«حمتنا من الأمراض المعدية».. كيف وفرت الحكومة بيئة صحية وآمنة لعمال النظافة؟
يعملون في صمت بنفس راضية إذا غابوا يفتقدهم الجميع تشوهت أيديهم من أجل حماية المظهر الجمالي للشوارع التي شهدت على معاناتهم ومأساتهم في سبيل توفير قوت أبنائهم، يحملون على عاتقهم رسالة سامية وهى الحفاظ على نظافة البيئة خالية من التلوث، فهم عمال النظافة الذين يجابهون مخاطر عدوى الفيروسات من أجل صحتنا.
وانتشرت الأمراض بينهم إزاء جمعهم للمخلفات، نجد منهم من شوهت الحبوب والطفح الجلدي جسده، وتسببت في نقل العدوى لذويه، خاصة في ظل أزمة فيروس كورونا، ومنهم من عرضته الزجاجات الحادة في الصناديق للإصابة بالجروح العميقة، التي لم تمحيها مرور الأيام أو الراتب الشهري الذي يتقاضاه.
لم يشعر أحد بمعاناتهم سوى مبادرة "حياة كريمة" التي أطلقها الرئيس السيسي، لتنظم أول قافلة علاجية؛ بهدف تقديم الخدمات الطبية لعمال النظافة وأسرهم، وشملت القافلة مجموعة أطباء في 12 تخصصًا طبيًا، تمكنوا لأول مرة من الكشف المجاني على عمال النظافة، فضلًا عن إجراء الأشعات اللازمة وتخصيص وحدات للتحاليل الطبية وصرف الأدوية.
عبر أشرف نيازي، 57 عامًا، القاطن بقرية كفر عشما عن المخاطر التي يواجهها في عمله بمنظومة النظافة منذ 17 عامًا، سواءً من خلال إصابته عدة مرات بالأمراض الجلدية المعدية، التي كان لأسرته نصيب كبير من العدوى بها، أو معاناته من تضخم في الكبد والطحال منذ ثلاثة أعوام، ورغم ذلك إلا أنه لم يعطِ لمرضه أي اهتمام؛ نظرًا لارتفاع أسعار الفحوصات والأشعة الدورية فما كان له أي وسيلة سوى أن يتعايش مع مرضه، إلا أن جاءت القافلة العلاجية التي رفعت عنه تكلفة الفحوصات الطبية.
ووجه أشرف الشكر لأطباء القافلة العلاجية؛ لتخصيصهم وقتًا كافيًا للكشف عن أوجاعهم، ولم ينس دور مستشفى المبرة التي استضافت القافلة؛ لتوفيرها على العمال تحمل مشقة الانتقال إلى مستشفيات بعيدة لتلقي الخدمة العلاجية، وللقائمين على تنظيم المبادرة؛ لحرصهم على خضوع أهالي العمال للكشف المجاني، متمنيًا ضرورة وجود متابعة للكشف على عمال النظافة.
وقال عماد محمد، 47 عامًا، من قاطني قرية كفر عشما، إنه يعمل في قطاع النظافة منذ 15 عام، متنقلًا بين أرجاء المدينة ليجمع مخلفات ساكنيها، التي تسبب له جروحًا تارة وطفح جلدي تارة أخرى، متأثرًا بإصابات جسيمة على مدار سنوات عمله، بلغت إصابته بأمراض القلب، وخضوعه لعملية تركيب دعامات لتقوية عضلة القلب منذ عشرة أعوام، ومازال يعمل وقلبه الضعيف لا يحتمل، في سبيل توفير"لقمة العيش" لأبنائه الخمسة، حرصًا منه على استكمال مسيرتهم التعليمية.
أوضح عماد أنه أصبح يعاني من شدة الآلام في قلبه، ولم يستطع القيام بعمله كما كان سابقًا؛ لذا رغب في زيارة الطبيب، لكن وقفت قلة الأموال عائقًا أمامه لإجراء الكشف، حتى جاءت القافلة المجانية التي نظمتها مبادرة "حياة كريمة" لتخلصه من قلة حيلته، ومكنته من إجراء الكشف للاطمئنان على صحة قلبه حين توجه إلى عيادة القلب بمستشفى المبرة، وفحصه الطبيب وأرسله إلى مركز طبي خاص به خارج القافلة؛ ليجري له أشعة موجات صوتية مجانًا، لعدم توافر جهاز الأشعة بالقافلة".
وأشار إلى اصطحابه ابنه للمستشفى، قاصدين عيادة الأنف والأذن والحنجرة؛ لأنه كثيرًا ما يحدث له نزيف بالأنف دون معرفة السبب، وعن وصفه للعيادة: "بمجرد دخولي ذهلت من رؤية طبيب مشهور يجلس بغرفة الكشف، وفوجئت بأنه الطبيب الذي سوف يفحص ابني، وأخبرنا أنه يعاني من حساسية حادة في الجيوب الأنفية، ما تسبب له نزيفًا شديدًا، وكتب له روشتة بالعلاج المطلوب".
وواصل: "كنت أعتقد أن القافلة ستكون مجرد إجراء روتيني وحبر على ورق، لكن تضمنت القافلة أكفأ الأطباء على مستوى محافظة المنوفية، وتمكنت من الحصول على الأدوية بالمجان"، مشيدًا بجهود مبادرة حياة كريمة في النظر لمعاناة عمال النظافة، وحرصها على الاهتمام بصحتهم وصحة أسرهم.
مشرف عمال النظافة: نتمنى وجود متابعة دورية للكشف
قال يوسف الصعيدي مشرف عمال النظافة بمركز الشهداء، لـ"الدستور": "إن مهنة عمال النظافة من أخطر المهن في المجتمع المصري؛ كوننا نصاب بكثير من الأمراض المزمنة والجلدية، فمعظم عمال النظافة في مركز الشهداء يعانون من أمراض القلب، ولكن مبادرة"حياة كريمة" أعادت الأمل لتوفير حقوقنا من خلال أول قافلة للكشف المجاني علينا".
ولفت الصعيدي إلى أن اختيار يوم الجمعة من الساعة الواحدة ظهرًا حتى السادسة مساءًا جاء توقيتًا مناسبًا لحضور العمال للقافلة العلاجية؛ لأن جزء كبير من العمال يعملون في الفترة صباحية، لذا كان متاحًا أمامهم الخضوع للكشف المجاني، كما يعد إدراج أسرة عمال النظافة ضمن قوائم الكشف في برنامج القافلة خطوة مهمة للارتقاء بصحة المحيطين بالعامل؛ لأنهم معرضين للإصابة ببعض الأمراض الجلدية المعدية.
واختتم مشرف العمال حديثه، موجهًا الشكر للرئيس السيسي والقائمين على المبادرة والأطباء المشاركين في القافلة؛ لحرصهم على النظر للفئات المهمشة والاهتمام بشؤونهم الصحية وتوفير الأدوية الملائمة لهم، مناشدًا بضرورة وجود متابعة دورية للكشف المجاني على العمال.