رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشكلة الانتقال في الصعيد

نشاهد بأعيننا يوميا، النقلة النوعية والتطور الذي حدث في الطرق الصحراوية السريعة بين القاهرة ومحافظات الصعيد، كما نشاهد أيضا حركة العمران في إنشاء الكباري والجسور على النيل والترع الرئيسية. وهي الطفرة التي حدثت في عهد الرئيس السيسي، ضمن خطته الطموح للنهوض بالبنى التحتية لمصر بصفة عامة والصعيد بصفة خاصة. وقد رأينا ما حدث في النقلة النوعية بإعادة الانضباط، وما يفعله الوزير المجتهد كامل الوزير لراحة الركاب.
ولكن هناك مشكلة يعاني منها ملايين الركاب في الصعيد، ونتمنى أن يضعها الوزير في قائمة اهتماماته، وأنا متأكد أنه سيجد لها الحل على يديه. المشكلة هي معاناة الناس اليومية في التحرك بين مدن الصعيد يوميا. 
فلا يزال شريان الطرق الرئيسي الذي يربط كل مدن الصعيد بالقاهرة المعروف بالطريق الزراعي مفتوح الفم لالتهام المزيد أبناء الصعيد في سياراتهم أو حتى أثناء سيرهم في هذا الطريق، فلا يكاد يمر يوم دون وقوع حادث جسيم يطيح بالعشرات، وهو ما دعا مجلس الوزراء إلى الاجتماع وإصدار القرارات، وإعداد الميزانية اللازمة لازدواج هذا الطريق خلال العام قبل الماضي، إلا أن العمل توقف وبقي الطريق على حاله. شرها لالتهام المزيد.
الطريق ضيق، وتقع على جانبية معظم القري والمراكز في الصعيد. والإضاءة الليلية حسب التساهيل، وفضلا عن ذلك أن الطريق لم يعد يتسع لمواكبة النمو المطرد في السكان
المدن التي اقصدها هي المدن البعيدة عن عاصمة الإقليم في كل محافظات الصعيد. فمن المعروف أن محافظات الصعيد لديها امتداد طولي على جانبي النيل وحول شريط السكة الحديد، على طول امتداد طريق مصر أسوان الزراعي، حيث لا يقل طول أي محافظة من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها عن 200 كيلومتر.  حيث تتمركز عاصمة الإقليم في الوسط وحولها من الشمال والجنوب، وتبعد بعض المدن عن عاصمة الإقليم لمسافة تزيد عن 100 كيلو متر. وهي مسافة شاسعة، تستغرق أكثر من ساعة ونصف أو ساعتين في ظروف زحام الطرق، في الطريق إلى عواصم المحافظات لقضاء مصالحهم اليومية. ففي غياب المركزية، تصبح مصالح أبناء تلك المدن متمركزة في عاصمة الإقليم أو مقر المحافظة، سواء في الجامعات، وفي الإدارات الحكومية، والعلاج في المستشفيات الجامعية، وغيرها من مصالح الناس المتشعبة والمتعددة. وتزداد تلك المعاناة في المواسم والأعياد ومع مواسم الامتحانات في المدارس والجامعات.
الغريب أنه لا تتوجد وسيلة مواصلات إنسانية لربط تلك المدن بعاصمة الإقليم سوي وسيلتين:
الأولى هي الميكروباص، فعندما يبدأ المسافر رحلته في تلك الوسيلة، يرفع يديه مبتهلا أن تمر رحلته بهدوء، وعندما تنتهي الرحلة يحمد الله كثيرا على نجاته. فلا يكاد يمر يوم دون وقوع حادث بشع يروح ضحيته العشرات في علب الصفيح المسماة بالميكروباص، ويعاني الركاب من بلطجة السائقين في ظل غياب الرقابة من جانب المرور أو الخدمات الشرطية من جانب الأمن تماما على الطرق والمواقف التي يتجمع فيها الناس في انتظار السيارات، وخصوصا في آخر النهار والصباح الباكر، مما يزيد من معاناة الركاب فوق طاقتهم. وأصبح من المألوف أن تشاهد تكدس الركاب في المواقف في انتظار وصول الميكروباص، والاندفاع الشديد والتزاحم، مما يعطي مجال لظهور الكثير من الجرائم كالسرقة والنشل والتحرش ومضايقة النساء والمرضى. ويتكرر هذا في الذهاب والعودة. وأصبح هذا الأمر يشكل عبئا يوميا في غاية الإرهاق يقع على عاتق المسافرين، فضلا عما يسببه من قلق لأولياء أمور الطالبات والنساء.
هذا فضلا عن تهالك تلك السيارات وعدم صلاحيتها الفنية، وتقادم معظمها، فضلا عن رعونة بعض السائقين وتهورهم 
اما الوسيلة الثانية فهي القطارات، فما يحدث في الميكروباص أصبح يحدث بصورة أقسى وأمر في قطارات الركاب التي تنقل الموظفين والطلاب وذوي الحاجات الى أعمالهم وجامعاتهم ومدارسهم. فأصبح القطار مكان غير آمن للبنات والموظفات والمرضى، في ظل الزحام والتدافع الشديد، وعدم توافر امكنة للجلوس، وتشكيل عصابات من الطلبة وشباب المدن للاحتكاك بركاب المدن الأخرى، ونشوب المعارك بينهم، وظهور إصابات، في محاولات استعراضية شبابية. وظهور حالات نشل وسرقات وتحرش، وفضلا عن هذا فإن المواعيد المبكرة والمتأخرة لتلك القطارات تجعل من سفر البنات والسيدات أمر بالغ الصعوبة. 
ولا أحد ينكر الطفرة النوعية التي أحدثها وزير المواصلات الجديد كامل الوزير، رفعت هيئة السكة الحديد أجور غرامات ركوب القطارات بدون تذاكر، مما أدى الى تزاحم الركاب على شباك التذكر في كل محطة، وبعض المحطات ليس فيها إلا جهاز كمبيوتر واحد، يعمل عليه موظف واحد للتذاكر لكل القطارات، وأصبحت معاناة الركاب في الحصول علي التذاكر من الشباك قاسية ومرهقة في الوقوف في صفوف طويلة في الحر الشديد، فالمطلوب أن يزداد عدد الموظفين وتخصيص موظف للقطارات المكيفة وآخر للقطارات العادية. فضلا عن الجو القاسي والمعاناة التي يعانيها الموظف الواحد في التعامل مع كل الفئات لحساب قيمة التذكرة واستلام النقود وتسليم الباقي، وهي مهمة قاسية وشاقة، كان ينبغي على السكة الحديد العمل على راحة موظفيها من أجل راحة الركاب.  
وليت الأمر يتوقف على الركوب، فعملية الوصول الى مواقف السيارات في أطراف المدن ليس سهلا، وأصبح التكتك وسيلة نقل الركاب للوصول إلى الموقف العام، حيث يتم اختيار المواقف أو أماكن تجمع السيارات في أطراف المدينة، مما يجبر الركاب على استخدام تاكسي ذو التعريفة العالية. واستغلال الركاب في ظل غياب الرقابة الحقيقة على تلك التاكسيات التي أصبحت أكثر استغلالا.
والحل يكمن بالنسبة للقطارات في دراسة إمكانية زيادة مسافة التقاطر بين بين المحافظات، وزيادة العربات أو القطارات في أوقات الذروة في الصباح والمساء. 
او إنشاء شركات للنقل الجماعي للركاب، تستخدم وسائل مواصلات مريحة بعيدا عن الزحام والاستغلال، وان تكون لها مواعيد منتظمة يمكن الاعتماد عليها.