رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعميق التعاون الفكرى بين الصين والدول العربية

فى الخامس عشر والسادس عشر من شهر مارس ٢٠٢٢ عُقِد اللقاء الافتراضى بين الحزب الشيوعى الصينى والأحزاب السياسية، والمؤسسات الفكرية ووسائل الإعلام فى الدول العربية، وذلك لتعميق التعاون الفكرى حول السياسات والصداقة الشعبية، بين الصين والدول العربية.

وتم اللقاء عبر ثلاث جلسات حوار مهم تحت عدد من العناوين، حيث كانت الجلسة الأولى بعنوان «الحزب الشيوعى الصينى فى العصر الجديد»، والجلسة الثانية تحت عنوان «الديمقراطية والتنمية.. مسئولية ودور الأحزاب السياسية والمؤسسات الفكرية ووسائل الإعلام»، أما الجلسة الثالثة فقد تناولت «أوضاع المنطقة والعلاقات الصينية العربية». 

وفى هذا المقال اسمحوا لى أن أتناول ما جاء فى الجلسة الثالثة، حيث تناولت هذه الجلسة المهمة بحث قضايا على جانب كبير من الأهمية، وفى كلمتى أمام السادة الحضور ركزت على ما يخص العلاقات بين دول المنطقة ودولة الصين الصديقة، وأشرت إلى أننا نتابع بدقة واهتمام التطورات الإيجابية فى هذا المسار، وعلى الأخص فيما يخص العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الصين ومصر، والتى تصب فى صالح شعبينا وبلدينا.

لقد أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى لقائه مع الرئيس الصينى «شى جين بينج» ببكين، يوم ٥ فبراير ٢٠٢٢، حرص مصر على الوصول بالتعاون الثنائى بين البلدين إلى آفاق أرحب من التنسيق والتعاون المشترك فى العديد من المجالات، منها: أنشطة البحث العلمى، ونقل التكنولوجيا المرتبطة بالصناعات الدوائية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسيارات الكهربائية، وتعظيم التعاون والتنسيق بين جهات الرعاية الصحية بالبلدين لنقل الخبرات الصينية فى مكافحة كورونا.

كما دعا الرئيس الصينى «شى جين بينج» الصين ومصر إلى العمل معًا للمساعدة على جعل لقاح «كورونا» فى متناول الدول النامية وبتكلفة محدودة، مؤكدًا أن الصين تدعم مصر فى اتخاذ مسار تنموى يناسب واقعها.. واتفق الرئيسان على أهمية الدور الذى تضطلع به المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى تعزيز مبادرة الصين «الحزام والطريق»، ودعم تحقيقها الأهداف المرجوّة منها، خاصةً من خلال المنطقة المصرية الصينية للتعاون الاقتصادى والتجارى، التى تسهم فى دفع جهود مصر لتوظيف الموقع الاستراتيجى المهم لمحور قناة السويس، سعيًا لأن يُصبح مركزًا لوجستيًا واقتصاديًا عالميًا.

وكذلك بحث الرئيسان سبل دعم الشراكة والتعاون الثلاثى بين البلدين فى القارة الإفريقية، مع التركيز على أولويات التنمية فى إفريقيا على أساس الملكية الوطنية لبرامج وأجندة التنمية الإفريقية ٢٠٦٣، وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. 

أما فيما يخص العلاقات العربية - الصينية، فنحن نؤكد ونحرص من منطلق مصلحة الشعوب العربية، ومصلحة الشعبين الصينى والمصرى، على تحقيق المزيد من التعاون بين الطرفين العربى والصينى، لدفع التنمية، ودعم سياسات السلام فى العالم، والتعاون على أساس المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، واحترام سيادة كل الدول.

وانطلاقًا من هذا الموقف، فإننا نُثمّن نتائج الزيارة التى قام بها إلى الصين، فى شهر يناير الماضى، وزراء خارجية عدد من دول الخليج العربى، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج، واتفاق الجانبان على ضرورة إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بينهما فى أسرع وقت، وعلى رفع مستوى التعاون بين الطرفين بما يحقق التنمية المشتركة، وكذلك اتفاقهما على وضع خطة عمل بين عامى ٢٠٢٢- ٢٠٢٥، لفتح مجالات جديدة للشراكة، وإتمام الحوار حول اتفاقية التجارة الحرة بينهما.

ونحن إذ ننطلق دائمًا من منطلق أن مصلحة الشعبين الصينى والمصرى، ومصلحة الشعوب العربية، إنما يُحققها المزيد من التعاون معًا، للبناء والتقدم، ولدعم التنمية والتشارك على أساس المنفعة المتبادلة واحترام سيادة جميع الدول- فإننا نُثمّن موقف الصين المتوازن فى الأزمة الأوكرانية الحالية، وحرصها على تحقيق الأمن والسلم العالميين، وفى الوقت نفسه إقرار حق الدولة الروسية فى الدفاع عن أمنها القومى، وتحييد كل التهديدات لمستقبل واستقرار الدولة والشعب فى روسيا.

كما نلفت الانتباه إلى أن أحد الأهداف الرئيسة لتدخل الإمبريالية الأمريكية، وتوابعها فى حلف «الناتو»، لتصعيد المواجهة فى الأزمة الأوكرانية، هو محاولة تعطيل العملية التاريخية لتشكيل نظام عالمى جديد متحرر من هيمنة القطب الأمريكى الأوحد على شئون العالم، وإعاقة تقدم الصين وروسيا لاحتلال موقعهما المرتقب فى صدارة العالم.

وكذك نرى وجوب الإشارة إلى خطورة الأوضاع المتأزمة فى منطقتنا على الاستقرار والسلم العالميين، ومن ثم نطالب جمهورية الصين الشعبية الصديقة بدعم الحق المشروع للشعب المصرى فى نصيبه التاريخى المستحق من مياه النيل، شريان الحياة الرئيسى لأكثر من مائة مليون مصرى.

وأيضًا نطالب، من منطلق الصداقة والتفهم المشترك، باستمرار وتعظيم دعمها حق الشعب الفلسطينى فى دولته واسترداد حقوقه السليبة، وأن تضع موضع الاعتبار التقرير الأخير لـ«منظمة العفو الدولية» الذى يُدين إسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصرى، «أبارتايد»، نظرًا لارتكابها جرائم التطهير العرقى، والتهجير القسرى لأبناء الشعب الفلسطينى، بجانب الاعتداءات المستمرة، وتهديد الحياة اليومية للملايين من الفلسطينيين.

وأخيرًا، فإننا نتطلع إلى مزيد من التعاون المشترك من أجل التنمية والتقدم، وتوفير فرص العمل الكريم، والقضاء على الفقر، وحماية كوكبنا مما يتهدده بسبب التغيرات المناخية الحادة والتلوث والتصحر والجوائح وغيرها من التحديات.