«ولع وفتنة الأدب وحياة الأدباء».. في كافيهات «حكايات من مقاهي باريس»
عن الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع صدر كتاب " كافيهات حكايات من مقاهي باريس للأديب الفرنسي" ديديه بلوند ترجمة الكاتب أحمد القرملاوي.
يقع الكتاب في مائة وستة وعشرين صفحة من القطع الصغير يأخذنا فيه المؤلف الأديب الفرنسي الكبير ديديه بلوند في رحلة أو جولة على مقاهي باريس القديم منها والكلاسيكي وكذلك الحديث الفاخر منها والبسيط، رحلة وجولة نكتشف عبرها حياة باريس في الليل والنهار سواء بالنسبة الكتاب فرنسا والعالم لنغوص في ماهيات وفحوى، الجرائد وعلاقتها بأسرار الكتاب والفنانين والرسامين، من أكبر وأهم الأسماء والتي فاقت شهرتها العالم وصولا للكتاب البسطاء المغمورين وعلاقتهم بكتاباتهم وحياتهم المعلنة والسرية وكيف كانت تلك المقاهي شاهده على بزوغ أسماء فنانين وكتاب كثر وانطفاء وتراجع مشروعات عظيمة لكتاب لم يمهلهم العمر ولا القدر من تحقيق شهرة ما تتوائم وعقودهم وساعاته الطويلة في الليل والنهار فتواروا وخفت حراكهم أو خفت وتراجع عنهم الضوء برغبتهم في أحيان قليلة مثال المصري الفرنسي ألبير قصيري الذي لم يسعى للشهرة ولا الانخراط ولا الصخب مكتفيا بأقل القليل من الحراك متفرغل لكتاباته وعبثه الفني المقصود والذي حسبه الكثيرون من متابعيه في سيرته ونتاجه بأنه نوع حاد من النرجسية المفرطة وما هو كذلك.
هذا بالإضافة لعشرات من الكتاب والفنانين اختاروا نفس النهج راضين بالعزلة والبعد عن الأضواء فلا حراك يذكر لهم إلا تلك الحالات من الدفء والونس أو الوحدة في ركن قصي في مقهى من مقاهي باريس والتي جمعت كلا من السياسي والمعارض والحالم والمضطهد والمشهور منهم الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك وغيره كثيرون،" كافيهات أو حكايات من مقاهي باريس يرصد التحولات الجمة في حياة الكتاب والكاتبات وما شهدته تلك الأركان والزوايا في المقاهي تلك، من حالات ولقاءات عشق صارت فيما بعد موضوعات كتابة أدبية وسيناريوهات فيلمية لسينما عالمية وفرنسية أوروبية.
الكتاب يرصد عشرات الاسماء لمقاهي باريس والتي يقع غالبيتها في الحي اللاتيني ومونا براس مثل مقهى "روبيس" ومقهى "لو جينرال لافايت" ومقهى "دوماجو" وكافيه مولر و"لابراسيريدوفين" واو تروا مارش، في دوفين ومقهى "سان سوسي في شارع بيجال..المؤلف يرصد كذلك دور ومكان وفعالية المقهى في الكتابة الإبداعية وحتى علاقة هذه الكتابة عبر تحولها من قصة أو رواية لفيلم سينمائي تدور فيه صراعات عوالم الجريمة والحب والموت والإخفاق والعزلة والشتات والضياع، مثالا لذلك يرصد المؤلف أحوال ويوميات فيلم "الأم العاهرة" للمخرج جان أوسناش والذي قضى بطله جل أوقاته مابين النوم وحيدا على مرتبة أرضية وبين التسكع في المقاهي في " سانت جيرمان دي بريه.
المؤلف يحيل عمله الكتابي الرائع بل والمدهش إلى فصول منفصلة متصلة لا رابط بينها إلا سحر الحكي والتأرجح ما بين عوالم السينما والكتابة والمسرح والحي والفن والحكي وحتى الجفاء والقتل في تجلي ممتع يلهب الحواس بتقنيات عدة تنفتح او تجمع ما بين الديكوباج او تصور المشهد واللقطة فيما تم من إنجازه في أعمال أدبية وسينمائية متخيلة وحقيقية، وبين ماتم حقيقة إنجازه من حضور للفن والنجومية وحالات الكتابة ما بين الصورة وشريط الصوت على لسان السارد / المؤلف/ الفنان – مؤلف الكتاب لنري أكثر من حكاية وراء كل حكاية او كاتب أو نص لآخر ومن خلال كاتب بعينه لكاتب آخر.