«نفرتيتي كشفت موهبته».. أسرار في حياة نحات «الكبير أوي»: أنقذ طبيبة من الإعدام
صغير في الصف الرابع الابتدائي، يمسك قلمه، مقررًا الرسم على غلاف كتابه المدرسي، ليفاجأ المدرس بلوحة فنية عظيمة للملكة نفرتيتي في كتب الطالب، فيذهب عليه ويسأله عن طريقة رسمها، ليجد نفسه أمام فنان يحتاج لرعاية فيتبناه، ويدعمه في تعلم فنون جديدة للرسم.. كانت هذه اللحظة الأولى لميلاد الفنان أحمد أبو عقرب، نحات عروسة "لعبة السبيط " بمسلسل الكبير أوي في جزئه السادس.
" عارف لو خلصت الاسكتشات دي كلها هاجيبلك غيرها"، طالما سمع أحمد هذه الكلمات من شقيقه الكبير هيثم خلال فترة الدراسة، إذ كان يشترى له أعدادا كبيرة من اسكتشات الرسم، ويطلب منه أن يرسم ويبدع، وكان يدعمه ويخبره دائمًا أنه سيدخل معهد السينما قسم الرسوم المتحركة، على حد تعبير أحمد أبو عقرب خلال حواره مع " الدستور".
- تحدي الزهرية الإيطالية
التحق "أبو عقرب " بأكاديمية الفنون بوزارة الثقافة قسم ديكور مسرحي، وخلال دراسته، استطاع أن يتفوق على أقرانه من خلال تنفيذ مشروع التخرج لزهرية من الطراز الإيطالي، كانت مليئة بالتفاصيل، وكانت تحديا بينه وبين الدكتور، الذي قال له:" وريني هتعملها أزاي يا أبو العريف".. وبالفعل استطاع تنفيذها بشكل عظيم جدًا، لتوضع من ضمن المعروضات الرئيسية في باحة الأكاديمية، وتتلمذ على يد عدد كبير من المهندسين خلال فترة دراسته، ما جعله يكون من أوائل الخريجين، فيعين على الفور مهندسًا للديكور في مسرح دار الأوبرا.
وعن رحلته داخل دار الأوبرا المصرية، أوضح نحات عروسة "لعبة السبيط"، أنه عين بدار الأوبرا المصرية فور تخرجه، وظل يعمل طوال 4 سنوات داخل مسرح الأوبرا في كل شيء، ولأن المسرح كبير جدًا، جعلهم ينفذون المشاريع بأحجام كبيرة جدًا، ومن هنا تدرب على تنفيذ منحوتات بأحجام ضخمة، إلا أنه قرر أخذ إجازة بدون مرتب، حتى يستطيع أن يبدع في ورشته، ليتخصص في النحت فقط.
- تمثال الأبنودي نقله من الجرافيتي إلى النحت
فور تخرج أحمد أبو عقرب، شعر أنه يمتلك المهارات الكافية ليخوض حربًا شرسة لإثبات ذاته في سوق العمل، وفي أول عمل له استطاع أن ينحت تمثال للراحل عبدالرحمن الأبنودي، لتتحول قبلته من العمل في مجال رسم الجرافيتي للنحت، فاتخذ قراره بتأجير ورشة خاصة به لتنفيذ المشاريع بها، وظل يتخبط حتى اشتهر وسط المهندسين، وعمل في مجال تنفيذ اكسسوارات السينما التاريخية، كالدروع والاسلحة.. وغيرها.
و أضاف أحمد أبوعقرب لـ "الدستور"، "في هذه الفترة لم أكن مهتما بالأعمال التي أشارك بها لأن أغلبها بسيط جدًا، ولا يلفت نظر المشاهد، لأنه كان يقتصر على اكسسوارات أو لوحات بسيطة، على الرغم من انها تحتاج لمجهود كبير جدًا في تنفيذها، إلا أنها لا تأخذ الحجم الذي تستحقه من الاهتمام".
- منحوتة تنقذ طبيبة من تهمة قتل
وتابع "حسيت بقيمة النحت.. حينما تمكنت من إنقاذ طبية أمراض نساء وتوليد من تهمة قتل مريضة"، هكذا حكى أحمد عن أغرب المنحوتات التي نفذها، قائلا، " في يوم جاء لي محامي كبير وطلب مني أن أنفذ منحوتة تشريحية لجسد السيدة الحامل، على أن يكشف شكل الأجهزة داخل الجسد، وذلك أن هذا المجسم سيساعد طبيبة في حالة لكل يد تمتد لها بالعون، إذ أنها متهمة بقتل سيدة، كانت تلد لديها بثقب في القولون خلال عملية الولادة، الأمر الذي أكد عدد كبير من الأطباء استحاله وقوع ذلك، لأن الأجهزة ترتفع في جسد المرأة الحامل لتصل للحجاب الحاجز، حتى يستطيع الرحم التمدد، وبالفعل نفذت المنحوتة بشكل إبداعي، بعدما شاهدت المئات من فيديوهات التشريح والولادة، وسلمت المجسم للمحامي قبل يوم واحد من الجلسة، وشكرني، وبعد الجلسة أتصل بي وأخبرني أنني أستطعت انقاذ حياة الطبية وان الجميع انبهر بدقة المنحوتة.
- عروسة "لعبة السبيط"
أما عن عروسة لعبة السبيط، فأكد أبو عقرب، أن العروسة هي أول عمل له يحظى بتريند على مواقع التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا"، وذلك لأنه أول عمل يأخذ حقه في تسليط الضوء عليه، وعن كواليس ترشيحه لتصميم العروسة، أشار أن مهندس الديكور سامر الجمال، هو من رشحه لهذه المهمة الصعبة، وتواصل معه الإنتاج الذي أكد له أن العروسة ستكون بطلة حلقة كاملة، أخذت التصميم والمقاسات التي غيرتها خلال العمل حتى نضمن ثبات العروسة، لأن الأبعاد كانت ستحدث خللا في منطقة الرأس، خاصًة لأن الثقل كله، يتركز في "الميكانزم" الخاصة بحركة الوجه والعيون.
و استكمل "أبو عقرب"، أن طول العروسة كان 2 متر و70 سم، الأمر الذي كان يكبده مشقة كبيرة للوصول لرأسها من الخارج، لذلك قرر أن يشغل الحركة، وهو بداخلها، لذلك قرر تكبير حجم خصرها، ليتمكن من العمل بداخلها على "ميكانزم" العيون وحركة الرقبة، فالعمل على العروسة استغرق شهرا كاملا من العمل المتواصل، وذلك لأنها تتكون خامات عديدة وهي "الحديد، الفوم، فايبر بلاس، وبوليستر، والماكنيزمات".
- كواليس تصوير حلقة العروسة
وعن كواليس تصوير الحلقة، حكي أنه ذهب بالعروسة لمكان التصوير في الساعة الثانية ليلًا، وجهز العروسة لتكون في استقبال الجميع فور قدومهم في الصباح، وبالفعل كل من يراها يقف أمامها، وينبهر بها، إلا أن أبرز الذين أشادوا بها كان المخرج أحمد الجندي، الذي جلس أمامها لحوالي نصف ساعة، وقال أن العروسة بها ملامح الفنانة الكبيرة أنجي المقدم، وأضاف العديد من الجمل الكوميدية التي تتحدث عن العروسة في الحلقة، معلقًا:" لم أستطع الإستمتاع بردود فعل الفنانين، لأنني طوال فترة التصوير كنت داخل العروسة".
- الصحف اليابانية عن لعبة السبيط
وحققت العروسة إنجازًا عظيمًا، إذ تحدثت الصحف اليابانية عن لعبة السبيط، وتقليد المصريين للعروسة اليابانية، وكذلك أشاد السفير مصر في اليابان، بمعالجة المصريين للفكرة لعبة الحبار، معلقًا:" فرحت جدًا أن فني وصل للكل بالشكل ده، وأن ده نجاح عظيم جدًا، وأنا أعتبر لعبة السبيط نقلة جديدة في حياتي المهنية".
وخلال إذاعة الحلقة لم يكن أبو عقرب يشاهد مسلسل الكبير أوي، إلا أنه علم بإذاعة الحلقة من أصدقائه الذين تواصلوا معه لتهنئته على النجاح المبهر الذي حققه، منوهًا: كنت مستمتع جدًا بأن الناس قدرت المجهود المبذول في العروسة، ولقيت السوشيال ميديا كلها بتتكلم عنها.
- حلمي أن أنفذ تماثيلا في كل الميادين العامة في مصر
و أشار نحات عروسة لعبة السبيط، أنه حتى الآن لم يشعر أنه أخرج كل ما لديه من مهارات، وأن أكثر ما يلفت نظره من الأعمال المنحوتة على الساحة، هو الدكتور ضياء عواد، الذي بذل مجهودًا كبيرًا في حفل موكب المومياوات، وطريق الكباش، مضيفًا أن كل فناني مصر كل منهم له نظرته، والجزء الذي يبدع فيه.
يحلم أبو عقرب، أن ينفذ تماثيل كثيرة في كل الميادين العامة، وكل الناس تراها، على أن تكون جديدة من نوعها، ولم تنفذ من قبل، بحجم جبار، وبأقل تكلفة ممكنه، متمنيًا أن تكون كل أحلامه القادمة المعروضه عليه تكون صعبة، وتمثل تحدًي في تنفيذها، مختتمًا:" عايز أكون فخور بكل أعمالي المقبلة".
