رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا للعنف ضد المرأة

 

عرَّفت الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه أى اعتداء ضد المرأة مبنى على أساس الجنس «النوع» والذى يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم نفسى، أو جسدى، أو جنسى للمرأة، ويشمل التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط والحرمان التعسفى للحريات، سواء حدث هذا فى إطار الحياة العامة، أو الخاصة.

يزداد العنف ضد المرأة فى السنوات الأخيرة بكل أشكاله؛ العنف الأسرى، والمجتمعى، والعنف فى أماكن العمل، والعنف الناتج عن الهجرة غير الشرعية، والعنف الناتج عن الصراعات والنزاعات والحروب التى تؤدى إلى النزوح واللجوء لمخيمات تفتقر لأبسط مظاهر الحياة الآدمية، والعنف الناتج عن زيادة البطالة والفقر نتيجة لجائحة كورونا، والتى نتج عنها فقدان الملايين من سكان العالم وظائفهم.

فى هذا المقال سأتناول قضية من قضايا العنف ضد المرأة، وهى قضية الزواج المبكر «زواج القاصرات»، تلك القضية التى دار الحوار والنقاش بخصوصها يوم السبت ١٩ فبراير ٢٠٢٢ فى اللقاء الذى نظمته مؤسسة القيادات المصرية للتنمية التى ترأستها الدكتورة مى التلاوى، بالتعاون مع الشبكة الوطنية لمؤسسة آنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات، ومنسقتها السيدة الأستاذة ميرنا شلش، وتم اللقاء بحضور الأستاذة شيريهان شرابى، والدكتورة ماجدة محمود عن المجلس القومى للمرأة، ومن الجمعيات الأهلية الأستاذة جمهورية عبدالرحيم، والرائدات الاجتماعيات، والرائدات الصحيات، والأستاذة أميرة عبدالحكيم، والأستاذة أميرة حسن، وممثلى الأحزاب، وعدد من الصحفيات والإعلاميات، كما حضر اللقاء الافتراضى عبر شبكة الإنترنت كل من السيدة نجلاء محمد فائز مؤسس «جمعية وطن لخدمة اللاجئين السوريين» بجمهورية مصر العربية، والأستاذة منى النمورة عضو الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وسكرتيرة دائرة المرأة بجبهة النضال الشعبى، مع مجموعة من السيدات الفضليات الفلسطينيات.

وأعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى أواخر عام ٢٠١٧ عن «التعداد لمن هم أقل من ١٥ عامًا ويبلغ عددهم ٣٢ مليونًا و٤٠٠ ألف، عدد الإناث منهم ١٥ مليونًا و٧٠٠ ألف فتاة، وعدد الذكور ١٦ مليونًا و٧٠٠ ألف فتى، وأن هناك ١١٨ ألف حالة زواج للقاصرات سنويًا، بنسبة ٤٠٪ من إجمالى حالات الزواج فى مصر منهن ١٢٠٠ مطلقة، و١٠٠٠ فتاة أرملة»، وأضاف: «معظم الزيجات التى تتم لمن هن أقل من ١٥ عامًا غير موثقة».

وأشار الجهاز إلى أن الزواج أقل من ١٨ سنة انتهاك لحقوق المرأة المصرية وعائق أمام تعليم الفتاة وانخراطها فى العمل، وتحدٍ لا يستهان به فى زيادة المواليد، وزيادة نسب الطلاق، ومعدلات زيادة أطفال الشوارع.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أعلن، فى مؤتمر صحفى بمناسبة اليوم العالمى للطفل فى ٢٠ نوفمبر ٢٠٢١، عن أن تعداد من هم أقل من ١٨ سنة بلغ ٤١ مليون طفل وطفلة، منهم ٢١ مليونًا من الإناث، و٢٠ مليونًا من الذكور.

تناولت المتحدثات والحاضرات نقاشًا مطولًا حول أسباب الزواج المبكر، ومنها:

التفسيرات الدينية المغلوطة التى تحث على زواج القاصرات. 

الفقر الذى يدفع الأسرة لتزويج الفتيات فى سن مبكرة لعدم القدرة على الإنفاق عليهن، وللتخلص من مسئولياتهن.

العادات والتقاليد التى تترسخ لدى الأسر المصرية بأن أفضل مكان للمرأة هو البيت.

غياب القوانين الرادعة، مع غياب الرقابة، وعدم تفعيل وتنفيذ القوانين.

وكانت مداخلتى فى هذا اللقاء حول دور الإعلام فى مواجهة ظاهرة الزواج المبكر، وأوضحت أن وسائل الإعلام لا تقوم بدورها المهم فى مواجهة هذه الظاهرة، من حيث التوعية بمخاطرها بشكل مستمر، وأن بعض الإعلانات الوقتية لا تقوم بدور كافٍ للتقليل من الظاهرة والقضاء عليها، كما أن للدراما التليفزيونية والسينما والإعلام المرئى والمكتوب والمسموع دورًا مهمًا فى التوعية.

وخلصت الندوة إلى العديد من المطالب والتوصيات، منها:

التأكيد على تعليم الفتيات والسيدات ومحو أميتهن، مع التمكين الاقتصادى من خلال دعمهن بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.

استخدام وسائل الفنون المختلفة من مسرح وسينما ومسلسلات وأغانٍ وإعلانات للتوعية بمخاطر الزواج المبكر.

تضمين مناهج التعليم التربوية مواد علمية عن المخاطر الصحية والاجتماعية الناتجة عن الزواج المبكر.

زيادة مساحة البرامج التثقيفية والتوعوية بالإعلام المرئى والمسموع والمقروء التى تتناول العادات والمفاهيم المغلوطة ومخاطر زواج القاصرات.

مشاركة مؤسسات الدولة والوزارات والهيئات المعنية «وزارات الصحة، والتربية والتعليم، والشباب والرياضة، والعدل، والأوقاف، والتضامن الاجتماعى، والهيئة العامة لقصور الثقافة، ومراكز الشباب والنوادى والهيئات الوطنية للإعلام» مع جميع منظمات المجتمع المدنى، من أحزاب، وجمعيات أهلية، ومؤسسات ومنظمات حقوقية تدافع عن قضايا المرأة؛ وذلك لوضع خطة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التى تستنزف الموارد البشرية الشابة والمستقبلية التى ستسهم فى نمو وبناء وتقدم البلاد، وتتضمن هذه الخطة الفترة الزمنية، والآليات، والإمكانيات المادية والبشرية.

تعديل بعض القوانين ووضع تشريعات لتغليظ العقوبات لتكون رادعة.

تحية لمؤسسة القيادات المصرية للتنمية، وتحية لكل الحضور الذين تناولوا الموضوع من كل جوانبه.