تم اتخاذ إجراءات استباقية عدة مع مختلف المتدخلين من أجل تأمين الماء، تهم أساسا تعبئة موارد مائية إضافية لتلبية مختلف الحاجيات من الماء، وخاصة الشروب، عبر تعزيز اللجوء إلى المياه الجوفية، إذ تم إنجاز وتجهيز أثقاب "آبار" جديدة، وتدبير محكم لحقينات بعض السدود، إضافة إلى معالجة المياه الأجاجة لبعض الفرشاة المائية.
وموازاة مع ذلك، يتم تعزيز مراقبة عمليات أخذ المياه غير المصرح بها من بعض الأودية وبعض القنوات متعددة الاستعمالات، إضافة إلى المجهودات المبذولة من طرف مختلف المتدخلين لتحسين مردودية شبكات نقل وتوزيع الماء ودعم تزويد الوسط القروي بمنظومات مائية مهيكلة، ومتابعة إنجاز محطات تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه المعالجة لسقي المساحات الخضراء.
كما تم أيضا إطلاق حملة تحسيسية بهدف ترشيد استعمال الماء واقتصاده، وتفعيل عمل لجان اليقظة على مستوى الأقاليم لاتخاذ ما يلزم لضمان الماء.
يشار إلى أن حصة الفرد من الماء خلال السنوات الأولى بعد الاستقلال في المغرب، كانت تفوق 2500 متر مكعب سنويا، في حين أضحت اليوم لا تتجاوز 600 متر مكعب. ويقول خبراء إن الاستمرار في هذه الأزمة دون تدخل عاجل سينتج عنه المزيد من التدهور والوصول إلى الحصة 500 متر مكعب، وهو رقم يؤشر على الدخول فعليا في أزمة الموارد المائية.
وتعمل مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسة المائية التي تم تشكيلها بمجلس النواب المغربي، على مناقشة سبل استرجاع ما ضاع من موارد مائية وتوفيرها بكميات مناسبة، لمواكبة تنمية البلاد والحفاظ على الرصيد المتوفر منها، وهو الرصيد الذي بدأ يتقلص بسبب ندرة التساقطات وأسباب أخرى تتعلق بسوء التدبير.