رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية كلمة «لا مؤاخذة» التى أرّقت منام عبدالرحمن السندى

عبد الرحمن السندي
عبد الرحمن السندي

في المسلسل الذي كتبه ثروت الخرباوي بعنوان "التنظيم السري"، وأذيع في العام 2015، من بطولة طارق لطفي ومنذر رياحنة (ولعب خلاله دور عبدالرحمن السندي)، يكشف كيف كره السندي لفظ "لا مؤاخذة" ويخاف منه.

كان الطالب الشاب عبدالرحمن السندي الحاصل على شهادة البكالوريا قدم لتوه من مسقط رأسه بمحافظة المنيا٬ ليبدأ رحلة تعليمه الجامعي.

وكانت أولى هذه الخطوات البحث عن سكن مناسب ليقيم به حيث توجه "السندي" لمنطقة بين السرايات للبحث عن شقة ليستأجرها وكان دليله في هذه الرحلة "عم مغاوري" السمسار.

وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة قال السندي للعم مغاوري: خلاص أنا تعبت هادور على شقة في السيدة زينب أو الحسين، فرد مغاوري: الشقق هنا في بين السرايات كتيرة وفي ضهر الجامعة يعني يادوب تعفر رجلك بتراب الرصيف وخطوتين تلاقي نفسك في المدرج ولمؤاخذة٬ لا هاتركب قطر ولا ترومواي ولا مؤاخذة.

سريعا ما يعثر مغاوري على شقة قريبة للجامعة في بين السرايات ورغم أن صاحب المنزل لا يقبل بسكن العزاب لديه في منزله إلا أن مغاوري أقنعه بأن السندي يعرف الأصول فهو ابن الصعيد فحصل السندي على مبتغاه وحصل على سكن بالقرب من مكان دراسته في جامعة القاهرة.

ونشأت علاقة من الود والصداقة بين مغاوري السمسار والطالب الجامعي عبدالرحمن السندي ووقتها كان السندي كأي مسلم مصري عادي لم تلوثه أفكار الجماعة الشيطانية من تكفير كل وأي من يخالفها الرأي والرؤية.

وفي أحد الأيام تعرض السندي لنوبة ضيق تنفس حتى فقد وعيه فلم ينجده وينقذ حياته سوى عم مغاوري الذي نقله سريعا للمستشفى وظل بجانبه حتى استرد وعيه وعافيته وعندما سأل الممرضة عن مرضه وما أدى به لهذه الحالة أخبرته بأن هذه إحدى نوبات شريانه المصاب في قلبه على إثر إصابته باللوز وهو صغير.

تتعمق الصداقة أكثر بين مغاوري والسندي الذي شعر نحوه بالامتنان فهو الوحيد الذي كان بجانبه عندما كاد يفقد حياته وخلال معايشة الصديقين ينتبه السندي لكلمة أو لفظة "لمؤاخذة" التي يستخدمها ويقولها مغاوري دائما في حديثه، حتى إنه يقولها بين كل كلمة وأخرى وعندما يسأله السندي عنها ولماذا تلازم حديثه دائما يجيبه مغاوري: "ولمؤاخذة دي معانيها كتيرة يعني كلامك مثلا يكون فيه غلط فتيجي تستسمح اللي بتكلمه وتقوله لمؤاخذة٬ يعني سامحني ومتأخذنيش متزعلش مني دي كلمة كلها لطافة".

ما أن يجند "محمود عبدالحليم" السندي بجماعة الإخوان ويبدأ الأخير في تكوين نظامه العسكري السري الذي أمره حسن البنا بكتمان أمر وجوده حتى عن أعضاء الجماعة الآخرين يبدأ السندي في التحول والتغير، وهو ما يلحظه صديقه مغاوري ويكتشف أن السندي قد انضم للجماعة الإرهابية، لكنه يظل على علاقته به حتى إنه حاول أن يصطحبه إلى مسجد الحسين للاحتفال بمولده.

في هذه الليلة تحديدا كان السندي يستعد لتفجير أحد مقاهي حارة اليهود تنفيذا لأوامر حسن البنا التي أخذها بدوره من الإنجليز للبدء في موجات الهجوم على اليهود في مصر ودفعهم للرحيل عنها، ويفاجأ السندي وهو على المقهى ومعه حقيبة ممتلئة بالمتفجرات بوجود عم مغاوري فيسأله عن سبب وجوده ولماذا لم يذهب لمولد الحسين٬ يخبره مغاوري بأنه ينتظر الخواجة صروف لإتمام عملية بيع القطن وهو الوسيط فيها ويعد السندي "بالحلاوة" لو تم الأمر، فيحاول السندي أن يصرف مغاوري عن المقهى قبل أن يفجره إلا أنه في النهاية يترك الحقيبة لتنفجر في المقهى ويقتل مغاوري في الانفجار تاركا وراءه زوجته وأطفاله بلا عائل.

يظل شبح مغاورى السمسار يطارد عبدالرحمن السندي في صحوه وفي منامه٬ حتى إنه بمجرد أن يسمع كلمة "لا مؤاخذة" ينتفض جسده ويرتعش خوفا وربما شعورا بالذنب الذي اقترفه في حق مغاوري الذي أنقذ حياته ذات يوم وكان له نعم الصديق والسند.

وطاردت روح مغاوري السندي في منامه وأرّقت أحلامه فكان يصحو مفزوعا من الكوابيس التي تطارده في هيئة لفظة "لا مؤاخذة".