رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"العنف والإرهاب".. دساتير الإخوان الثابتة لمواجهة المعارضين لأفكارهم

أحداث شغب قادها الإخوان
أحداث شغب قادها الإخوان

على مدى سنوات طويلة تزعم جماعة الإخوان الإرهابية أن منهجها لم يدعُ إلى العنف أو الإرهاب، إلا في حالات "شاذة" على حسب قولهم، لكن المدقق في تاريخ الجماعة يرى أن العنف والإرهاب هو سلاح الجماعة منذ تأسيسها على يد مرشدها الأول حسن البنا.

ففي دراسة بحثية صادرة عن وكالة "سكاي نيوز"، أوضحت أن العنف والإرهاب جزء رئيسي في فكر الجماعة من أجل تحقيق أهدافها، لكن الاختلاف لاحقا كان على شكل العنف وكيفية تنفيذه.

وحسب الدراسة، فإن العنف كان متأصلًا في فكر الجماعة، منذ أن كان مجرد أفكار في ذهن البنا في عشرينيات القرن الماضي، مرورا بطرق تبرير العنف، وتطبيقه في دول عربية عدة، مثل مصر واليمن وسوريا وليبيا.

وتتطرق الدراسة إلى كيف عمل "الإخوان" على "تفريخ" تنظيمات إرهابية أشد عنفا، مثل الجماعة الإسلامية قبل عقود، والقاعدة وداعش حاليا، التي بنت عقيدتها على فكر التنظيم، وعلى رأسها تكفير الآخر والإيمان باللجوء إلى العنف لتحقيق الأهداف، وكيف استغل التنظيم الأم هذه الجماعات لتحقيق مكاسبه.


أفكار البنا

ويوضح البنا أفكاره في رسائله، وهي عبارة عن كلمات كان يلقيها خلال مؤتمرات الإخوان وندواتهم، وجمعت لاحقا في كتاب حمل اسم "الرسائل"، بأن الوصول إلى السلطة "ركن من أركان الإسلام" تماما مثل الصلاة والزكاة، ويقول: "هذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه".

ويضيف البنا، في إحدى رسائله التي أباح فيها عمليا العنف لتنظيمه، إنه من حق الإخوان شن حرب لا هوادة فيها على كل زعيم أو رئيس لا يعمل على إقامة نظام سياسي يتوافق مع أيديولوجية التنظيم، التي يزعم أنها تحتكر قيم الإسلام.

وبعد أن أسس فكريا وتنظيميا للإخوان لمدة 9 سنوات، بدأ مرشد التنظيم يضع أفكاره العنيفة موضع التنفيذ.

وفي مارس من عام 1948، تعرض القاضي المصري أحمد الخازندار إلى الاغتيال، بينما كان يهم بالذهاب إلى عمله، حيث كان من المفترض أن ينظر في قضية تفجيرات سينما مترو، التي تورط فيها عناصر من الإخوان، وأثبتت التحقيقات لاحقا أن منفذي الاغتيال أعضاء في الإخوان.

وكان البنا قال، قبل ذلك، إن هذا القاضي يستحق الموت، وذلك بسبب مواقفه التي اعتبرها متعسفة في قضايا سابقة أدان فيها إخوانيين، فذهب السندي وأعد خطة الاغتيال.

وفي ديسمبر من العام نفسه، اغتال عناصر من الإخوان رئيس الوزراء المصري محمود النقراشي، بعد أيام على اتخاذه قرار حل تنظيم الإخوان.

وأصدر البنا بيانا بعد العملية، استنكر فيه عملية الاغتيال، معتبرا أن مرتكبيه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين"، لكن المرشد المؤسس مات دون أن يتخذ أي إجراء لحل التنظيم الخاص أو يعلن رفضه الأعمال التي ارتكبها.

وتظهر هذه الوقائع بشكل لا لبس فيه تورط المرشد المؤسس في العنف وإجازته له، ثم محاولة تضليل الرأي العام والسلطات بأن الإخوان ليسوا جزءا من العنف الذي سفكت فيه دماء سياسيين وقضاة، ورُوع من جرائه مدنيون مصريون.

ويردد الإخوان سردية أن أفكار العنف وممارسته جاءت مع سيد قطب في كتاب "معالم على الطريق"، لكن كما تم إيضاحه آنفا، فإن فكرة العنف متجذرة منذ البداية في فكر التنظيم الإرهابي.

وقال قطب في كتابه: "كل أرض تحارب المسلم في عقيدته، وتصده عن دينه، وتعطل عمل شريعته، فهي دار حرب ولو كان فيها أهله وعشيرته وقومه وماله وتجارته".

ولم يأتِ سيد قطب في كتابه بجديد بشأن العنف، إذ إنه توسع أكثر في شرح أفكار المرشد المؤسس البنا، خاصة تكفير الآخرين، وإضفاء الشرعية على استخدام العنف وسيلة في السياسة.

وإن ما وصف بـ"الأفكار القطبية" تقوم على تكفير الحاكم وجاهلية المجتمع إذا كانت الدولة لا تطبق الإسلام، كما يفهمه الإخوان، وقتال الطوائف المختلفة عن تطبيق الشرعية، مثل الجيش والشرطة.

وحاول الإخوان مرارا نفي صلتهم بأفكار قطب، معتبرين أنها "خارجة عن فكر الجماعة الوسطي"، إلا أن الأحداث بعد سنوات قليلة أثبتت أن القوة والعنف هي سبيل الإخوان نحو السلطة.


حسم ولواء الثورة

وحتى بعد مرور عقود طويلة على تأسيس الإخوان، إلا أنهم ظلوا مصرين على العنف وسيلة، لكنهم غيروا تكتيكاتهم، بعدما أسقطت ثورة 30 يونيو الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث أطلق الإخوان تنظيمات إرهابية مسلحة تحت أسماء مستعارة مثل "حسم" و"لواء الثورة"، واعترف أعضاء من هذا التنظيم بصلتهم بالإخوان.

وخلال السنوات الخمس الأخيرة، تبنى التنظيمان عمليات إرهابية استهدفت بشكل رئيسي قوات الجيش والشرطة، كما أحبطت السلطات العديد من مؤامرات التنظيمين، مثل تفجيرات كادت تقع بالتزامن مع أعياد الميلاد في عام 2017.

وبثت السلطات اعترافات العديد من عناصر التنظيمين، الذين قالوا بما لا يدع مجالًا للشك إنهم مرتبطون بالإخوان.

وفي نهاية عام 2016، فجّر مجدي شلش، عضو اللجنة الإدارية لجماعة الإخوان، والصديق المقرب من محمد كمال، عضو مكتب إرشاد الجماعة، ومسئول تحركاتها الداخلية، الذي قتل في أكتوبر 2016 خلال مواجهات مع قوات الأمن، مفاجآت كبيرة حول وضع الجماعة الآن، وقصة إعادة تأسيس الجناح المسلح بقيادة كمال، الذي أطلقوا عليه "الحراك الثوري" داخل مصر لإسقاط الدولة، وإعادة ما وصفوه بـ"الشرعية" عبر السلاح.