تطور عميق للعلاقات المصرية السعودية في عهد الرئيس السيسي
يزور الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية المملكة العربية السعودية، القاهرة في إطار بحث سبل تعزيز العلاقات المصرية السعودية في شتى المجالات.
وترصد "الدستور" في التقرير التالي كيف تطورت العلاقات بين البلدين خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي:
تاريخ طويل للعلاقات بين البلدين
شهد البلدان منذ هذا التاريخ، مسيرة طويلة من علاقات نمت وارتقت، لتتجاوز آفاق الأروقة الدبلوماسية والسياسية، إلى مصير مشترك ورؤية موحدة، وصولا إلى مستوى غير مسبوق من التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس عبد الفتاح السيسي.
تجمع عمق العلاقات التاريخية بين المملكة ومصر حكومة وشعبا، عمق كبير دليله زيارات واتصالات لا تنقطع بين مسؤولي البلدين بغرض تعزيز ودعم علاقاتهما في مختلف المجالات، والتنسيق والتشاور من أجل خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة الأمن السلم الدوليين، بوصفهما عضوين فاعلين في أسرة المجتمع الدولي.
العلاقات الاقتصادية بين البلدين
تتحدث الأرقام عن قوة المصالح المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين، فالزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في العام 2016، تمخض عنها تطوير آليات التعاون وتأطيرها في اتفاقيات جديدة بين البلدين، ليرتفع عدد الاتفاقيات المبرمة لأكثر من 60 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول، شملت جميع أوجه التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية، فضلا عن تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين في خدمة قضايا الأمتين العربية والاسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
كما أسفرت الزيارة عن قيام مجلس التنسيق السعودي المصري الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإبرام 17 اتفاقية شكلت خارطة طريق للتعاون الاقتصادي بين البلدين، في مجالات الإسكان والبترول والتعليم والزراعة والصحة، شملت اتفاقية لتطوير مستشفى قصر العيني بقيمة 120 مليون دولار، واتفاقية أخرى لتمويل إنشاء محطة كهرباء غرب القاهرة 100 مليون دولار، إلى جانب توقيع 10 اتفاقيات تفاهم لتمويل مشروعات جديدة ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء، من بينها تأسيس جامعة الملك سلمان الدولية، التي بدأت بالفعل في استقبال الدارسين للعام الدراسي 2021/2020، وإنشاء 13 تجمعًا زراعيًا في شبه جزيرة سيناء بقيمة 106 ملايين دولار، وغيرهما من المشروعات التنموية.
وشهدت زيارة صاحب السمو الملكي، ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، لمصر في مارس من العام 2018، التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون المشترك لتشجيع الاستثمار بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في جمهورية مصر العربية، والهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، بهدف تبادل فرص الأعمال والاستثمار، وتسهيل التعاون في هذا المجال الحيوي، وتبادل القوانين والتشريعات واللوائح وكافة التطورات المتعلقة بمناخ الاستثمار في كلا البلدين.
العلاقات التجارية
وعلي مدى سنوات طويلة، استمرت اللجنة السعودية المصرية المشتركة - التي يترأسها وزيري التجارة في كلا البلدين - في العمل الدؤوب لتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين على المستوى الحكومي، وتمكنت من إحداث طفرة كبيرة في ملفات التجارة البينية، والتعاون الصناعي، وما يرتبط به من تنسيق في ملف المواصفات والمقاييس، وكذا الجانب المالي والمصرفي، والتعاون الجمركي، فضلاً عن مجالات النقل والأمن، والبترول والتعدين والطاقة، بالإضافة للتعاون في مجالات النقل الجوي والموارد المائية والكهرباء والاتصالات.
وفي مسار موازي اضطلع مجلس الأعمال السعودي المصري بالتنسيق بين القطاع الخاص في البلدين. وخلال العام الماضي، حينما استضافت القاهرة اجتماع رؤساء وأعضاء المجلس من كلا الجانبين، تم إطلاق شراكة إستراتيجية بين البلدين لاستهداف السوق الإفريقية الواعدة، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين الغرف في الجانبين لمصلحة منتسبيهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما تم الاتفاق على تشكيل أربع لجان فنية متخصصة في مجالات الصناعة والزراعة واستصلاح الأراضي والتشييد والإعمار والسياحة.
ونتيجة لتلك المعطيات، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين في السنوات الأخيرة، وحقق أرقامًا تصاعدية، كما حافظت المملكة على موقعها بين أكبر الدول المستثمرة في مصر، وهو الأمر الذي حقق منافع مشتركة لكلا البلدين.
وبالتزامن مع ذلك، يقوم الصندوق السعودي للتنمية منذ سنوات بتقديم منح وقروض لتنفيذ مشروعات تنموية في عدة محافظات مصرية، وفي الوقت نفسه يستقبل السوق السعودي سنويا آلاف الأطنان من السلع الغذائية والزراعية والصناعية المصرية، فيما تستضيف المملكة أكبر جالية مصرية مقيمة خارج مصر تعمل في مختلف المجالات.
المستوى القضائي
في نهاية الشهر الماضي استقبل رئيس مجلس الدولة المستشار محمد حسام الدين، الدكتور خالد بن محمد اليوسف رئيس ديوان المظالم ورئيس مجلس القضاء الإداري بالمملكة العربية السعودية، حيث جرى خلال اللقاء بحث تعزيز التعاون القضائي بين الجانبين.
وذكر بيان صادر عن مجلس الدولة أن الزيارة تأتي في إطار مذكرة التفاهم المشترك الموقعة بين مجلس الدولة وديوان المظالم، والتي تستهدف تعزيز التعاون بينهما وتبادل الخبرات في مجالات القضاء الإداري، مشيرا إلى أن اللقاء حضره عن الجانب السعودي السفير أسامة بن أحمد نقلي سفير خادم الحرمين الشريفين ووفد قضائي رفيع المستوى من ديوان المظالم، وحضر عن الجانب المصري الأمين العام لمجلس الدولة المستشار طه كرسوع نائب رئيس مجلس الدولة وعدد من قضاة وقاضيات المجلس.
وأعرب رئيس ديوان المظالم السعودي عن سعادته بزيارة مجلس الدولة المصري، مُثنيا على التعاون المستمر بين مجلس الدولة وديوان المظالم، امتدادا للعلاقات الأخوية المتميزة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة، كما أثنى على الطفرة المتميزة في الإنجاز ورفع كفاءة أعضاء المجلس بالتدريب والتأهيل المناسب للقاضي الإداري.
وتضمن اللقاء عرضا مرئيا تناول نبذة تاريخية عن إنشاء مجلس الدولة، والذي تأسس قبل 75 عاما، وكذلك عرضا تفصيليا عن محكمة القضاء الإداري واختصاصاتها ومكونات القسم القضائي في مجلس الدولة، والإضاءة على دور التفتيش القضائي في المجلس والحرص على رفع كفاءة الأعضاء والتزامهم بالتقاليد القضائية الراسخة.