خبراء: مصر أثبتت قدرة فائقة على التحوّل للاقتصاد الأخضر فى فترة وجيزة
نفذت مصر العديد من المشروعات المعتمدة على الطاقة المتجددة، خلال السنوات القليلة الماضية، وذلك ضمن خطتها للتحوّل إلى الاقتصاد الأخضر كتوجه عام للدولة.
وفى ضوء ذلك، سعت الحكومة لتنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتحقيق نمو اقتصادى وتنمية مستدامة، وفقًا للمعايير الدولية مع الحفاظ على البيئة من التلوث وتقليل الانبعاثات التى تمثل خطورة على صحة المواطنين.
وتنفذ مصر، وفقًا لرؤية ٢٠٣٠، العديد من المشروعات الخضراء، بدأ بعضها العمل فعليًا، وعلى رأسها محطة بنبان للطاقة الشمسية، وما زالت العشرات فى طور التنفيذ، التى تمثل ٣٠٪ من المشروعات التى تشيدها مصر حاليًا، مع السعى إلى زيادتها إلى ٥٠٪، خلال السنوات الثلاث المقبلة.
فى هذا السياق، كشف عدد من الخبراء فى الاقتصاد والطاقة والبيئة عن أسباب نجاح مصر فى التحوّل للاقتصاد الأخضر، وكيف يتم تعزيز هذه المشروعات فى السنوات المقبلة.
هدى الملاح: يحارب الفقر والبطالة ويخفض أسعار الطاقة
قالت هدى الملاح، مدير المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن مصر أثبتت قدرة فائقة على التحوّل للاقتصاد الأخضر، حيث تمكنت- خلال سنوات قليلة- من تدشين العديد من المشروعات التى تعتمد على الطاقات البيئية المتجددة، التى لا يخرج عنها أى نوع من ملوثات البيئة.
وأوضحت «الملاح» أن الاقتصاد الأخضر ناتج عن تحسن الوضع الاقتصادى مع الحد من المخاطر البيئية بهدف إنشاء مجتمع وبيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادى، وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل.
وأضافت: «نفذت مصر أكبر المشروعات فى المنطقة لإنتاج الطاقة الكهربائية اعتمادًا على الطاقات المتجددة بعيدًا عن المفهوم التقليدى والمضر بالبيئة، ومن بينها البترول الذى يشكل تكلفة عالية».
وأشارت إلى أن محطة بنبان للطاقة الشمسية تعد أبرز مشروعات الاقتصاد الأخضر التى استثمرت فيها مصر، وتعد أيضًا أكبر محطة فى العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية التى تتوافر فى صعيد مصر أغلب شهور العام، بالإضافة إلى المحطات المنتشرة فى ربوع مصر، التى تولد الكهرباء من محطات الرياح أيضًا.
وأكدت أن أهم ما يميز الاقتصاد الأخضر هو قدرته على محاربة الفقر وتحقيقه التنمية المستدامة، مضيفة: «المحطات التى تم تدشينها لاستخراج الكهرباء من الطاقة المتجددة تكلفتها بسيطة وتعتمد على مصادر طبيعية كطاقة الشمس أو الرياح، لذا فإن المنتج النهائى رخيص ويستفيد منه المواطن بسعر عادل وأقل من المحطات التى تعتمد على البترول».
وأشارت إلى قدرة هذه المحطات على محاربة البطالة، حيث استطاعت توفير وظائف لآلاف العمال، ما حسن حياة الأسر وحافظ على البيئة فى الوقت نفسه.
وأضافت: «الطاقة المتجددة هى أحد التحديات التى تواجه العالم وأحد القطاعات المهمة، التى تسعى مصر لتنميتها؛ لما لها من دور كبير فى الحفاظ على البيئة من التلوث، وبالتالى تكون صديقة للبيئة»، مشيرة إلى أن الحصول على خدمات الطاقة الحديثة المستدامة يقضى على الفقر، وذلك لانخفاض تكلفتها؛ لأنها تعتمد فى إنتاجها على الموارد الطبيعية التلقائية كالرياح والهواء والشمس.
وأكدت أن هناك اتجاهًا عالميًا لدعم الاقتصاد الأخضر بعدما أصبحت تداعيات تلوث البيئة تهدد العالم كله، وتقدم المنظمات الدولية، مثل البنك الدولى وصندوق النقد الدولى دعمًا كبيرًا للدول التى تتجه نحو هذا الاقتصاد ومنها مصر، مشيرة إلى دعم الصندوق المستثمرين الذين ينفذون المشروعات الخضراء، كما تستهدف الحكومة تحسين تنافسية مصر فى مؤشر الأداء البيئى من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى ٥٠٪ بحلول عام ٢٠٢٥.
وعن مصادر مشروعات الاقتصاد الأخضر أوضحت «الملاح»، أن هناك طاقات متجددة من الممكن أن تستغلها مصر فى مشروعاتها الخضراء، وهى طاقة أمواج المد والجزر وطاقة المساقط المائية والطاقة الناتجة من الفروق فى درجات الحرارة فى أعماق المحيطات والبحار.
مجدى علام:٣ محاور بيئية أثبتت نجاح القاهرة فى هذا المجال
أوضح الدكتور مجدى علام، أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب مستشار برنامج المناخ العالمى، أن التحوّل للاقتصاد الأخضر يتحقق من خلال عدة محاور تتضمن ٣ نظم وبمراقبتها يمكن معرفة ما إذا تم الحفاظ على البيئة أم لا، مؤكدًا أن مصر استطاعت تنفيذ العديد من هذه المحاور فى طريقها لتحقيق التحوّل الناجح للاقتصاد الأخضر.
وأوضح «علام» أن النظام البيئى يتمثل فى الأرض، ومصر تضم أراضى صحراوية واسعة، وهناك أراضٍ زراعية خاصة فى الدلتا، وتعد الأكثر خصوبة ومصدر الإنتاج الزراعى، وهو أول نظام يتم البحث عنه؛ لأنه يتعلق بمياه الشرب ومياه الزرع.
وأشار إلى أن النظام الثانى هو الأمن الغذائى من خلال أراضى الدلتا والوادى والنظم الجديدة بزراعة الأراضى الصحراوية، حيث تم توصيل الترع فى الصحراء الغربية والشرقية والاعتماد الأساسى عليها فى سيناء، خاصة مع افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى محطة معالجة مياه المحسمة ومعالجة مياه الصرف الزراعى فى محطة بحر البقر، الذى يبلغ ١٢ مليار متر مكعب تمت معالجتها معالجة ثلاثية كأنها مياه أمطار لزراعة ٥٠٠ ألف فدان فى سيناء.
وأكد «علام» أن الأراضى الزراعية الجديدة التى تمت زراعتها عوضت المليون ونصف المليون فدان المفقودة فى التعديات على الأراضى الزراعية بسبب الزحف السكانى، وهذا يمثل أول حماية للنظام البيئى الأرضى المنتج للغذاء.
أما عن الحماية البيئية الخاصة بالهواء وجهاز التنفس، أشار «علام» إلى أن هذا تحقق أيضًا بعد توقف الملوثات، من خلال مشروع إحلال السيارات بأخرى تعمل بالغاز الطبيعى وسيارات أخرى كهربائية وخطوط المترو الجديدة الكهربائية التى تخفف من حجم التلوث.
وأضاف أنه، خلال الفترة الماضية، تم خفض حجم التلوث إلى الربع، فضلًا عن إنشاء الحدائق الجديدة التى تم تنفيذها للمساعدة فى تخفيف الكتلة السكنية.
على الإدريسى: مصر أول دولة إفريقية تطرح السندات الخضراء
أكد على الإدريسى، أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، أن مصر تسير بخطى ثابتة فى دعم التحوّل للاقتصاد الأخضر، من خلال العديد من المشاريع التى تحافظ على البيئة وقضية تغير المناخ، مؤكدًا أن أهم ما يميز هذه المشروعات أنها بمشاركة شركاء التنمية ومؤسسات دولية، مثل: «البنك الدولى، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة» واللذين يدعمان خطط مصر للتحوّل للاقتصاد الأخضر.
وأوضح «الإدريسى» أن مصر نفذت العديد من المشروعات المهمة، على رأسها مشروع توليد الطاقة الشمسية فى بنبان، إلى جانب زيادة حجم الاستثمارات الخضراء فى العام المالى ٢٠٢١، حيث وصلت إلى ما يقرب من ١٥٪، ثم زادت إلى الضعف ٣٠٪ فى العام المالى الحالى.
وأضاف أن هناك ما يقرب من ٤٤٧ مليار جنيه، وهى التكلفة الخاصة بمشروعات التحوّل للاقتصاد الأخضر، وما يقرب من ٧٠٠ مشروع، إلى جانب مشروعات طاقة الرياح وإدارة النفايات وإدارة المياه والأراضى.
وتابع: «هناك جانب آخر للصناعات الناشئة التى تعتمد على الطاقة الشمسية، وهو تحرك يعمل العالم كله فيه، فالغرض الرئيسى من هذه الصناعات هو الحفاظ على البيئة»، مضيفًا أن توجه الدولة لمشروع إحلال السيارات هو اتجاه مهم؛ للحفاظ على البيئة ومعدلات التلوث.
وأوضح أستاذ الاقتصاد أن أهم نقطة فى مشروعات التحوّل للاقتصاد الأخضر، التى تمثل نقطة مضيئة فى هذه المشروعات هى إصدار مصر السندات الخضراء، وهى خطوة مهمة جدًا، خاصة أن مصر تعد أول دولة فى المنطقة تصدر هذه السندات بقيمة ٧٥٠ مليون دولار.
وأضاف: «الغرض الرئيسى هو تمويل مشروعات لها علاقة بالطاقة الجديدة والمتجددة، كما أن هذه السندات تعبر عن قدرة مصر على الزيادة من قاعدة التمويل لحدوث انتعاشة فى المشروعات الخضراء».
وعن أهم مشروع نفذته القيادة السياسية فى التحول للاقتصاد الأخضر، قال «الإدريسى» إنه يتمثل فى محطة توليد الطاقة الشمسية بنبان فى أسوان، وهى أكبر محطة طاقة شمسية فى العالم ستساعد فى توفير طاقة للأراضى الزراعية الموجودة فى أسوان وحتى توشكى.
فاروق الحكيم: الحكومة تسعى للوصول إلى 42% من مزيج الطاقة المتجددة بحلول عام ٢٠٣٥
أشار المهندس فاروق على الحكيم، رئيس جمعية المهندسين الكهربائيين المصرية عضو مجلس إدارة المجلس العربى للطاقة المستدامة، إلى أن مصر تستهدف التوسع فى الاعتماد على الطاقة المتجددة على نطاق واسع، بحيث تبلغ ٢٠٪ من مزيج الطاقة الكهربائية؛ لتصل إلى نحو ٤٢٪ بحلول عام ٢٠٣٥ بناءً على النشر السريع لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأضاف : «مصر توسعت فى استخدام الطاقة المتجددة المواكبة للتغير العالمى الذى تتبعه الدول المتقدمة فى استخدام الطاقة المتجددة فى توليد الكهرباء ونجحت فى تنفيذ وتشغيل العديد من المشروعات المعتمدة على الطاقة المتجددة بنجاح كبير».
وعن أسباب التوجه المصرى والعالمى نحو الاقتصاد الأخضر، أوضح «الحكيم» أن السبب الرئيسى هو الحفاظ على نظافة البيئة التى تضررت كثيرًا من الانبعاثات الكربونية وبدأت هذه الأضرار يشعر ويتأثر بها كل دول العالم، مضيفًا: «الطاقة المتجددة يطلق عليها الطاقة الخضراء للحفاظ على نظافة البيئة وتقليل الانبعاثات الحرارية التى تنتج من استخدام المصادر التقليدية لتوليد الكهرباء».
وأضاف أن المردود الآخر لاستخدام الطاقة المتجددة «اقتصادى»، متابعًا: «سابقًا كانت الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح مرتفعة الثمن فى التكلفة، فى حين أصبح الآن سعر توليد الكيلووات من الطاقة المتجددة منافسًا لمصادر الطاقة الأخرى الناتجة عن الوقود الأحفورى أو الغاز أو البترول».
وأوضح «الحكيم» أن توجه مصر للطاقة المتجددة هو توجه عالمى للمحافظة على صحة المواطنين، مضيفًا: «الطاقة النظيفة فى مصر حاليًا تصل إلى ٢٠٪، ومن المخطط فى عام ٢٠٣٥ أن تصل إلى ٤٢٪».
واختتم: «هناك اهتمام شديد من القيادة السياسية بالهيدروجين الأخضر الذى يعد طاقة نظيفة تمامًا، وهو أحد مصادر الطاقة المتجددة».