«خطوات تحفيز برنامج الطروحات الحكومية».. دراسة للمرصد المصري للفكر
أصدر المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "خطوات تحفيزية: برنامج الطروحات الحكومي…الأهمية والأثر"، للباحثة أسماء رفعت، وتناولت برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اتبعته الدولة المصرية منذ 2014، والذى يمثل أحد عناصر محور الإصلاح الهيكلي في برنامج الإصلاح.
وأوضحت الدراسة، أنه على الرغم من اتخاذ إجراءات متسارعة في المحاور الثلاث الاخرى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي: محور السياسة المالية والنقدية والحماية الاجتماعية، إلا أن هناك عددا من العوامل الداخلية والخارجية أدت إلى التباطؤ النسبي في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وأشارت الدراسة إلى أنه بدأت الدولة المصرية تنفيذ برنامج طرح الشركات العامة في البورصة المصرية منذ عام 2018، وتم تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض برئاسة وزير المالية وتشمل قرارات اللجنة طرح شركات لأول مرة في السوق الأولية، أو زيادة الحصص المطروحة للشركات المدرجة بالفعل. وفي مارس 2019، اتخذت اللجنة قرار طرح نحو 4.5% من أسهم شركة الشرقية للدخان “ايسترن كومباني” طرحًا ثانويًا بنسبة 4.275% طرح خاص، و0.225% طرح عام، وشهدت الفترة التالية هدوءا نسبيا في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لنحو عامين نتيجة تأثر الاقتصاد بعدد من العوامل من أهمها تقلبات السوق، وتداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد بشكل عام وعلى مناخ الاستثمار بشكل خاص.
وأشارت الدراسة إلى أنه مع بدء حالة التعافي من الجائحة وعودة الحياة الاقتصادية أعلنت الدولة عودة العمل بقوة مرة أخرى في برنامج الطروحات الحكومية، وقد تم التركيز على القطاعات الأكثر جذبًا للاستثمار الخاص فجاء قطاع الخدمات الرقمية في مستهل تلك القطاعات، وفي أكتوبر 2021 تم طرح 26.1% من أسهم شركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية (EFIH) من خلال الطرح العام بنسبة 1.6% من أسهم الشركة، وطرح خاص بنسبة 24.5% من أسهم الشركة، بقيمة إجمالية بلغت 5.8 مليار جنيه، بما يعادل 323 مليون دولار، وقد تم تغطية الطرح العام 61.4 مرة، وفي ديسمبر 2021 تم طرح 10% من أسهم شركة أبو قير للأسمدة طرحًا ثانويًا خاصًا بقيمة تقترب من 2.25 مليار جنيه.
وأوضحت أنه قبل أن يكتمل التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا جاء الصراع الروسي الأوكراني ليزيد من معاناة الاقتصاد العالمي وانعكاس ذلك محليًا؛ إذ ألقت الأزمة الأوكرانية بظلالها على مناخ الاستثمار بشكل عام، وصاحبها اتخاذ قرارات اقتصادية من قبل البنوك المركزية الأجنبية برفع أسعار الفائدة، بما أدى إلى هروب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بحثًا عن أسعار الفائدة الأعلى، ثم تلى ذلك رفع أسعار الفائدة محليًا، بما يعني ارتفاع تكلفة الاستثمار المباشر.
وأكدت الدراسة أن برنامج الطروحات الحكومية يعد أحد آليات تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره في العملية الإنتاجية والحياة الاقتصادية، وتصحيح لمسار اقتصاديات السوق؛ إذ إن استحواذ الدولة على جزء كبير من الاستثمارات المتاحة يقلص فرص القطاع الخاص في ضح استثماراته، الأمر الذي يعرف بأثر المزاحمة، ويؤدي إلى تركيز نشاط الحكومة على تقديم السلع العامة ووضع السياسات والاستراتيجيات ومراقبة مقدمي الخدمات بهدف الارتقاء بها، فضلًا عن الاستفادة من الكفاءات الإدارية والتقنية والقدرات التمويلية لدى القطاع الخاص، وإشراكه في تحمل المخاطر.
وقالت الدراسة إن طرح الشركات العامة في البورصة من شأنه تعزيز الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد المصري، من خلال دوره في جذب مستثمرين جدد للسوق بعد طرح أوراق مالية جديدة، الأمر الذي يؤدي إلى تعميق وتوسيع السوق، وزيادة السيولة. بالإضافة إلى أن طرح الشركات الواعدة يؤدي إلى تصحيح حركة أسعار الأسهم بالبورصة، وينهي حالة الارتفاعات غير المبررة لبعض أسهم الشركات غير القوية ماليًا، فيتوفر أمام المستثمر عدة اختيارات ليقوم باتخاذ قراراه وفقًا للبيانات المالية للشركات بعيدًا عن الشائعات والمضاربات، بما يساعد على تطبيق مبادئ الحوكمة بالبورصة المصرية.
وقالت الدراسة إن الطروحات الحكومية تعد أحد أشكال الشراكة بين القطاعين العام والخاص المتعددة، وتختلف فعالية تلك الأداة من شركة لأخرى ومن فترة زمنية لأخرى داخل الدولة، ولعل ذلك يفسر حالة الهدوء النسبي التي يشهدها برنامج الطروحات الحكومية والحرص الشديد في انتقاء الشركات التي يتم طرحها.
واختتمت الدراسة أنه تحقيقا للأهداف المنشودة لعملية الشراكة بين القطاعين العام والخاص دون التسرع في برنامج الطروحات الحكومية، فقد اشتملت التوصيات الرئاسية تكليف الحكومة بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنويًا ولمدة 4 سنوات، ومن ذلك يتبين اتساق وتكامل التوصيات الرئاسية المعلنة لتحقيق الأهداف الاقتصادية المرجوة في الأجلين القصير والطويل.