رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

احتفاء خاص بإبراهيم أصلان فى ذكراه.. كُتّاب يجيبون عن الأسئلة المجهولة فى رواياته المحوَّلة للسينما

إبراهيم أصلان
إبراهيم أصلان

منذ أيام حلّت علينا الذكرى العاشرة لوفاة الكاتب والروائى الكبير إبراهيم أصلان، الذى رحل عن عالمنا فى ٧ يناير ٢٠١٢، بعدما صنع عالمًا من الدهشة والإبداع والجمال. روايات وأعمال «أصلان» كانت معينًا متدفقًا للكثير من الأعمال السينمائية التى ترسخت فى ذاكرة الجمهور وأحبها لأنها تعبّر عنه وعن حياته وأفراحه وأزماته، كما كانت شاهدًا على تحولات تاريخية ووقائع حياتية عاشها المصريون فى فترات مختلفة. فى السطور التالية، تحتفى «الدستور» بذكرى إبراهيم أصلان، حيث يقدم عدد من الكتّاب والنقاد تصوراتهم ورؤاهم حول أعمال الراحل وكيف أشعلت وجدان الجمهور بالتساؤلات والتأملات المختلفة. 

«الكيت كات»..سيرة المُهمشين والتعايش مع العجز وإشكاليات الحياة

أُعجب المخرج داود عبدالسيد برواية «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان، وهى الرواية الممتلئة بالتفاصيل، وتدور أحداثها فى يوم واحد بأبطالها الذين تجاوزوا العشرين شخصية.

واختار «داود» من شخصيات الرواية الشيخ حسنى، ليدور حوله فيلم «الكيت كات»، حيث يناقش تفاصيل حياته من زوايا أخرى، ليقدم عملًا مختلفًا عن أصل الرواية.

ويعبّر الشيخ حسنى، الذى لعب الفنان الكبير محمود عبدالعزيز دوره ببراعة، عن شريحة كبيرة من الفقراء ساكنى الأحياء الشعبية والمهمشين الذين لا يجدون الاهتمام.

ويغضب الشيخ حسنى عندما يعامله شخص على أنه كفيف، ويعيش وهو يرفض عجزه واحتياجه إلى العصا ليسير فى الشوارع، ومع ذلك هو يستخدم حواسه الأخرى ليمارس حياته.

أما «يوسف» نجل الشيخ حسنى، والذى يجسد دوره الفنان شريف منير، فكان من الشخصيات الرئيسية فى العمل، حيث كان محبطًا وفاقدًا الأمل ويتعامل مع الحياة بعدمية، ويشعر بالعجز فى الحصول على فرصة عمل أو السفر إلى الخارج، ويعانى أيضًا من العجز الجنسى الذى يشعر به بعد لقائه فاطمة المتزوجة بأحد الأثرياء العرب الذى هجرها عائدًا إلى بلاده.

ذلك اللقاء الذى تسبب فى خيبة أملهما، حيث تشعر «فاطمة» بالعجز فى الحصول على اهتمام وحب «يوسف» فتبوح أمام ضريح أحد الأولياء «سيدى المغربى»، وتناجى الله شاكية عجزها. وهناك أيضًا شخصية «سليمان»، التى يجسدها أحمد كمال، وهو الزوج الذى عجز عن التواصل مع زوجته «روايح» على عدة مستويات رغم محاولاته فى سبيل ذلك، إلا أنها فقدت احترامها له واستحالت الحياة بينهما ليلقى نفسه فى طريق الخمر لنسيانها. ونجح السيناريو فى تصوير حالة العجز بطرق متباينة وبأشكال مختلفة، فكل شخصية عاجزة بشكل أو بآخر، فى ظل عشرات التفاصيل التى صاغها «داود» بذكاء ووعى بتصوير أبعاد الشخصيات وإحساسهم بأنفسهم وبالآخرين، فيتسامح المخرج مع شخوصه ويجبر بخواطرهم ويحنو على الزوجات الخائنات، ويتفهم ظروفهن ودوافعهن، وكذلك المجرم تاجر المخدرات الذى يخون صديقه مع زوجته، والذى صوره «داود» على أنه يحمل جانبًا مضيئًا فى قلبه الطيب، فرغم كونه تاجر مخدرات لا يعمل لصالح الشرطة ويخون زملاءه وأبناء كاره. وتؤدى ديكورات أنسى أبوسيف دورًا فى تحريك ودفع الشخصيات، وقد أهدى داود عبدالسيد الفيلم إلى «أنسى» تقديرًا لجهوده واحتفاء بصداقتهما، وقد أتاح الديكور مجالًا واسعًا للفنان مدير التصوير محسن أحمد، الذى استخدم الديكور للتعبير عن الحالة النفسية للشخصيات بواسطة توزيع الإضاءة واختيار زوايا التصوير المناسبة لتكتمل عناصر الفيلم ويحتل رقم ٢٤ فى قائمة أفضل ١٠٠ فيلم.

داود عبدالسيد.. أنا خائن للعمل الأصلى

لم أكن على علاقة قريبة أو معرفة وثيقة به، ولم تتعدَ علاقتنا سوى سيناريو فيلم «الكيت كات» المأخوذ عن روايته «مالك الحزين»، وتقديرى له ككاتب بالطبع.

حضر «أصلان» العرض الخاص للفيلم، بصحبة مجموعة أدباء من أصدقائه المدعوين لمشاهدة العرض، وشعرت بأنه حائر فى إبداء رأيه أو «متلخبط»، فيما يتعلق بجدلية: «أيهما أفضل.. الرواية أم الفيلم؟».

وفى الواقع أن العملين مختلفان عن بعضهما، ودائمًا ما أؤكد أن تحويل أى عمل أدبى هو «خيانة للأصل»، وأننى «خائن للعمل الأصلى»، ما يثير دهشة الناس من قولى هذا، أو قل إنه «اعتراف».

لا تتطابق الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ مثلًا مع الروايات التى تحولت إليها، ويمكن القول إن الروايات أفضل بكثير من الأفلام، عدا عدد قليل منها، لكن فى الواقع جميع روايات «أصلان» أفضل من الأفلام.

 

مجدى أحمد على.. «مسافر وراجع تانى»

«إبراهيم» لم يكن مجرد شخص عادى بالنسبة لى، بل كان أخًا وصديقًا عزيزًا للغاية، وغيابه أمر لا أستطيع تصديقه إلى وقتنا الحالى، أنا غير مصدق لفكرة رحيله، وكأنه سافر لفترة ما، وسيعود إلى الحياة مرة أخرى.

قدمت له فيلم «عصافير النيل»، لإعجابى بروايته الممتلئة بالتفاصيل الحزينة، الممتلئة بهذا الحزن الخاص، وحبى له كان من ضمن الأسباب التى شجعتنى على إخراج هذا الفيلم، خاصة أننى أعلم حجم وثقل هذا المبدع، وما يتميز به من مواهب لا نهاية لها.

وعلى الرغم من أن الفيلم لم يحظَ بحالة الرواج المتوقعة، ولم ينل حقه، فإننى متأكد أنه سيأخذ حقه فى المستقبل، وسيحصل على مكانة مميزة فى السينما المصرية.

 

عصافير النيل..أوجاع الطبقة الوسطى التى تكسرت أجنحتها

فيلم «عصافير النيل» هو تعبير مجازى عن العصافير التى حلمت بالطيران بعد كسر أجنحتها كمدًا وتطير لمواجهة إحباطات الحياة، والفيلم عبارة عن عالم جميل يعبّر عنه المخرج الكبير مجدى أحمد على بعبقرية وبراعة. ويرصد «عصافير النيل»، المأخوذ عن رواية لإبراهيم أصلان تحمل الاسم نفسه، واقع الطبقة المتوسطة وما لاقته من تكسير أجنحتها على مدار عقود، كما يرصد الانهيارات المتتالية التى مرت بتلك الطبقة من خلال شخصية «عبدالرحيم» المواطن البسيط القادم من الأرياف إلى القاهرة والذى يحيا فى منطقة شعبية قريبة من النيل، وهى الشخصية التى قدمها فتحى عبدالوهاب بصدق شديد، ويجسد دور شاب ساذج وقروى يبحث عن أحلامه المتمثلة فى العلاقات النسائية كأقصى أمل وطموح، واستحق عن هذا الدور جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى الدورة الـ٣٣.

ومن متابعة تطور الشخصيات والإلمام بالخيوط الدرامية، نجد أن السيناريو الذى كتبه المخرج مجدى أحمد على نجح فى حبكها ورسم شخصيات ذات ملامح واضحة ومتجسدة تشبه كل ما حولنا من أفراح وأحزان فى الحياة، خاصة فى حياة المهمشين الذين يرفضهم مجتمع النيل كالعصافير. ويحاول مجدى أحمد على كسيناريست ومخرج للفيلم تغيير بعض الشخصيات وتجهيل الزمن والأحداث عن الرواية الأصلية، ووضح ذلك فى إبرازه التحولات التى حدثت فى نهايات عهد السادات، حيث يجسد مشاهد تطرف الجماعات الإرهابية وكيفية استعانة بعض الأطراف بها من أجل القضاء على الحركات الليبرالية والشيوعية. أما مشاهد الجنس الساخنة التى تم تصويرها، فهى تعبير عن طبيعة «عبدالرحيم» الذى يمتلك نفسًا جائعة لها طبيعتها الخاصة، وتتناسب المشاهد مع السياق الدرامى للأحداث، خاصة فى العلاقات بينه وزوجته وحبيبته السابقة والمرأة الأخرى التى تزوجها لإشباع رغبته. وتُظهر المشاهد كيف يعمل «عبدالرحيم» على تكسير تقاليد القرية من كبت وإحباط، وكذلك سذاجته، عندما نرى مشهدًا فى منزل العروس التى يتقدم لخطبتها، وهى تناوله تفاحة ملوثة بالكيروسين ويأكلها ويعتقد أنها طعم التفاح الحقيقى، فى دلالة على عدم تذوقه مباهج الحياة من قبل والمتمثلة فى ثمرة التفاح. ونجح «عصافير النيل» فى التنقل بين الماضى والحاضر بطريقة «الفلاشباك»، والتى تشير إلى سريالية الواقع فى مشهد صيد «عبدالرحيم» السمك الذى يظهر فيه الشاب ملقيًا سنارته فى النيل، ليجد عصفورًا معلقًا فى السنارة بدلًا من السمكة المتوقع صيدها، فلا يملك سوى الركض هاربًا.

 

إبراهيم داود.. صائد حكايات الهامش

عطر إبراهيم أصلان فى المكان، رغم مرور عشر سنوات على رحيله، صوته القريب وابتسامته وشعره وشاربه وملابسه الكاجوال وأناقته الروحية، حوَّلته إلى أيقونة معلقة فى مكان خاص فى قلوب محبيه، لم يكن بالنسبة لى الكاتب الكبير ولا الأستاذ فقط، ولكنه الصديق الذى يرتج جسده كله حين يضحك، الضحكة القديمة، التى تدفعه لهزّك قبل أن يضغط على يديك بكل قوته.

الرجل الذى عالج اللغة من الأورام، لكى تتربع البداهة المصرية على عرش الحكايات.. كان صاحب «مالك الحزين» يعتبر الكتابة هواية، والحياة مصدر المعرفة الأول، والسياسة عملًا أدنى من عمل المبدع.

كان يكتب بما يعرفه وينتمى إلى القنوات الأرضية التى يشاهدها أناس غير مهتمين بالقضايا الكبرى، قصصه رفضت مقولة «إنسان الطبقة الوسطى يمثل البشرية»، اقترب من المهمشين، من المياه الجوفية فى الوجدان المصرى دون أن يرفع لافتة الرسالة الاجتماعية.

كان له حضور مدهش وسط الشباب، لأنه يستأنف حوارًا ما وهو يتعرف على أحدهم.. ترجمت أعماله إلى معظم اللغات، ويأتيك بكتاب له بالهولندية ويقول: ما جدوى أن يعرفك الهولنديون ولا أحد يعرفك فى بولاق الدكرور؟ هو موزع التلغرافات فى هيئة البريد، وهو شاب وأستاذ صياغتها، صائد الأسماك المشغول بكرة القدم والملاكمة وآخر تطورات التكنولوجيا، صاحب «بحيرة المساء»، و«وردية ليل»، و«يوسف والرداء»، و«غرفتان وصالة»، و«خلوة الغلبان»، وحارس حكايات شارع فضل الله عثمان، الذى عاش يبحث عن الألفة الهاربة.

صديقى الكبير الذى التقيته وأنا فى أول العمر وسافرت كثيرًا معه، واقتربت من الشعر الذى يجلس خلف حكاياته، هو رجل الوقائع الصغيرة الذى اشترى منذ سنوات بعيدة كرسيًا هزازًا، كان كبيرًا على شقة إمبابة، ولم يُستغل فى شقة المقطم الأولى، وعندما استأجر شقته الأخيرة «الإيجار الجديد» الواسعة، وجد مكانًا له، وبمجرد جلوسه عليه.. توكل على الله.

 

محمد هاشم .. المضىء إنسانيًا وفنيًا

بحياته وسيرته الشخصية المضيئة كواحد من المرشدين المؤثرين فى حياتى، بإشاراته التلغرافية القصيرة، إبراهيم الكاتب البخيل المقتصد فى اللغة إلى درجة البخل، الذى امتلك القدرة الهائلة على الاختزال- يعد درسًا مهمًا فى الكتابة، إذ تأثر عشرات الكتّاب بكتابات «أصلان»، وأنا معجب بكل ما نشرته له، ابتداءً بـ«بحيرة المساء»، التى قرأتها فى سن مبكرة، لأكتشف أنه كاتب مضىء إنسانيًا وفنيًا وسياسيًا.

آخر مشهد أتذكره فى هذا الشأن، أنه كان منحازًا لأحلام الشعب، ففى ليلة تنحى الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، بعد إعلان عمر سليمان بيان التنحى، ووفقًا لشهادة الكاتب هشام أصلان، ابنه، قام الكاتب الراحل من مقعده يرقص أمام التليفزيون، وذهب إلى وسط المدينة ليحتفل مع صديقنا الشاعر أحمد فؤاد نجم، ووجود كليهما فى الليلة هذه يعد سيرة حياة لكاتب كبير باقٍ وخالد كرائد من رواد القصة القصيرة والرواية، وأنا فخور بأنى واحد من الذين تتلمذوا على يديه وتشرفوا بمعرفته على المستوى الإنسانى.

أتذكر أننا اتفقنا، أنا والعم الكبير إبراهيم منصور، على نشر أعمال كبار الكتّاب بأسعار اقتصادية، وكان أول من شجعنا هو الأستاذ إبراهيم أصلان، عندما نشرنا له «حكايات من فضل الله عثمان»، ومن بعدها للأستاذ محمد البساطى، بروايته «فردوس»، فكان عطوفًا مثله كالعم إبراهيم منصور وسيد حجاب.

 

أشرف الصباغ.. ميزان الذهب

يمثل إبراهيم أصلان بالنسبة لى لغزًا محيرًا للغاية، لأننا التقينا لقاءين يفصل بينهما ربع قرن.. وفى الحقيقة، معرفتى به بدأت بمجموعة «وردية ليل» ثم «مالك الحزين».. ولم أكن رأيته إلا عدة مرات دون أى حديث، وكان ذلك فى ندوة الراحل إبراهيم فتحى فى مقهى «فينكس» بشارع عمادالدين.. وفى عام ١٩٨٦ طلب منى الشاعر الراحل رفعت سلام أن ألتقى إبراهيم أصلان لإجراء لقاء معه لمجلة فلسطينية كانت تصدر عن الهلال الأحمر الفلسطينى، وكان «سلام» مديرًا لمكتبها فى القاهرة، وكنتُ أنا عاطلًا عن العمل لأسباب ما. 

وضعتُ الأسئلة، وتوجهت إلى محطة الإسعاف، حيث كان أصلان ينتظرنى فى الدور الثانى أو الثالث خلف سنترال رمسيس، وصعدت من سلم خلفى والتقينا، وطبعًا، لم نجرِ الحوار لأسباب تخص أصلان.. والتقينا مرتين بعد ذلك فى وسط البلد وفى شارع عماد الدين، ربما فى مقهى «فينكس»، ولم نجرِ اللقاء، وفى المرة الرابعة تم اللقاء بشكل مقتضب للغاية، حيث تحدثنا عن عالم أصلان وعن أبطال «وردية ليل» و«مالك الحزين»، كان حوارًا «بخيلًا» و«شحيحًا» للغاية، وكان أصلان يتعامل مع كل كلمة بميزان، بالضبط مثلما يكتب، ومثلما يتعامل بذلك الميزان الحساس الذى لا يحتمل أى زيادات أو ترهلات، هكذا عرفت ميزان «الذهب» الذى يعمل به كاتبنا إبراهيم أصلان وجربته على نفسى. 

كان اللقاء الثانى فى عام ٢٠١٢، عندما قطعت ما يقرب من ألفين وأربعمائة كيلومتر بالسيارة لأصل إلى القاهرة قبل موعد اللقاء فى بيت الشاعر أشرف عامر، كنتُ أغطى أحداث ليبيا فى تلك الفترة، وصادف أن المهمة ستنتهى، فقررت العودة فى أقرب وقت من مدينة النوفلية «تبعد حوالى ١٠٠ كلم عن مدينة سرت» إلى القاهرة مباشرة بالسيارة، وحدث ذلك وسط ذهول الجميع لأن المسافة كانت طويلة جدًا، ووصلت قبل الموعد بقليل، وتوجهنا إلى اللقاء الذى كان يضم مجموعة من الأصدقاء والصديقات المثقفين والكتّاب، ورأيت أصلان بعد ربع قرن، وعلى الرغم من التغيرات الواضحة إلا أن نظراته ولمعان عينيه، وخفة ظله، وطريقته فى الاستماع إلى الآخرين، لم تتغير على الإطلاق. 

بين هذين اللقاءين، وخلال ربع قرن، كنتُ أتابع أخبار إبراهيم أصلان، وأعيد قراءة «عصافير النيل» و«وردية ليل» و«مالك الحزين»، وفى كل قراءة كانت تبرز عناصر جديدة فى تقاليد الكتابة عند إبراهيم أصلان على الرغم من قلة إنتاجه، أو لنقل صراحة، على الرغم من ندرة إنتاجه، لكن سرده يتميز بعدة عناصر من النادر أن نعثر عليها عند أحد من الكتّاب الآخرين، وعلى رأس هذه العناصر، أو التقاليد، التعامل الصارم مع المفردات، والاختيار الدقيق للكلمات والصور والتعبيرات، أى التعبير بأقل قدر من الكلام، وصياغة الصورة المطلوبة «المتقشفة» ولكن المعبرة بأقل قدر من المفردات، وإذا أضفنا العالم المتنوع، وسحر العلاقات بين الشخصيات، سنجد أمامنا تقاليد مميزة لسرد إبراهيم أصلان. 

لو كانت الكتابة عن ذكرى ميلاد أصلان، ربما كنت كتبت أكثر وبشكل أفضل، فذكرى الميلاد تلهمنا أكثر و«تروى» الذكريات بطريقة ما فتنبت مثل ورود برية، مثل أولئك الذين رحلوا وتركوا شيئًا ما يجب أن نحافظ عليه كتميمة ونطوره مثل وعد من أجل المستقبل.