رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحرب العالمية الثالثة!

هناك حكمة شهيرة فى تاريخ الحروب: «ربما تستطيع تحديد متى تبدأ حربًا، ولكن من الصعب السيطرة على هذه الحرب، بل والأصعب أن تُوقِف عجلة الحرب».

تذكرت هذا الأمر وأنا أتابع الحرب الإعلامية، والتصريحات الدبلوماسية الملتهبة، والحرب الروسية الأوكرانية تدخل شهرها الثالث، وكانت كل المؤشرات فى البداية ترى أن هذه الحرب سوف تنتهى خلال أيام، وربما أسبوع واحد على الأكثر!

وعادت إلى ذهنى أجواء عشية الحرب العالمية الثانية، لا سيما مع التصريح الخطير لوزير الخارجية الروسى لافروف، والذى رأى فيه العالم يندفع إلى الحرب العالمية الثالثة! وحسنًا فعل لافروف عندما عاد وقال إنه أُسيئت ترجمة وفهم تصريحه، وإنه لم يقصد التهديد بالحرب العالمية الثالثة، وإن وسائل الإعلام الغربية تصيدت تصريحه وشهّرت به. وسواء قبلنا الرواية الغربية التى تقول بأن الوزير الروسى هدد باندلاع الحرب العالمية الثالثة، أم قبلنا الرواية الروسية بأنها حرب إعلامية غربية موجهة ضد روسيا، فإن العالم يعيش بحق على شفا حفرة اندلاع حرب عالمية ثالثة.

عودة إلى مسألة التاريخ المقارن بين أجواء الحرب العالمية الثانية والحالة الحاضرة الآن، يسترعى انتباهنا تصريح الرئيس الأمريكى بايدن بأن الحرب الحالية ليست فقط للدفاع عن أوكرانيا، ولكنها حرب العالم الحر الديمقراطى ضد الديكتاتوريات! وبصرف النظر عن كون هذا التصريح محاولة غربية لإعطاء مشروعية للسياسة الغربية إزاء الأزمة، إلا أن هذا الشعار «حرب العالم الديمقراطى ضد الديكتاتورية»، كان هو الشعار نفسه الذى رفعته دول الحلفاء ضد دول المحور: ألمانيا الهتلرية وإيطاليا الفاشستية!

وتعود سياسة الأحلاف من جديد، وكانت هى فى الحقيقة من أهم أسباب اندلاع الحربين العالميتين؛ إذ لا يخفى على أحد التنسيق المستمر سياسيًا واقتصاديًا وربما عسكريًا بين روسيا والصين، مما دفع رئيس الأركان الأمريكى إلى التصريح بأن الصين هى التحدى، وروسيا هى العدو لأمريكا. وهكذا نشهد التحالف بين أمريكا وأوروبا واليابان وكوريا، لمواجهة روسيا والصين.

وتعود أجواء وذكريات الحرب العالمية الثانية من جديد مع هذا التصريح المثير للوزير الروسى لافروف عندما قارن بين الرئيس الأوكرانى وهتلر من حيث، إن الاثنين من أصول يهودية! وبالطبع أثار هذا غضب إسرائيل، حيث استدعت السفير الروسى فى تل أبيب مندِّدة بهذا التصريح الذى يمثل بالنسبة لها اعتداءً على الذاكرة اليهودية.

هل يقرأ الساسة حكمة التاريخ، وتتجنب البشرية السقوط فى أتون الحرب من جديد؟