رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ألف تحية للعمال فى عيدهم

طالعتنا الصحف المصرية فى صبيحة الأحد الأول من مايو 2022 "العيد العالمى للعمال"، بخبر مفجع حزين وهو "مصرع 8 أطفال سقط بهم تروسيكل فى ترعة بالبحيرة"، وكانت تفاصيل الحادث المؤلمة توضح أن هناك أطفالًا تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عامًا كانوا يعملون أثناء ساعات الليل (وذلك بالمخالفة للقانون الذى يُجرِّم عمالة الأطفال ويُجرِّم التحاقهم بالأعمال الخطرة ويُجرِّم العمل فى ساعات الليل، ولا يسمح بعمالة الأطفال فى هذه السن.

بل يسمح لمن هم فوق 15 عامًا بالعمل لبضع ساعات فى العطلة الدراسية وفى أعمال لا تعرضهم للخطر مع عدم استغلالهم فى أعمال مجرمة تشمل الاتجار بالبشر والمخدرات.

وباستكمال تفاصيل الخبر نجد أنهم تم "شحنهم" فى تروسيكل لا يستخدم لنقل "البنى آدمين" وفى أثناء عودتهم لمنازلهم عقب انتهاء العمل قبل موعد السحور، انقلب بهم التروسيكل وغرقوا فى ترعة ساحل مرقص بإيتاى البارود بمحافظة البحيرة، وتم انتشال 8 جثامين وجارٍ البحث عن آخرين فى الترعة.

كان ذلك قبل العيد بيومين، ذهب الصغار للعمل والشقاء للحصول على بضعة جنيهات، لإدخال البهجة والسرور فى العيد على أنفسهم ولمساعدة أهاليهم، وبدلًا من ذلك غرقوا وغرقت معهم أحلامهم، واغتيلت طفولتهم واتشح  أهاليهم بالسواد وعم بيوتهم الحزن  والنواح والبكاء بدلًا من فرحة العيد، بفضل الاستهتار والإهمال من قبل ليس فقط أصحاب العمل الجشعين ولكن استهتار وإهمال كافة الأجهزة المعنية فى الدولة فى مجال الرقابة والتفتيش وإنفاذ القوانين سواء فى مجال الرقابة على أماكن العمل أو الرقابة على وسائل النقل.

فى الأول من مايو من كل عام يحتفل العمال فى كل أنحاء العالم بعيدهم إحياءً لذكرى النضال من أجل "ثماني ساعات عملًا فى اليوم" ويعتبر هذا اليوم عطلة دولية.

ويعود الاحتفال بهذا اليوم لما حدث فى الأول من مايو 1886 حيث نظم عمال ولاية شيكاغو فى الولايات المتحدة الأمريكية إضرابًا عن العمل شارك فيه ما بين 350 و400 ألف عامل يطالبون بتحديد ساعات العمل تحت شعار "ثمانى ساعات عملًا – ثمانى ساعات نومًا – ثمانى ساعات للراحة" الأمر الذى لم يرق للسلطات وأصحاب العمل.

خصوصًا أن الدعوة للإضراب حققت نجاحًا كبيرًا وشلَّت الحركة الاقتصادية فى المدينة، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عددًا منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة فى وسط تجمع الشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصًا بينهم 7 من رجال الشرطة، واعتُقِل على إثر ذلك العديد من قادة العمال، وحكم على 4 منهم بالإعدام وعلى آخرين بالسجن لفترات متفاوتة.
وعند تنفيذ الحكم قرأت زوجة (أوجست سبايز) أحد العمال المحكوم عليهم بالإعدام خطابًا كتبه زوجها لابنه الصغير جيم جاء فيه "ولدى الصغير عندما تكبر وتصبح شابًا وتحقق أمنية عمرى، ستعرف لماذا أموت، ليس عندى ما أقوله لك أكثر من أننى برىء وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت، وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكى قصته لأصدقائك".

ولقد ظهرت الحقيقة بعد ذلك عندما اعترف أحد عناصر الشرطة بأن من ألقى بالقنبلة هو أحد عناصر الشرطة أنفسهم.
لقد خاضت الطبقة العاملة فى كل دول العالم، وفى القلب منها مصر منذ القرن التاسع عشر، مسيرة كفاح من أجل تحسين أحوالها، ومن أجل تقنين الحق فى تكوين المنظمات النقابية، وما زالت تعانى حتى الآن.
يجىء الاحتفال بعيد العمال هذا العام وسط معاناة العمال من تعنت أصحاب العمل والذى يتمثل فى عدم صرف مرتبات العمال لعدد من الشهور يصل لثلاثة أشهر وأكثر، وعدم صرف الحوافز والعلاوات بجانب الاستغناء عن عدد كبير من العمال فى عدد من شركات القطاع الخاص دون حصولهم على مستحقاتهم.

وأيضًا فصلهم فصلًا تعسفيًا، كما يجىء عيد العمال هذا العام وسط تعنت وزارة القوى العاملة فى الاعتراف بالعديد من النقابات الى تم تأسيسها وفقًا لقانون المنظمات النقابية.
ويجىء الاحتفال وسط نداءات العمال بأهمية عمل لجان استماع فى مجلسى الشيوخ والنواب لمناقشة مشروع قانون العمل للوقوف على مطالب العمال لإصدار قانون عادل يحمى العمال وذلك لأنهم الطرف الأضعف فى معادلة (أصحاب العمل والعمال).
وإننا انطلاقًا من المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومواثيق منظمة العمل الدولية، وانطلاقًا من مواد الدستور المصرى التى تكفل حق العمل والعدالة الاجتماعية، ونتيجة للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية نطالب بوضع قانون للعمل ينظم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، ويتلافى المثالب التى ظهرت بعد تطبيق القانون 12 لعام 2003، ويكون منحازًا للطرف الأضعف فى منظومة العمل وهو بالطبع العمال، قانون عادل يكفل الأمن والأمان والأجر العادل والاستقرار للعاملين والعاملات وأسرهم، مما يدفع للتقدم ببلدنا الحبيبة ويحقق الاستقرار فى المجتمع، قانون يحمى العمالة غير المنتظمة الذين يعملون بلا ضمانات أو حماية اجتماعية بالنسبة للتأمين الصحى، والتأمينات والمعاشات، وتوافر شروط السلامة والصحة المهنية، قانون يحمى العاملات فى المنازل، قانون يواجه كافة أشكال العنف الواقع على العمال فى أماكن العمل من قبل أصحاب العمل، قانون يُجرِّم عمالة الأطفال المنتشرة، وأيضًا يُجرِّم الاستغناء عن العمال أو إجبارهم على الاستقالة أو فصلهم فصلًا تعسفيًا بالمخالفة للقوانين المحلية والدولية إذا ما مارسوا حقهم النقابى فى الدفاع عن حقوق العمال.