رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«القارب».. قصة نهاية العالم على الطريقة الإسبانية

القارب
القارب

نجحت الدراما الإسبانية خلال السنوات الماضية فى حجز مكان مميز لها فى قلوب المشاهدين فى مصر والوطن العربى، ولاهتمام منصة «واتش إت» بتقديم محتوى مميز لجمهورها حول العالم بدأت فى عرض مسلسلات إسبانية متميزة، على رأسها المسلسل الإسبانى «القارب- el barco». 

ويبدو أن المشاهد العربى أحب الدراما الإسبانية بسبب موضوعاتها الجديدة والمتنوعة، على عكس الدراما الأمريكية التى أصبحت تكرارًا لأفكار قديمة، فلم تعد حكايات البطل الخارق تحقق نفس الرواج، ولم تعد حكايات المغامرين الذين يخطفهم الموت واحدًا تلو الآخر تلفت انتباه الشباب العربى على شاكلة دراما الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستى، التى تسير وفقًا لقاعدة «سيكون القاتل آخر شخص تتوقعه».

وربما أحب المشاهد العربى الدراما الإسبانية للتشابه الكبير فى الشكل بين الإسبان وسكان الشرق الأوسط.

يحكى مسلسل «القارب» عن مجموعة من ١٢ شابًا تقدموا للعمل على سفينة تعمل فى أعالى البحار، وكان عليهم اجتياز اختبارات لتحديد الأشخاص المؤهلين لتولى المهمة. 

الاختبارات كانت عبارة عن تدريبات مع طاقم السفينة تحدث بإشرافهم خلال تنفيذ مهمة حقيقية، وفى ليلة ما يحدث أمر غريب، إذ تمر موجة مغناطيسية قوية تجعل كل شىء مصنوع من المعدن فى السفينة يتجه نحو السقف، وتسبب اضطراب جميع أجهزة الملاحة، التى أكدت مؤشراتها اقتراب موجة «تسونامى» ستدمر السفينة.

تنجو السفينة بأعجوبة، وخلال هذه المدة تظهر تفاصيل حياة فريق المتدربين ضمن الحلقات الأولى، ويعرف المشاهد أعمارهم التى لا تتجاوز ٢٠ عامًا.

فى الحلقات الأولى لا تتضح دوافع الشخصيات، أو السبب وراء سعى كل متدرب إلى خوض تجربة خطيرة كهذه قد لا يخرج منها حيًا.

ويتضح فى الحلقات التالية أن الموجة المغناطيسية تلك جزء من سلسلة أحداث تسببت فى تدمير واختفاء جميع المناطق اليابسة على كوكب الأرض، وأن البشر انقرضوا ولم ينجُ إلا سكان السفينة.

ثم يكتشف سكان السفينة أن هناك قطعة أرض لا تزال موجودة، فتتجه نحوها السفينة بيأس واضطرار لخوض صراعات للنجاة، بعد أن غرق العالم.

المسلسل مكون من ٣ مواسم، يوضح الموسم الأول- بكتابة جيدة- الخطر الكبير الذى يهدد السفينة والطاقم، وفى كل حلقة يواجه الأبطال تحديًا ويستطيعون النجاة، وبنهاية هذا الموسم تتضح تفاصيل جميع الشخصيات، مثل تاريخ كل شخصية والمشكلات التى مرت بها وصولًا إلى هذه السفينة.

ويأتى الموسم الثانى ليوضح مزيدًا من التفاصيل التى تكشف عن خطوط درامية أكثر من التى كانت موجودة فى الموسم الأول.

ثم يأتى الجزء الثالث، وتبدأ جميع الخطوط الدرامية فى التكامل بشكل تدريجى، بنقلات درامية واثقة استطاعت أن تقنع المشاهدين حول العالم.

وتستخدم فى السيناريو نفس الحيلة المستخدمة فى مسلسل «LOST» الشهير، إذ يتضح أن جميع الشخصيات تجمعها أحداث قديمة مشتركة، منهم قبطان القارب «ريكاردو مونتيرو واينوها»، وابنته، و«أوليسيس»، الطفل المتخفى، الذى تصادف أنه مساعد مساعد القبطان، وابن جوليان دى لا كوادرو، المنفصل عن «جوليا»، طبيبة القارب.

وتعد «جوليا» واحدة من عدد قليل من الناس الذين يعرفون مبكرًا ما حدث لكوكب الأرض، كما يسلط السيناريو الضوء على «روبرتوا بوربوجا»، مساعد الطباخ المصاب بالشلل الدماغى، الذى تصادف أيضًا أنه أكثر ركاب السفينة ذكاءً.

ويبدو أن العالم انتهى مع حلول الجزء الثالث من «القارب»، بسبب تجربة «مسرع الجسيمات» التى تزيد من سرعة الشحنات الكهربائية إلى مستوى عالٍ يمكن أن يصل للتدمير، والتى حدثت بالرغم من تحذير الأشخاص الذين يقفون وراء هذا المشروع من احتمالية حدوث خطأ، وأن العواقب قد تكون كارثية على النطاق العالمى.

وهنا يظهر سؤال منطقى: لماذا ننفذ تجربة خطيرة كتلك؟ وسؤال آخر: مَنْ سيربح ومَنْ سيخسر إذا دمرنا العالم؟ 

يجيب المسلسل عن السؤالين وعن أسئلة أخرى، ويتضح مَنْ السبب فى تدمير العالم فى الموسم الثانى، وهى شخصية شريرة كانت وراء مشروع يسمى «الإسكندرية»، وهو الاسم الحركى للخطة البديلة فى حالة حدوث خطأ فى الخطة الأساسية لمسرع الجسيمات، ويتضح أن هذا الشرير هو والد أحد ركاب القارب.

طوال فترة العرض يشار إلى مشروع «الإسكندرية»، وكان غريبًا التركيز على خطة فرعية أكثر من الخطة الرئيسية.

ومع اقتراب نهاية الموسم الثالث يبدو مستحيلًا تقريبًا تقديم مبررات منطقية للأحداث، لكن المشاهدين يثقون فى أن الموسم الرابع سيكون مدهشًا.