في ذكراه.. إسماعيل ياسين رئيس تحرير جريدة «أنوار الفضيلة»
أبو ضحكة جنان الفنان الوحيد الذي حملت عناوين أفلامه اسمه مثل (إسماعيل ياسين في البوليس، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، إسماعيل ياسين طرزان، إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين)، وغيرها العشرات من الأفلام التي حملت اسم الفنان إسماعيل ياسين، ورحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام ١٩٧٢ بعد رحلة طويلة من الإبداع والكوميديا التي شكل مع رفيق دربه أبو السعود الإبياري ثنائيا فنيا مدهشا خلال هذه الرحلة.
وعلى كثرة الأفلام والمسرحيات والأعمال الإذاعية التي قدمها الفنان إسماعيل ياسين، يبقي فيلمه «الفرسان الثلاثة»، والذي ربما لا يكون معروفا لدي البعض من جمهور الفن السابع، والذي عرض لأول مرة في عام ١٩٦١، وشاركه البطولة كل من: عبد السلام النابلسي، محمود المليجي، رجاء الجداوي، نجمة إبراهيم، محمود عزمي، نعمت مختار، وسامية رشدي. الفيلم من تأليف وقصة وسيناريو وحوار لـ أبو السعود الإبياري، وأخرجه فطين عبد الوهاب.
ــ حكاية «سمعة» مع جريدة «أنوار الفضيلة»
يفتتح فيلم الفرسان الثلاثة على مشهد خارجي لجريدة «أنوار الفضيلة»، ولافتة تحمل اسم الجريدة لمديرها ورئيس تحريرها الأستاذ طاهر عبد الظاهر ويقوم بالدور إسماعيل يس.
يواجه “طاهر” متاعب مالية وديون من أصحاب المطبعة التي تصدر له الجريدة، أو حتى صاحب المسكن والبقال والجزار.. ألخ، باختصار طاهر متخم بالديون في الوقت الذي نجده صاحب لهجة متشددة، السبحة لا تفارق يده، ويصر على لحيته ويرفض رفضا باتا من يطلب منه بلطف أن يحلقها.
تشدد “طاهر” للحظه حتى مع الخادمة، والتي يصرخ فيها ويسبها لأن ثوبها بدون أكمام، ينهرها لتغير ملابسها ــ العادية في تلك الفترة ــ لنراها في المشهد التالي وقد أرتدت جلبابا يجرجر في الأرض بأكمام طويلة، وحينما تطالبها براتبها المتأخر ثلاثة أشهر يطردها تماما.
في الوقت الذي يعاني “طاهر” من المتاعب المادية والديون، نجد أن خالته “جمالات شيكا بوم”، مالكة لأحد الملاهي الليلية تترك له ثروتها ووصية يجب علي الأستاذ طاهر صاحب جريدة “أنوار الفضيلة” أن ينفذها ليحصل علي تركتها المتمثلة في الملهي الليلي وخمسين ألف جنيه والتي تعد ثروة طائلة بتقدير هذه الفترة.
وعندما يتوجه زوج جمالات شيكا بوم “المعلم جمعة الأرندلي”، وقام بدوره محمود المليجي، لطاهر ليسلمه الثروة شريطة تنفيذ وصيتها، يرفض طاهر ويسب في خالته التي يعتبرها عربيدة فاسقة، حتي وعندما يطلب منه المعلم جمعة الترحم عليها وقراءة الفاتحة علي روحها يسبها طاهر إلا أن موقفه يتغير تماما عندما يبرز المعلم جمعة الأوراق المقدية الكثيرة من محفظته ويقوم بتسديد ديوان طاهر، والذي لا يجد مفرا في النهاية من تنفيذ وصية خالته ويستلم تركته الممثلة في الملهي الليلي.
علي الجانب الآخر نري “فاضل الحنبلي” رئيس جمعية تطهير الأخلاق بالإسكندرية، وقام بدوره عبد السلام النابلسي، مدعي الفضيلة والأخلاق الآخر، مسبحته تصل إلى الأرض، يخدع طاهر وأسرته بالتقوي والصلاح حتي يوافق علي خطبته لابنته “هدي”، والتي تحب في الوقت نفسه ابن عمها “نبيل” يحل فاضل في ضيافة طاهر من أجل مؤتمر “الأخلاق والفضيلة”، وفي حقيقة الأمر فاضل رجل يرتاد الملاهي الليلية ويرافق الراقصات.
تتوالى الأحداث ونري طاهر في الملهي الليلي، وقد غير اسمه إلى “كباريه الحشمة والأدب”، فنري الراقصات وقد أرتدين اليشمك والحبرة، والخمور اختفت ليحل محلها الينسون والعرقسوس، وهو ما يغضب المعلم جمعة الأرندلي خاصة وأن زبائن الملهي أنصرفوا عنه وصار المكان على شفا الإفلاس، فيلجأ إلى الراقصة “عواطف كونتاكت” لتقنع طاهر بأن يعيد الملهي كما كان، وهو ما يحدث لاحقا، فنجد طاهر وقد صار يسهر حتى الصباح في الملهي يشرب الويسكي ويستكمل سهرته مع عواطف كونتاكت.
ومن المفارقات في الفيلم التي تقول الكثير عن ازدواجية المعايير والتدين الشكلاني المظهري في السبحة واللحية، عندما نري فاضل الحنبلي وقد ارتدي زي مهرج ليستطيع دخول الكباريه دون أن يتعرف عليه طاهر.
يناقش فيلم “الفرسان الثلاثة”، منذ وقت مبكر جدا ــ ١٩٦١ ــ ظاهرة التدين المظهري والأخلاق المظهرية القشرية، فكلا من فاضل وطاهر يتحدثان عن الفضيلة والأخلاق طوال الوقت في الظاهر أمام الناس، ليصدرا فكرة الورع والتوقي عنهما، بينما في الحقيقة كانت هذه مظاهر شكلية فقط، بينما في حقيقة كلا منها عربيد لا يتورع عن تحويل مساره تماما كما في حالة طاهر، أو استخدام الشكل المظهري ــ اللحية والسبحة والحديث عن الأخلاق والفضيلة ــ قناعا للزواج من هدي ابنة طاهر كما هو حال فاضل الحنبلي.
تبقي الإشارة إلى أن قصة الفيلم، تم تحويلها فيما بعد إلى عمل مسرحي وهو “علشان خاطر عيونك”، من بطولة فؤاد المهندس وشيريهان مع التعديل في بعض التفاصيل.