«ذا هيل»: أمريكا تجابه حشدًا من التحديات الداخلية
رأت صحيفة «ذا هيل» الأمريكية أنه في غضون ما تشهده أوكرانيا من عمليات عسكرية روسية، باتت الولايات المتحدة تجابه في الوقت ذاته حشدًا من التحديات الداخلية.
وأوضحت الصحيفة - في تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم - أنه "منذ 24 فبراير الماضي وبعد ما يقرب من شهر من إراقة الدماء، ركزت الكثير من الأنباء في الولايات المتحدة على أحداث أوكرانيا وهي محقة في ذلك. ومع ذلك، فإن العديد من القضايا المحلية الجديرة بالملاحظة ظلت بعيدًا عن الأنظار، أو لم تحظ بالاهتمام الذي كان من الممكن أن تتلقاه عادة في ظل وضع عالمي أكثر هدوءًا"، معتبرة أن المشرعين الذين يتجاهلون هذه التطورات "يفعلون ذلك على حساب أمتنا".
واستعرضت الصحيفة في تقريرها بعضًا من تلك التحديات، والتي جاء على رأسها وباء فيروس كورونا المستجد، إذ أوضحت أنه في 25 فبراير الماضي، قامت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بمراجعة إرشادات ارتداء أقنعة الوجه الخاصة بها وإنشاء تقييم للمخاطر من ثلاثة مستويات (منخفضة ومتوسطة وعالية) وذلك استنادًا إلى ثلاثة عوامل داخل المقاطعة: الاستشفاء وتوافر أسرة المستشفى وعدد الحالات الجديدة فضلًا عن معدل الحالات الجديدة للفرد. وأدى هذا إلى تحويل عبء سياسات أقنعة الوجه لتتحمله المجتمعات المحلية. وهو أيضًا مؤشر على أن المرحلة الوبائية لـ كوفيد-19 تنتقل إلى مرحلة التوطن. ويضع هذا مزيدًا من المسئولية على عاتق الأفراد لحماية أنفسهم إذا كانوا جزءًا من الفئات الضعيفة مثل الذين يعانون من نقص المناعة أو كبار السن.
أما عن أسعار البنزين والتضخم، وفقًا للصحيفة، فقد ارتفعت أسعار البنزين إلى مستويات قياسية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، حيث تجاوزت 4 دولارات للجالون في جميع أنحاء البلاد. وكان آخر مرة وصلت فيها أسعار البنزين إلى هذه المستويات مرة أخرى في عام 2011 والتي تزامنت أيضًا مع الاضطرابات السياسية في الشرق الأوسط. وقالت الصحيفة إنه "نظرًا لأن كل جانب من جوانب سلسلة التوريد والبنية التحتية للنقل في بلادنا يستخدم الوقود، فقد تمخض ذلك عن زيادة الضغط على الأسعار، مما دفع التضخم إلى مستويات لم نشهدها منذ أكثر من 40 عامًا. ولكون السلاح الأساسي المتاح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لمكافحة التضخم، هو رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل والتي استخدمها للتو من خلال رفع سعر الصندوق الفيدرالي بنسبة 0.25 في المائة، فقد يؤدي ذلك أيضًا إلى وضع معاكس للنمو الاقتصادي، الأمر الذي يخلق خطر حدوث ركود في الوقت الذي تدخل فيه الأمة موسم انتخابات التجديد النصفي".
وفيما يتعلق بالدين القومي، أشارت "ذا هيل" إلى تجاوز الدين القومي للولايات المتحدة مؤخرًا 30 تريليون دولار. وحتى في ظل الانخفاض التاريخي لأسعار الفائدة على مدار العقد الماضي، فإن نفقات الفائدة على هذا الدين في طريقها كي تتجاوز 600 مليار دولار في السنة المالية 2022، على الرغم من أن بعضًا منها هي ممتلكات داخل الحكومة. وتعني زيادة فائدة الصندوق الفيدرالي أن الديون الجديدة والمتجددة ستتطلب مدفوعات أعلى لمعدلات الفائدة، مما يدفع بنفقات الفائدة إلى المستويات التي تحركها على مسار خطير نحو أعلى فئة من النفقات الفيدرالية.
وأضافت الصحيفة أنه مع استمرار الأحداث الجارية في أوكرانيا، فهناك العديد من الأحداث والقضايا التي تتسلل هنا في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن البعض يود الاعتقاد بأن جائحة (كوفيد-19) قد انتهت، حتى لو كنا ننتقل إلى المرحلة المتوطنة فسوف تستمر إصابة الناس بالعدوى وستحدث الوفيات بين أكثر الفئات ضعفًا. وهذا يسلط الضوء أيضًا على الحاجة إلى علاجات آمنة وفعالة وهو أمر تسعى إليه صناعة الأدوية بقوة.
وتشير البيانات إلى أن أسعار البنزين بدأت في الارتفاع قبل وقت طويل من العمليات الروسية في أوكرانيا. ورأت الصحيفة أن الحرب هي تفسير مناسب وهي بالتأكيد تؤدي إلى تفاقم الوضع لكنها ليست السبب الجذري لارتفاع الأسعار.
ومضت الصحيفة قائلة إنه يمكن قول الشيء نفسه عن التضخم الذي بدأ أيضًا في الزيادة في منتصف عام 2021 ، قبل وقت طويل من العمليات الروسية.
وبالنظر إلى أن السلع والخدمات يتم تسليمها ضمن سلسلة التوريد العالمية، فإن التأثير الاقتصادي لهذه العمليات الروسية كبير على الصعيد المحلي. وعلاوة على ذلك مع عدم دعم الصين صراحة للعمليات الروسية -وفي الوقت ذاته إظهارها الدعم لروسيا بطرق أخرى- فإن التوازن الدقيق لإدارة لاعبين متعددين في لعبة معقدة من الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية والحرب المباشرة تعني أن النتيجة المحتملة من كل ذلك محفوفة بالمخاطر فهي مخاطرة غير قابلة للتنبؤ بدرجة كبيرة.
واختتمت الصحيفة الأمريكية قائلة إنه ربما يمكن للنواب من الحزبين اغتنام هذه اللحظة لتنحية المشاحنات الصغيرة جانبًا والالتفاف سويًا، ففي الواقع، السلام في أوكرانيا ليس أمرًا حاسمًا للأوكرانيين فحسب، بل للأمريكيين وللجميع في العالم.