الجامعة العربية تدعو لوضع تصور لمعالجة مخاطر التجارة غير المشروعة بالأسلحة
دعت جامعة الدول العربية، إلى ضرورة وضع تصور شامل وممنهج لمعالجة مخاطر التجارة غير المشروعة بالأسلحة، بشكل فعال، وذلك لآثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية على الأفراد والمجتمعات وخاصة على بؤر التوتر والنزاعات.
جاء ذلك في كلمة السفير خليل الذوادي، الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون العربية والأمن القومي والمشرف على قطاع الشؤون السياسية الدولية بالجامعة العربية، في افتتاح مؤتمر"مكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية"، والتي انطلقت أعماله اليوم الإثنين، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية ويستمر على مدى ثلاثة أيام وتنظمه الجامعة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، ومنظمة الإنتربول ومنظمة الجمارك العالمية وبرنامج مسح الأسلحة الصغيرة.
وقال السفير الذوادي، إن جامعة الدول العربية، وبالرغم من تنوع وتعدد أولويات العمل العربي المشترك التي تنبع من الظروف الخاصة بدولها الأعضاء وما تفرضه من متطلبات أمنية وتنموية، إلا أنها تعي تماما مخاطر التجارة غير المشروعة بالأسلحة، وآثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية على الأفراد والمجتمعات وخاصة على بؤر التوتر والنزاعات".
وأضاف أنه "لا خلاف على أن للأسلحة الصغيرة استخدامات قانونية لا غنى للدول والحكومات عنها، كونها إحدى أدوات حفظ الأمن وفرض القانون، إلا أنه ونظرا لما تتمتع به هذه الأسلحة من صفات خاصة، لاسيما تكلفتها البسيطة وسهولة نقلها وصيانتها واستخدامها، جعلها السلاح المفضل للجماعات الخارجة على القانون وخاصة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي، وأصبحت تشكل إحدى الأسباب الرئيسية لزعزعة الاستقرار وتفاقم التوترات الإقليمية وتوسع الشبكات الإرهابية والإجرامية والصراعات التقليدية وغير التقليدية التي باتت تدمر المجتمعات المحلية وتسهم في إطالة أمد النزاعات".
وأوضح أن بعض الدول العربية شهدت خلال الأعوام الماضية نزاعات داخلية تَرتّبَ عليها تفاقم ظاهرة انتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة وإطالة أمد النزاع للحد الذي أصبح يقلق ليس فقط دول الجوار بل المجتمع الدولي أيضاً، وهو ما زاد من اهتمام وانشغال الدول العربية بمسألة مكافحة هذه الأسلحة في السنوات الأخيرة، وأصبح يرتقي في سلم أولوياتها في مجابهة التحديات والمخاطر المستقبلية، وهو دليل أيضا على تزايد الوعي الإقليمي بآثار هذه المشكلة على مختلف القطاعات التنموية خاصة في فترة النزاع ومرحلة ما بعد النزاع.
وأكد أهمية المؤتمر في المساهمة عن كثب في التطورات التي يشهدها هذا المجال، والتطرق إلى جميع التحديات المترتبة عليه للتوصل إلى صورة واضحة تنعكس بالإيجاب على الأمن القومي العربي من خلال طرح أفضل الممارسات والدروس المستفادة لمواجهة هذه التحديات، والخروج بتصور عملي شامل وقابل للتنفيذ يضع المصلحة العربية الجماعية فوق كل اعتبار.
وقال الذوادي إن ظاهرة الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة لا يمكن معالجتها على حدة، كونها ليست مشكلة في حد ذاتها، لكنها أحد أعراض وتداعيات مشاكل أخرى كثيرة، لذلك يجب تكاتف جهود الدول والمنظمات الدولية لوضع استراتيجية دولية للقضاء على هذه الظاهرة.
ونوه الذوادي إلى أهمية التأكيد على بعض النقاط التي قد تسهم في دعم التوجه الدولي نحو مكافحة الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة ومن بينها مثلاً قصر الإتجار بهذه الأسلحة فيما بين الحكومات، وأهمية المساعدة الدولية والتعاون الدولي واستمراريتهما لمساندة الجهود الوطنية، وتوفير التكنولوجيات الحديثة لتتبع وكشف الأسلحة المهربة، مع التأكيد على حق الدول في الدفاع عن النفس وفقاً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأُثني الذوادي، على الدور الدؤوب والمحوري الذي يقوم به الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الدولي ومساعدة الدول في رفع الوعي بأهمية مكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يعد المناسبة الدولية الأخيرة في المنطقة العربية قبل بدء أعمال "الاجتماع الثامن من الاجتماعات التي تعقدها الدول كل سنتين للنظر في تنفيذ برنامج العمل المتعلق بمنع الاتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة من جميع جوانبه ومكافحته والقضاء عليه" والذي سيبدأ أعماله في نيويورك أواخر الشهر المقبل.
وعبر الذوادي عن أمله في أن يكون هذا المؤتمر، إضافة مهمة للجهود الدولية التي تهدف إلى دعم تنفيذ برنامج العمل وبناء الثقة بين الدول من أجل القضاء على الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة لما فيه صالح الأجيال القادمة في منطقتنا العربية والعالم أجمع، مؤكدا ثقته الكاملة في أن ما سيطرح من أفكار، وما سيقدم من خبرات وتجارب خلال هذا المؤتمر من الجانبين سيشكل إضافة كبيرة في هذا المجال.
وأشار إلى أن المؤتمر يمثل مرحلة جديدة من التعاون بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي في مجالات نزع السلاح وعدم الانتشار، مضيفا" نأمل أن يكون مثمراً وفعالاً، فهو يعد ثمرة للتعاون القائم بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي اقتناعا منهما بأهمية التنسيق وتآزر الجهود بين المنظمات الإقليمية والدولية، حيث أصبحت هناك آليات للتعاون الجماعي تعقد بشكل منتظم على المستوى الوزاري، ومستوى كبار المسؤولين، ومؤخراً على مستوى القمة".
وأكد أن هذا التعاون سيعزز الجهود المبذولة من قبل المنظمتين في مكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، وبالتالي دعم دورهما لتنفيذ برنامج عمل الأمم المتحدة المعني بمكافحة هذه الأسلحة على المستويات الثلاثة: الوطنية والإقليمية والدولية.
من جهته، قال سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر السفير كرستيان برجر، في كلمته الافتتاحية،" إن انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة، يسهل العنف الإجرامي في الدول العربية وهو ما يؤدي إلى إصابات ووفيات".
وأضاف أن هذا الموضوع يمثل أولوية لدى الاتحاد الأوروبي، الذي خصص 6 ملايين يورو، لتمويل المرحلة الثانية من مشروع التعاون بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي في إطار الحوار الاستراتيجي بين المنظمتين، وتستمر مدة تنفيذ هذه المرحلة ثلاثة أعوام بعد تنفيذ المرحلة الأولى بتمويل بلغ 3 ملايين يورو، وذلك في إطار التعاون المشترك بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وأُطلق المشروع عام 2019 لدعم الدول العربية في بناء قدراتها الوطنية على نحو مستدام من أجل مكافحة الإتجار غير المشروع بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وانتشارها، ويستجيب للاحتياجات والأولويات التي حددتها الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية فيما يتعلق بالأسلحة الصغيرة غير المشروعة، وفقا للنقاش الذي جرى في إطار الحوار الاستراتيجي بين الجانبين بشأن أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة والحد من التسلح.
ويأتي تنظيم المؤتمر في إطار المرحلة الثانية من مشروع التعاون بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ضمن إطار الحوار الاستراتيجي بين المنظمتين، ويهدف إلى تبادل الخبرات وأفضل الممارسات من أجل تعزيز قدرة الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على مكافحة الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة غير المشروعة، بما في ذلك حيازة الإرهابيين والمجرمين لها.
ويستعرض المؤتمر مدى تقدم تنفيذ المشروع، ويبحث الشروع في التخطيط لأنشطة المرحلة الثانية، والتي تتضمن تنظيم برامج تدريبية وطنية لجميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وتقديم برامج تمهيدية عبر الإنترنت للدول الأعضاء التي لم تتلق تدريبا من طرف المشروع في المرحلة الأولى.
كما يبحث المؤتمر عددًا من القضايا المرتبطة بمكافحة الإتجار والانتشار غير المشروع للأسلحة مثل النقل الدولي للأسلحة الصغيرة والخفيفة، ومراقبة الحدود ومنع تدفق الأسلحة غير المشروعة، وتحديد وتعطيل مصادر الأسلحة الصغيرة وبناء قدرات وكالات إنفاذ القانون بهذا الشأن، ومكافحة انتشار الأسلحة الصغيرة والخفيفة في حالات الصراع وما بعد الصراع (نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإدارة المخزون).