«لواء الخنساء».. القصة الكاملة لأقوى امراة فى تنظيم داعش
ناقشت الكثير من المسلسلات دور المرأة في داعش، خاصة فيما يعرف بـ “لواء الخنساء” كما سردتها الكاتبة الصحفية عبير عبد الستار في كتابها "نساء في مخدع داعش"، والذي صدر عن دار "تويا" للنشر والتوزيع.
تقول الكاتبة الصحفية عبير عبد الستار: "يعدُّ داعش من أكثر التنظيمات الإرهابية المسلحة في تجنيد وإشراك النساء في العمل المسلح كما صنف على أنه من أكثر التنظيمات جذبًا وتجنيدًا للنساء الأجنبيات، وشاركت المرأة داخل التنظيم في أدوار اجتماعية وإدارية ولوجستية كأمهات وزوجات ومعلمات، حتى تدرجت لأدوار وظيفية وقتالية مهمة داخل التنظيم، فبدأت تشارك في التخطيط للعمليات التفجيرية، ومن هنا تم تكوين ميليشيات نسائية خاصة بالتنظيم، وفي يوليو 2014 أعلن تنظيم داعش عن إنشاء أول لواء نسائي خاص باسم كتيبة الخنساء؛ لرفع الوعي بالدين الإسلامي ومعاقبة النساء غير الملتزمين دينيًّا"، وبناءً على ذلك تمثلت وظائف الكتيبة في مجالات الدعوة والتعليم والأمن والشرطة، فقامت على تطبيق الشريعة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومراقبة النساء ومتابعتهم، ومحاسبة الخارجات منهن عن تعاليم الإسلام، وانتشرت نساء الكتيبة في الشوارع وقمن بمعاقبة المتبرجات وغير الملتزمات باللباس الشرعي الإسلامي والمقصرات، وواضعي العطور
وتضيف: "وكن يقمن بمعاقبة المرأة الخارجة عن القواعد بشكل سريع عن طريق الجلد أو استخدام الكماشة؛ وهي آلة حادة متعددة الأسنان تشبه فك الإنسان تقوم بالعض، كما قمن بالتجسس على النساء من خلال الاندماج والاختلاط داخل الحشود، ولجأ التنظيم لاستخدام سيدات الكتيبة في العمليات الانتحارية وكان من أشهر نساء الكتيبة ندى القحطاني السعودية التي كلفت من قبل أمير التنظيم "أبو بكر البغدادى" بإنشاء فرع من النساء للتنظيم في الحسكة، وأيضًا إيمان البغا فقيهة داعش الحاصلة على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، التحقت بالتنظيم وبايعته في أكتوبر 2014، بعد أن تركت التدريس وقدمت استقالتها من جامعة الدمام لتذهب للتنظيم.
وتستكمل: إضافة إلى مئات من الفتيات الأوروبيات والعرب مقاتلات وزوجات وأمهات، واندثرت الكتيبة واختفى دورها مع تراجع تنظيم داعش، حيث تم القبض على العناصر المهمة فيه ومقتل البعض الآخر واختفاء العديد من العضوات وتحديد إقامة بعضهن داخل المخيمات على حدود العراق وسوريا كمعسكر الهول الذي يضم الآلاف من النساء والأطفال من بقايا التنظيم بعد انهياره والقضاء عليه، وفي أواخر أيام التنظيم وقبل مقتل زعيمه "أبو بكر البغدادي، حاولت النساء إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا داعش إذ استمرت الدكتورة إيمان البغا في إصدار فتاوى القتل وإهدار الدماء وكانت هي المرأة الوحيدة التي كان لها حق الفتوى بعد "أبو بكر البغدادي" وشفاء النعمة مفتي التنظيم، وقامت المجاهدات بمحاولة بائسة للحفاظ على آخر معقل لهن في سوريا فقمن بتنفيذ هجمات انتحارية ضد قوات سوريا الديمقراطية، خاصة أنه كان هناك صعوبة في القبض عليهن مع تسللهن مع موجات المدنيين الذين فروا من مناطق القتال، كما تقلص عدد مقاتلي التنظيم الإرهابي من 60 ألف مقاتل داعشي إلى بضع آلاف، أثّر على ميزانية التنظيم في تجنيد وإدخال عناصر جديدة.
وتواصل: فضلًا عن أن هناك 35 ألف امرأة موالية للتنظيم أنجبت أطفالاً على الأراضي التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي، ومع قلة أعداد المجاهدين، وتمسك القيادات بالحياة منحت صكوك ومبررات لاستخدام النساء والأطفال لتفجير أنفسهم
وفي الوقت الذي كان يختبئ فيه عناصر داعش في الأنفاق، دفع التنظيم بالنساء إلى القتال عبر تحويلهن إلى قنابل بشرية، وكان يتم إعداد النساء بالمتفجرات ويرسلن عبر الأنفاق ليفجرن أنفسهن بين وحدات قوات سوريا.
وتتابع: ومن العمليات الانتحارية التي تم تنفيذها عملية أطلقت عليها وسائل الإعلام عملية أم كلثوم حيث كان صوت أم كُلثوم يصدح في سماء دير الزور في طريق صحراوي طويل، يردد صوتها "يلا نعيش في عيون الليل ونقول للشمس تعالي تعالي".. هذه الكلمات التي ترددت على مسامع مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، من خلال إحدى العربات في طريقها إلى إحدى القرى. كانت السيارة تقودها فتاة محجبة ومعها أربع فتيات محجبات وعند توقف السيارة في كمين القوات السورية قامت الانتحاريات الخمسة بتفجير أنفسهن داخل الكمين .
لم تكن تلك الحادثة الوحيدة التي قام بها نساء داعش فهناك عدة عمليات انتحارية شهدتها المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم، حتى أطلق على الانتحاريات ظاهرة "الذئاب المنفردة"، والمقصود بها الفتيات اللائي هجرن بلادهن والتحقن بالتنظيم، لتنفيذ عمليات ذات طابع مسلح تطورت فيما بعد إلى انتحارية، في ظل النقص العددي لرجال التنظيم.
لم يختلف الوضع في العراق عن سوريا في المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم فقد أقدم عدد من الفتيات والنساء على عمل عمليات انتحارية وهو ما صرَّح به وقتها سلام العبيدي قائد العمليات الخاصة في الجيش العراقي الذي قال: إن عملية تطهير العراق من داعش أصبحت أكثر صعوبة فيما يتعلق بالنساء، حيث يستخدمهن التنظيم لتحقيق أهدافه وأن أكثر الذين ينفذون عمليات انتحارية هن النساء، مشيرًا إلى أن التنظيم يلجأ لهذه "المحاولات الإرهابية الجبانة" بعد الهزيمة التي مُني بها داعش على يد القوات الأمنية والمدنيين.
انتهى التنظيم وانهارت معاقله وكان مصير الرجال السجن والقتل وقتلت بعض المجاهدات وتم ترحيل البعض منهن إلى بلادهن، وتم القبض على آلاف منهن مع الأطفال وأقمن في مخيمات على الحدود السورية.
ولكن المئات منهن لم يقتنعن بسقوط الراية السوداء، فهى ما زالت تلوّح في الأفق، يحلمن بها ويرتدينها ويتخفين خلفها، حتى داخل سجنهن ما زلن يفكرن بالنصر وإقامة دولة الخلافة الإسلامية.