رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تهديد عبر الآثير

تهديد عبر الآثير.. حكايات عن «الابتزاز الإلكتروني» في مصر

أرشيفية
أرشيفية

في إحدى ليالي صيف العام الماضي، عادت "نور" مُرهقة من عملها كادت تريد قسطًا من الراحة، إلا أن طبيعة عملها الشاقة في مجال التسويق عبر الإنترنت، دفعها لتقبع من جديد خلف حاسبها الآلي الصغير، وبمجرد أن ضغطت "زر" التشغيل حتى ظهر ضوء "فلاش" الكاميرا وكأن أحدهم يلتقط لها صورة.

 لم تعبأ وقتها الفتاة بما حدث، وحسبته مجرد عطل بسيط أصاب الحاسب الآلي، حتى حدثها شخص من حساب مجهول على موقع "فيس بوك"، كشف لها أنه قام باختراق الكاميرا الخاصة بجهازها، وصورها صوت وصورة لمدة يومين في منزلها وبملابسها العادية، وقام بتركيب بعض الصور المُخلة على وجهها. 

مجرد رابط ضغطت عليه نور بالخطأ وقت عملها هو ما دفع ذلك المجهود لابتزازها، وهددها إما بتحويل مبلغ مالي، أو نشر تلك الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي. 

لم تستطع الفتاة البوح بما حدث لأي شخص، ومنعتها تهديداته المتتابعة من تحرير أي محضر أو رفع قضية في المحكمة، حتى لجأت إلى هاكر آخر استطاعت اختراق الجهاز الخاص بالمبتز وأصبحت تهدده. 

“نور” هي إحدى ضحايا الابتزاز الإلكتروني الذي أصبح قضية عالمية وقومية بسبب تعدد أساليبه وكثرة ضحاياه، بالرغم من الجهود التي تبذلها مباحث الانترنت لرصد الجناة ومعاقبتهم، "الدستور" استمعت لحكايات بعض الفتيات ضحايا الابتزاز الإلكتروني.

واتساقًا مع ذلك، فقد أكدت عضو منتدى المنظمات الأهلية بالمجلس القومي للمرأة هالة عبد القادر أهمية تسليط الضوء على قضية الابتزاز الإلكتروني، وما يعقبها من تداعيات قد تؤدي إلى الانتحار، جاء ذلك خلال فعاليات الاجتماع الدوري للمنتدى.

وتناولت هبة عادل عضو لجنة المنظمات الأهلية والمنتدى، بعض مواد القانون رقم 175 لسنة 2018 والخاص بتقنية المعلومات وآليات الإبلاغ سواء من خلال الخط الساخن أو الهواتف العادية أو التوجه إلى قسم الشرطة، والاحتياطات الواجب اتباعها من جانب ضحية الابتزاز، والتي من شأنها المساعدة في سرعة الضبط والوصول إلى الجاني.

وعرضت الإشكاليات التي تتعرض لها ضحايا الابتزاز الإلكتروني، ومن أهمها بطء التحرك تجاه الجناة، بالإضافة إلى أن أغلب الضحايا يحتاجن إلى دعم نفسي للخروج من تداعيات الصدمة حتى لا يتطور الأمر إلى جرائم العزلة المؤدية للانتحار. 

بمجرد أن تضع كلمات "اختراق الكاميرات" على محرك البحث جوجل، تجد مئات المواقع التي تحوي داخلها آلاف الطرق للتجسس واختراق الكاميرات، ويعد تطبيق "Remote Monitoring App" هو أشهر برامج الاختراق على الإطلاق، إذ يُتيح للهاكرز إنشاء حساب خاص به عليه للحصول على التطبيق، ويدير ذلك الحساب كلًا من التطبيق وآوامر اختراق الكاميرا والتصوير. 

كذلك برنامج الـ"Teamviewer"، الذي ظهر عام 2005، كوسيلة تواصل عن بُعد، لكن بمرور الوقت تبين أنه تطبيق لاختراق الحواسيب والهواتف من خلال تشفير "سيرفر" برقم خاص يظهر للضحية على شكل صورة أو رابط بمجرد الضغط عليه أصبح جهازهم مُخترق.

منار طالبة بكلية الفنون الجميلة وتقطن بمنطقة مصر الجديدة، ضحية أخرى للابتزاز الإلكتروني، بدأ الأمر حين أرسلت لها إحدى صديقاتها رابط خاص، ضغطت "منا" على ذلك الرابط المُرسل، لتجده يطالبها بإدخال حسابها الشخصي وكلمة السر من جديد.

علمت في تلك اللحظة أنه مجرد فيروس للاختراق، ولكن بعدما تمت عملية الاختراق بالفعل حيث أن صديقتها تم اختراق جهازها أيضًا، وبدأت عملية ابتزاز من شخص مجهول طالبها بتصوير مقطع جنسي له، إلا أنها الفتاة قامت بغلق حسابها وانشاء حساب جديد وتحديث "سوفت وير" الجهاز بالكامل. 

تنص المادة رقم 16 من قانون مكافحة جرائم الإنترنت، على الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيهًا، ولا تجاوز 100 ألف جنيهًا، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة دخول شخص إلى موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي محظور الدخول عليه. 

وتحدد المادة 20 عقوبة اختراق بريد إلكتروني أو موقع أو حساب خاص بالأفراد، بالحبس وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، أما إذا كان البريد الإلكتروني أو الموقع أو الحساب يخص شخصًا اعتباريًا، فتكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيهًا ولا تجاوز 200 ألف جنيهًا، أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

وتعتبر مصر الأولى في الشرق الأوسط تعرضًا لمحاولات الاختراق الإلكتروني، حسبما جاء في الإحصاء الدولي حول مخاطر القرصنة الإلكترونية عام 2017، كما أن شرطة نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أعلنت في نفس العام أن عدد القضايا الإلكترونية التي تم ضبطها أكثر من ألف قضية، وأن عدد بلاغات الاختراق التي تتلقاها شرطة المعلومات وصل إلى 6 آلاف بلاغ سنويًا.

وهناك صفحات عديدة تقوم بالاختراق مقابل الأموال منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تواصلنا مع أحد تلك الصفحات والذي أكد أن هناك تطبيقات اختراق تبدأ من 10 دولار إلى 5000 دولار، حسب إمكانيات الاختراق التي يريدها العميل وأن البرنامج بعد تحميله سيظهر له عدة أيقونات لكلًا منهم استخدام خاص، وبمجرد تحديد موقع الجهاز سواء هاتف أو حاسب يمكن اختراق الكاميرا الأمامية والخلفية وتسجيل كل ما يحدث صوت وصورة والتحكم في الجهاز بدون علم صاحبه. 

توفر تلك الصفحات أيضًا عمليات اختراق من خلال إمدادها بالحسابات أو الأجهزة التي يريد المشتري اختراقها، وفقًا لـ"الأدمن" الذي أكد أن الصفحة والقائمين عليها لديهم باع طويل في ذلك الأمر واخترقوا حسابات كثيرة.