ما مصير العاملين مع القوات الأجنبية في أفغانستان بعد انسحاب القوات الدولية؟
يشعر الأفغانيون الذين عملوا مع القوات الأمريكية بالقلق على عملهم وحياتهم خاصة بعد الإعلان عن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، بعض هؤلاء لا يجرؤون حتى على مشاركة مخاوفهم مع وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي، لكن بعد محاولات استطاع «أمان» التواصل مع أحد هؤلاء الذين عملوا لسنوات مع القوات الأمريكية وعرف عنهم ذلك، وكانوا تحت ظل حمايتهم في أفغانستان، فكيف سيصبح حالهم بعد انسحاب القوات الأمريكية من هناك؟
في البداية، قال أحد سكان منطقة «باغرامي» في كابول، اسم مستعار (باتشولي)، إنه يعاني من مشاكل نفسية منذ إعلان انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، خاصة أنه يعمل مترجمًا معهم في مطار باغرام منذ عام 2006، ومنذ ذلك الحين يعمل ويعيش بجوار المعسكرات والمساكن الخاصة بالأمريكان هناك.
وقال: «قمت بمداهمات ليلية مع القوات الأمريكية الخاصة عدة مرات، حيث كنت أقوم بالترجمة خلال العملية، ورأينا مجموعة متنوعة من المواقف، مثل الإصابات والوفيات والأطفال الجرحى بسبب طالبان والمسلحين جعلتني الآن في حالة خوف ورعب من أنهم قد يتربصوا بي ويقومون برصدي أنا ومن معي ممن يعملون مع الأجانب في أفغانستان».
وتابع أنه الآن بعد أن أعلنت القوات الأجنبية انسحابها من أفغانستان، فإن أكبر مشكلة معهم هي مصير المترجمين، لأن أغلب القيادات الإرهابية في أفغانستان وأتباعهم المساجين أو المعتقلين لدى معسكرات الأمريكان يعرفوننا جيدا لأننا كنا وسيلة الترجمة بينهم وبين القوات الأمريكية.
وأكمل أنه الآن لا يستطيع الذهاب إلى أي مكان، قائلا: «حتى في كابول العاصمة التي تمتلئ برجال الأمن والحواجز، حيث يعيش، يعاني من مشاكل أمنية.. شاغلي الأكبر هو ما سيحدث لمترجمينا بعد مغادرة الأجانب».
وتابع أنه عمل مترجما مع أوروبيين في أفغانستان، وهو قلق بشأن مستقبله ومستقبل أسرته وأهله جدا، مشيرا إلى أنه ذهب للعمل مع الأجانب بنفسه، ولم يقم بزيارة أهله في مدينته منذ سنوات لأنه يعلم أنه سيقتل، ويقوم بدفع والديه لزيارته في كابول كل فترة حتى يستطيع أن يعطيهما الأموال ويرعاهما قليلا، لكنهما يرفضان البقاء معه ويصران على العودة إلى منزلهما، قائلا: لا يمكنني الذهاب إلى المحافظات خوفًا.
واستكمل: «لا أعلم من سيقتلني، فأنا وكثير من زملائي وكثير من الأجانب هنا من الذين عملوا ويعملون مع الأمريكان مستهدفون، إما ستقتلنا طالبان أو القاعدة أو داعش، وهذا وضع صعب للغاية».
وحسب البيانات بالإضافة إلى الأعداد الرسمية للقوات الأجنبية في أفغانستان، عمل حوالي 4000 متعاقد مع أجانب في مختلف المجالات، معظمهم لا يملكون التسهيلات لمغادرة البلاد بعد انسحاب القوات الأجنبية.
«نيلاب مبارز» الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر الأفغاني، قال، لـ«أمان»، إن الأمر خطير جدا وجميعنا ننتظر كيف ستسير الأمور وكثير من المراقبين الدوليين والعاملين في المنظمات الحقوقية والإنسانية سيصبحون في خطر، والأمر لا يتوقف فقط عند العاملين مع الأجانب بل إن حياة أسرهم معرضة للخطر.
وقال الدكتور كمال السادات، نائب الوزير السابق لشئون الشباب في أفغانستان، إن العديد من الشباب عملوا مع أجانب ويعرف كثيرون ممن استُهدفوا قبل مغادرتهم، وكذلك بعضهم عملوا في مجال إعادة الإعمار وحماية الضحايا والعمل على حقوق الفتيات والأطفال، مؤكدا أنه إذا غادرت القوات الدولية سيصبحون الهدف الأول للمعارضة لأنهم بالنسبة لهم ليسوا أقل من الأجانب.
وأضاف «السادات» أن بعض المتعاقدين أو المستشارين الأجانب الأفغان غادروا أفغانستان مؤخرًا ويعيشون الآن في الولايات المتحدة أو أستراليا أو الدول الأوروبية، ويواجهون الآن تهديدات من العناصر والموالين للقاعدة أو داعش أو طالبان، وتم قتل إخوانهم وآبائهم.
ودعا الدول المعنية، ولا سيما الولايات المتحدة، إلى تسهيل وتبسيط عملية إصدار تأشيرات اللجوء لهم، مؤكدا أنه مع الانسحاب ستصبح أفغانستان تحت حكم الميليشيات المسلحة الإرهابية.
ورغم أن الحكومة لم تعلق على سلامة الأفغان الذين يعملون مع الأجانب، إلا أن الرئيس «غني» أكد قبل أيام أن الوضع لن يتفاقم مع انسحاب الأجانب.
من جانبه، قال وزير الدفاع الألماني إنه لن ينسى نظراءه الأفغان بعد الانسحاب، وأن القوات الألمانية ستولي اهتماما كبيرا لسلامة موظفيها الأفغان عند مغادرتهم أفغانستان.