ما معنى خلوتهم في جلوتهم؟...على جمعة يجيب
قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن سيدنا رسول الله ﷺ، قال إن «أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُبْحَةُ الْحَدِيثِ» قَالُوا : وَمَا سُبْحَةُ الْحَدِيثِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : «الرَّجُلُ يُسَبِّحُ وَالَّناُس يَتَكَلَّمُون» فالإنسان يبدأ في التسبيح والناس حوله، القلب بيسبح وهو في وسط الناس ، لكنه منفصل شعوريًّا عن خلق الله ، وهذا الفعل يقول عنه أهل الله : " خلوتهم في جلوتهم " يعني هو خلوته مع الله سبحانه وتعالى في الجلوة وهو جالس مع الناس، لكن قلبه معلق بالله، هو دائم الذكر والطمأنينة، وإن كان يخالط الناس في الظاهر، فهذا نوعٌ من أنواع عزلة القلب، القلب ينعزل وينفصل عن التفاعل مع الأحداث والجزئيات، وفي هذا طاقته، نوره، سره، حضوره، يقظته تكون حاضرة، وقوية.
وتابع " جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا : عندما ينعزل القلب عن التفاعل مع ما حوله من أحداث، وجزئيات، وهموم الدنيا، وكدرها، وشواغلها فإنه يُتاح للعقل أن يفكر، أن يتدبر، أن يتأمل، أن تتداعى الأفكار في ذهنه، وحينئذٍ تأتيه واردات من عند الله سبحانه وتعالى ويُفتح عليه بفهمٍ جديد، بوعيٍ جديد، وتأسيس الوعي لازمٌ لتأسيس السعي فكما قالوا: الوعي قبل السعي، الوعي والسعي فكرة، ثم تطبيق، رأي، ونظر، وفتح، ووارد، ثم سلوك، فالوعي والسعي.
وأوضح "جمعة" قائلًا: إذا ما تأسس السعي على الوعي كان سعيًا دائمًا، وكان النبي ﷺ عمله دائم، وكان يحب من العمل الدائم، وتقول عنه السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها : «كان عمله ديمة» أي مستديمًا، ويقول ﷺ: «لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، ثم تركه»، وكان يحب من الأعمال أدومها ويقول ﷺ : «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».