كتاب وأدباء الشرقية يناقشون «جبل التيه» لـ منى العساسي
يحتفي كُتاب ومبدعو الشرقية بتجربة الكاتبة الروائية الشابة مني العساسي، بحضور عدد من أعلام الإبداع والنقاد، لمناقشة روايتها «جبل التيه»، ومنهم أحمد سامي خاطر، ودكتور محمود سعيد، وسوزان الشافعي، ودكتور صادق النجار، وبهاء الصالحي، والمترجم محمد على ثابت، والكاتب الصحفي محمود الشربيني.
وذلك في السادسة من مساء الخميس المقبل بنادي أدب أبوحماد.
من جانبها تقول الروائية منى العساسي لـ«الدستور»: «تقدير شديد لأدباء الشرقية ومثقفيها على هذا التقدير والحفاوة والدعم الكبير من جانب مثقفي ومبدعي محافظتها».
وتابعت العساسي: «أما عن جبل التيه فقد قالت إنها رواية تنتمي للواقعية السحرية، وهذا النوع من الأدب يربط بين الخرافات والحكايات الشعبية وبين الواقع المعاش لشخوص النص والمكان والزمن الذي ينتمون إليه، تدور أحداث النص داخل عقل أمينة الممرضة التي ذهبت لزيارة قريتها فتعرضت لحادث غرق فقدت فيه زوجها وأبناءها، أدى هذا الحادث إلى انفصالها عن الواقع وبدأ عقلها في خلق عالم موازٍ كحيلة دفاعية مرضية لاستمرار والتغلب على الألم».
وأشارت إلى أن الرواية تعتبر أسطورة مختلقة لمكان متخيل اسمه جبل التيه تنسج أمينة في هذا العالم الجديد، عالم أقرب إلى المدينة الفاضلة في مواجهة قوى الشر، أخذت فيه دور الأم الحامي أو رمانة الميزان، تشتبك الرواية مع عقلية القارئ العادي لتمرير مجموعة من القيم والأفكار التي تنتصر لقيمة العلم والعمل وتهدم هذا الموروث المثولوجي الذي لا يأتي إلا بالمشاكل.
واستطردت: «أعول على النخبة في تفكيك القشرة الكلامية للنص، تتماس الرواية مع عدد من المشاكل المجتمعية المعاصرة مثل مشكلة المثلية الجنسية، ومشكلة العلاقات الافتراضية وتمزق شبكة العلاقات الاجتماعية والحالة الاقتصادية العامة والمواطنة».
من أجواء الرواية
«مسح خالد دموعه وأكمل طريقه إلى محطة القطار، حجز تذكرة على متن أحد القطارات العادة المتوجهة للقاهره، قطار الفقراء، لا، بل قطار المعدمين، قطار يحمل ما يقارب ضعف حمولته من الجثث البشرية ذات الأرواح المتكدسة فوق بعضها، اجتمعت في ملامحهم كل معاني البؤس والشقاء، شباب شيب متهالكين بوجوههم عشرات الخطوط التي نحتها الهم».
«أسنان صفراء وأنفاس جوع ورائحة عرق وسعال وعطس وبضائع وضجيج مختلط ما بين أصوات البشر وأصوات الحيوانات، جلس خالد بمقعد مجاور للنافذة يبعثر نظراته في الطريق حتى لا يلحظ أحد عينيه الباكيتين، فلا زال هو ذاك الشرقي ابن القرية الذي يعتقد بأنه عار على الرجل البكاء، جلس بجانبه رجل بدا بدينًا في جاكيت أسود رخيص وبنطلون فضفاض وقميص تكاد أزراره تنفجر من السمنة، وأمامهما جلس شاب ضعيف البنية متواضع الملامح فقير الهيئة، وبجانبه فتاة غير محجبة فاتنة، جميلة جدًّا، لا تمت هيأتها له ولا لهذا القطار بصلة، لكنها ملتصقة به كأنها تخاف أن يسرقها منه أحد».
«بدأ ذلك السمين الفضولي حواره مع الشاب، ولم يكن يعنيه الشاب على الإطلاق، فنظراته كلها كانت منصبَّة على الفتاة معه، سأله عن اسمه فأجابه باسم مزيف قائلًا: محمد، عندها التفتُ له مندهشًا فقد رأيت نقش صليب أخضر موشوم علي معصمه، وسأله عن الفتاة فأخبره بصوت متذبذب يوحي بالكذب بأنها زوجته، ولم يكن الرجل السمين ليخفي إعجابه بها، فبادره بقلة ذوق ضاحكًا: زوجتك جميلة جدا!».