كتاب: «تأملات في الوضع البشري» يتناول مسيرة التقدم من منظور العقلانية
استضافت المكتبة الأدبية، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم السبت، ضمن فعاليات «كاتب وكتاب»، ندوة مناقشة كتاب «تأملات فى الوضع البشرى» من تأليف الكاتب الصحفي صلاح سالم، الصادر عن دار العين للنشر.
حضر الندوة الدكتور أحمد زايد، العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة القاهرة، أستاذ علم الاجتماع السياسى، وأدار الندوة الكاتب الصحفي نبيل عمر، بجريدة الأهرام.
وأكد الكاتب الصحفي نبيل عمر، أن الكتاب يفتح أبواب جديدة للقراءة فى الماضي، والكاتب قدم سياحة معرفية في العديد من العلوم الإنسانية، والفكر الإنساني وكيف يري فيه العالم الحديث، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تغطية ندوة أو قراءة واحدة، وخاصة أنه يحتاج تاملات عديدة من عرض الأفكار الأساسية التى تحتاج مناقشة وتأمل لان الأفكار تدعوا للتأمل وفهم الوجود، حتى يتم الوصول إلى معنى السعادة، وتفهم الحياة بشكل كبير، حيث يجمع الكاتب بين الفكر والفلسفة، وموجود فى كل ما يكتب بالاهرام وعمق وفق رؤية فلسفية واضحة، ويستحق أن نقرأ ما يكتبه من تأمل وتفكير، وهناك عمق فى التفكير.
وكشف الكاتب صلاح سالم، عن أسباب الكتاب به جزء من فكرى وواقع تجربتى، واقدم شهادة اثقلت نتيجة المتغيرات الإنسانية ، قائلا أن الكتاب جاء متقدما 20 عاما، وكان الحافز فى ذلك هو جائحة الكورونا، وبدأت أشعر بعزلتى عن العالم، ولذلك عكفت على كتابة هذه التأملات فى كيفية عيش البشر فى ظل هذا الوباء، وبدا الزمن فى قاع متدفق ومتغير، وتساؤلات حول طبيعة الدولة، وكانت لحظة ملهمة من منطلق شعورى أن عليا مسئولية واتامل الوضع البشري.
وقالت إن تجربتي فى كتابة الكتاب كانت تجربة سابقة ولكنها كانت تجربة ممتعة استغرقت 16 شهر، وكنت مهوس بالوضع البشري قبل ووضع الوباء، والذى اكتشفت أنه مهموم بما هو مادة وواقعى، ومباشر، البحث عن كيف يعيش الانسان، وكيف نصنع انسان قادر على التعايش مع الآخرين وبناء الإنسان الذى يكون وليس الذي يملك.
وقال "سالم" أن الكتاب هو نتاج عام ونصف العام من العصف الذهني في أحوال عالمنا المعاصر؛ فى وقت تكاد تتوازى مسيرة التقدم البشرى مع صيرورة نزع السحر عن العالم، غير أن صيرورة العقلنة هذه لم تتوقف عند سحر الخرافة بل امتدت لتنزع سحر الغيب من الدين برؤيته الروحية للوجود، وسحر الميتافيزيقيا بتصوراتها المثالية للعالم، تدريجيا، وبقوة الثورات الصناعية والتكنولوجية نما مجتمع شبكي معقد قوامه "الاستهلاك" و"الفرجة"، حيث لا قيمة إلا للثروة والسلطة، ولا وجود للتشارك العاطفي والتضامن الوجداني، فبات العالم مسطحا، يفتقد إلى ما يروى ظمأ الإنسان للمعنى ويحفزه على مشاركة الآخرين في مجتمع دافئ رحيم.
وأشار إلى ان هذا الكتاب يعد مهجوسا بقلق دفين على الوضع البشري أُضيف إليه قلق طارئ فجَّره الوباء الكوني، داعيا إلى الخلاص من كليهما عبر نزعة إنسانية "روحية" تحاصر المجتمع الاستهلاكي وتؤسس لضمير إنساني مشترك يدعم قدرتنا على الحلم بعالم أكثر نبلا واستنارة وأقل توترا وكآبة.
ومن جانبه أكد الدكتور أحمد زايد، أن الكتاب يمثل أهمية خاصة تضاف إلى الكتب التى قدمها الكاتب صلاح سالم، لانه مثقف عربي مصري عربي يحفر بحروف من ذهب من خلال طريقة فلسفية وبدأ ككاتب صحفي بالاهرام، وكتب وكرس حياته للتأمل ويخلص لمهمته فى الحياة ويرسم طريقة من خلال الكتابة وليس السلطة، وجسد نفسة فى الواقع فى أنه فيلسوف، وزثفة العديد من المفكرين أنه أحد فلاسفة العصر الحديث.
وأشار الدكتور زايد، إلى أن الكتاب عشرة تأملات أولها جوهر الشرط الإنسانى، وعاشرها الأسئلة الكبرى للوباء الكونى، وبينهما تأملات يستحق كل منهما كتابا مستقلا مثل التأمل الرابع فى الديمقراطية الليبرالية وتحدياتها، والتأمل السابع عن الحقيقة والهوية والاختلاف. ولئن كانت لغة أى كتاب هى التى تمنح مضمونه البريق والتأثير والإلهام لأن الأفكار قد لا تختلف كثيرا.
واضاف أن ما يختلف ويميز بين كاتب وآخر هو اللغة السابرة أغوار الفكرة القادرة على اكتشاف مخزونها الكامن من التساؤلات والتأملات والمحتشدة بمفردات طازجة وملهمة، من زاوية اللغة يبدو صلاح سالم ابن التطور الطبيعى للغة فلسفية تختلف مثلاً عن لغة الدكتور زكى نجيب محمود بجمودها وبرودها، وهو بالطبع أحد فلاسفتنا الكبار الذى خرج صلاح سالم من عباءته "ثم عن عباءته".
واوضح أنه لهذا يحق التساؤل عن الاختفاء الملحوظ لزكى نجيب محمود فى صفحات كتاب تأملات فى الوضع البشرى، لا يمكن أيضاً اعتبار لغة صلاح سالم لغة بحثية أكاديمية خالصة، ولعله قد نجا من هذا المصير المروّع.