في ذكراه.. سيرة البابا مرقس الثامن البطريرك الـ108
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسسية اليوم الأربعاء ذكرى رحيل «البابا مرقس الثامن» (1769- 1809) بابا الكنيسة القبطية رقم 108.
وقال ماجد كامل، الباحث في التراث الكنسي، وعضو اللجنة البابوية للتاريخ الكنسي: «ولد البابا مرقس الثامن في مدينة طما- سوهاج وعندما كبر اشتاقت نفسه لحياة الرهبنة؛ فتوجه إلى دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس وهناك انكب على القراءة والدرس والاطلاع حتى سيّم قساً بيد البابا يؤانس الثامن عشر (1769- 1796) بابا الكنيسة القبطية رقم 107».
وأضاف: «بعد أن تنيح البابا يؤانس الثامن عشر في 7 يونيو 1796 اتفق الأساقفة والكهنة وأراخنة الشعب على ترشيح الأب يوحنا للبطريركية، ولكن عندما وجدت بعض المناوشات والمعارضات من البعض قرر المجمع المقدس الالتجاء للقرعة الهيكلية».
وتابع: «عندما تمّت القرعة جاءت على الأب يوحنا فتمت رسامته بطريركاً في يوم الأحد الموافق 2 أكتوبر 1796 ولقّب باسم البابا مرقس الثامن، وكان ذلك في عهد السلطان سليم الثالث العثماني (1761- 1808)».
وواصل: «في بداية عهده؛ عانى الأمرين من تعسف إبراهيم بك؛ ومراد بك؛ اللذين نشطا في ابتزاز لأموال الشعب خصوصا التجار بغير وجه حق؛ كما تعرضا أيضا للأجانب المقيمين بمصر؛ فرفع هؤلاء الأجانب شكواهم إلى دولهم مما أدى إلى تدخلهم؛ وأن يحسنا معاملة رعاياهم جيداً».
وأوضح: «تعرضت البلاد في تلك الحقبة لكل أنواع الظلم والتعسف وسوء الإدارة ؛ مما أضعف تجارتها وصارت في معزل عن العالم؛ وكان يقيم في مصر في تلك الفترة جالية كبيرة من الفرنسيين والإنجليز وفي تلك الفترة ظهر في فرنسا قائد حربي عظيم قدر له أن يقلب موازين العالم فيما بعد لما له من قوة ونفوذ وعبقرية عسكرية وإدارية ؛ وكان ذلك القائد هو نابليون بونابرت (1769- 1821) ولقد أتيح هذا المناخ له ذريعة لكي يتدخل في مصر ويقوم بحملته الشهيرة على مصر عام 1798؛ والتي استمرت حتى عام 1801».
وتابع: «في 19 مايو 1898 تحركت الحملة الفرنسية من فرنسا ووصلت ميناء الإسكندرية في 1 يوليو ومنها نزح إلى القاهرة وللأسف الشديد سادت الفوضى في تلك الفترة فهاج الغوغاء على بيوت وكنائس الأقباط والشوام والفرنج؛ بحجة البحث عن أسلحة مخبأة في بيوتهم مما أدى إلى معارضة إبراهيم بك الذي حاول منعهم؛ فاحتمى النصارى في منزله بعد أن آوتهم زوجته؛ وبعد أن انتصر الفرنسيون على المماليك في موقعة إمبابة؛ احتل الفرنسيون مدينة القاهرة في 21 يوليو 1798».
وتابع: «قام بونابرت بعمل إصلاحات كثيرة؛ حيث نظم هيئة الحكومة وأعد النظم الخاصة بالصحة العامة والأمن وقيد عقود الزواج والوفيات. ولكن للأسف الشديد عندما وصله خبر تدمير الأسطول الإنجليزي لأسطوله في خليج أبو قير؛ قام بونابرت بهدم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية خوفا من أن يتخذها الإنجليز مقراً لهم لمقاومة الفرنسيين؛ مما أدى إلى قيام الأقباط بتهريب كل الآثار المقدسة التي في المرقسية إلى كنيسة مارمرقس برشيد».
واستطرد: «عودة إلى البابا مرقس الثامن؛ ففي وسط كل هذه الأزمات والمشاكل التي مر بها؛ اهتم قداسته بنقل مقر الكرسي البابوي من حارة الروم إلى الأزبكية؛ وكان سبب الإقدام على هذه الخطوة هي أن الفرنسيين احتلوا هذه المنطقة؛ ففكر البابا في الانتقال للمقر الذي كان قد بناه المعلم إبراهيم الجوهري وقام البابا بتكريس الكنيسة بحضور العديد من الآباء الأساقفة والكهنة وأراخنة الشعب في ذلك الوقت؛ واتخذ من المحلات القائمة بجوار الكنيسة الجديدة قلاية كبيرة له وفي عهده أيضاً حدث حريق كبير في كنيسة العذراء حارة الروم؛ والتهمت النيران المكان المحفوظ فيه الميرون المقدس كله، وفي عهده أيضا تمت رسامة عدد من الأساقفة للعديد والعديد من الأبروشيات الخالية؛ كما قام برسامة مطران للحبشة بأسم الأنبا مكاريوس وكان ذلك خلال عام 1808».
واختتم: «تنيح البابا مرقس الثامن في 21 ديسمبر 1809؛ وأقيمت مراسم الصلاة على جثمانه في اليوم التالي؛ ودفن في المقبرة التي أعدها لنفسه تحت الكنيسة الجديدة التي شيدها في المرقسية بكلوت بك؛ وهو أول من دفن من الآباء البطاركة في تلك المقبرة».