فن الحكي.. كيف تسرد حكايات الجدة ونلعب على إيقاع الحياة؟

كان البشر يروون القصص منذ 15000 سنة قبل الميلاد، كوسيلة للتواصل والترفيه ونقل المعلومات المهمة، لقد كنا نروي القصص لسنوات عديدة لدرجة أنها أصبحت متأصلة في حمضنا النووي، لقد أوصل التطور أدمغتنا حرفيًا لفن الحكي، فلقد أعطت آلاف وآلاف السنين من المشاركة والاستماع إلى فن الحكي، بعض القوة التي لا يمكن فهمها. 

ماهو فن الحكي؟

يتضمن فن الحكي بناء قصة لتوصيل رسالة إلى جمهور محدد، وهذا يعني تجميع الحقائق والمعلومات معًا بطريقة مقنعة للتربية أو الترفيه أو كليهما، ولكي ينجح فن الحكي يجب أن تتضمن عاطفة، مثل السعادة أو الغضب.

طريقة واحدة للتأكد من أن قصتك تتضمن عاطفة هي الاستفادة من تجاربك الشخصية، إذا كنت تريد أن يشعر الجمهور بالسعادة، فكر في وقت في حياتك شعرت فيه بالبهجة وأعد خلق ذلك في قصتك.

هدى قناوي
هدى قناوي تلك الفتاة التي تتحدث كثيرًا عن شغفها وأحلامها، عن موهبتها الفذة، وقدرتها على التعلم، تؤمن بأن لكل فعل رد فعل، وأن المجتهد سوف يجد مكانه، مهما كلفه الأمر، لديها العديد من المواهب في الغناء والرقص والتمثيل على المسرح وأخيرًا فن الحكي الذي نتحدث عنه.

هدى خريجة جامعة أكتوبر في البيزنس، تقدم لـ"الدستور" تعريفًا مبسطًا عن فن الحكي، فهو سرد أحداث، أو حدوته، ليس له علاقة مباشرة بالتمثيل، ولكن يمكنك خلال السرد إتقان بعض المشاهد، خاصة إذا كنتي تتحدثي عن أشخاص بلسانهم، وبالتالي تحتاجي إلى بعض التفاعل وكأنك صورة طبق الأصل للتعبير عنهم.

فن بسيط تجلس مع الجمهور بدون ديكورات ولا أزياء، أو إضاءة، يحتاج إلى إمكانيات بسيطة، لكن ثقافة الحكي ليست موجودة في مصر، رغم أننا من وضعنا أصوله من حكاوي الجد والجدة، والجلسات العائلية، حتى في القهاوي ووسائل النقل، ومع ذلك لا يصل بالشكل الكافي للجمهور.

فن الحكم قديم جدا، له العديد من الأصول وكل يوم أكتشف فيه أمور تبهرني على المستوى الشخصي، في مصر الموضوع مختلف، في الخارج لديه شعبية أكبر، ولكن مع التطور الذي نلاحقه صار له جمهوره الخاص، وصارت هناك بعض الفرق التي تمثله مثل فرقة الورشة للمخرج حسن الجرجي، والمهتمين بوصوله بشكل يليق بالمستمع المصري.

وعن فرقة الورشة أكدت أنها فرقة مسرحية، معنية بفن الحكي، شاهدنا منها عظماء مثل عبلة كامل وسيد رجب وأحمد كما، وكذلك بدأت تتواجد العديد من المسابقات كمؤسسة مصر الخير في هذا النوع من الفن من أجل الحكي في حد ذاته.

تتحدث هبه عن الفرق بين التمثيل المسرحي وفن الحكي، في الأول لا تتواصلي مع الجمهور بعينيكي، وأغلب الممثلين يكون لديهم رهبة عند النظر لوجه الجمهور، في فن الحكي تتلاشى تلك الرهبة، فالنظر أمر لا بد منه، وكذلك توزيع الكلام عليهم، لذلك فأنتي تقومين بكسر حاجز قوي، فالحكاء عندما يستطيع القيام بذلك يكون لديه لغة تواصل غريبة تكون مربكة في أول الأمر، وفي الأخر ينتهي بالمتعة.

وعن الخطوات القادمة التي سوف تقوم بها هدى، تؤكد أنها ستكمل تدريبها في الورشة، وهذا سيكون مفيدا جدا لها على المستوى الشخصي، حيث ستتعلم العديد من الأشياء الجديدة في مجالات مختلفة خلال ثلاثة أشهر، ستتجه بعدها على نحو جديد في فن الحكي.

تختتم هدى بأن الاختلاط بالآخرين سواء كانوا أناس عاديين أو موهبين في مجتمع متعلم يجعلك قادرا على الاستفادة قدر الإمكان واكتشاف طاقات جديدة،  حيث اكتشفت في ذاتها قدرتها على استخدام الطبلة، وكانت متيقنة بأنها ليس في استطاعتها استخدام تلك الآلة، وقد كان.

كذلك إنها فرصة رائعة لتطوير الذات وتفريغ الطاقات من خلال الفنون المختلفة كالرقص والغنا والمسرح والإبداع.. التعلم والتدريب أهم عنصران على إيقاع الحياة.

محمود رشوان
محمود شاب في أوائل العشرينات من عمره، قد بدأ فن الحكي مبكرًا، لإيمانه بالموهبة التي يمتلكها، والتي يستطيع من خلالها التأثير على المجتمع، تخرج من كلية الحقوق، وكان ملتحقا بالمسرح التابع لكلية آداب القاهرة، انضممت بعد شهرين منه لورشة حكي وكتابة، ولم أكن حينها أفقه ما يعنيه ذلك الفن، وكيف أنه يختلف اختلافًا جذريًا عن التمثيل لكننى اجتزت الاختبارات.

فن الحكي طورني بشكل كبير، وعدت إلى الجامعة لأجدني متألقا أحصد الجوائز، ثم بعد ذلك اتجهت إلى الهناجر، والتحقت بمسرح الشباب القوي في دفعته الثانية، وقمنا بعرض دوجز غنائي استعراضي والذي حصل على المركز الثاني في المهرجان القومي للمسرح المصري، وتم ترشيحنا لثلاث أو أربع جوائز وكان ذلك إنجازًا غير مسبوق.

وبعد ذلك وجد محمود مسابقة على الإنترنت خاصة بفن الحكي وكان ذلك جديدا بالنسبة للمجتمعات المصرية، والتي كانت تابعة لمؤسسة مصر الخير فهي الأولى من نوعها، وقام بإرسال مقطع فيديو وتم قبوله على الفور للالتحاق بالتصفيات، يقول:"ظللنا أيام نقوم خلالها بالتدريب والتعلم، والقيام بالعرض النهائي أمام الجمهور حتى تم إعلان النتيجة على مسرح الحضارة وكنت من الذين حالفهم الحظ وفازوا.

وعن الموضوع الذي عرضه أمام الجمهور كان عبارة عن حكاية تراث قديمة، ليس المسئول عن تأليفها ولكنها كانت متواجدة بالفعل اسمها "خير والصلاة على النبي"، تتحدث عن شيخ وأحد العامة، ودار بينهم حوار لطيف.

يرى محمود أن الإنسان لن يستطيع التعبير إذا لم يكن لديه المقدرة على الحكي، فهو ذلك الفن الشائع الذي نستخدمه في حياتنا، ولكي تكون حكاء يستمع إليك الجماهير هذا موضوع أخر يحتاج إلى مجهود عظيم، فهو أصعب من التثميل، لا يوجد حاجز بينك وبين الجمهور، تحتاج إلى احتضانه من أجل سماعك، أن يشاهد الصورة التي تحملها في خيالك، وليس لها وجود، كيف تظهر شخصياتك المختلفة وتتعامل معها، كيف تتحكم في نفسك، وطبقات صوتك، بإيجاز يجب أن يكون الجمهور سعيدًا ومتأثرًا.

حسام حسن
حسام شاب ثلاثيني تخرج من كلية التجارة، لكنه غوى التمثيل وفن الحكي والستاند أب كوميدي، هو بارع في العديد من أشكال الفنون المختلفة، انضممت إلى بيت الفن للمسرح،  لكننا لم نكن نعمل طوال الوقت بسبب قلة العروض، ثم انضممت إلى مسرح أوبرا ملك، من أجل القيام بالعروض الحية.
كانت توجد بعض الموضوعات المحددة للحديث عنها منها مصر في 2030، والمخدرات، تأخر فكرة الزواج، واختار حسام الموضوع الثاني، لأنه كان الأسهل في توصيل رسائل مباشرة وصريحة إلى الجمهور بالتزامن مع العديد من الحملات التي تقوم للقضاء على تلك الفكرة التي باتت خطرا يهدد الكبير والصغير.

كانت فكرتي تتمحور حول "ناس عزمت عليا أشرب، ولما جربت، ركبت الميكروباص، ودفعت أكتر من 3 مرات، فست كبيرة قالتلي هو أنت حد هيجي يركب معاك عشان تدفع 3 مرات، وده عشان أنا مكنتش في وعيي".

ومن بين العديد من المتسابقين استطعت أن أتأهل في المسابقة التي أقامتها مصر الخير، وتحدثت عن موضوع أخر "اسمه النضارة والمصيف"، ثم حصدت المركز الأول، بعد ذلك قمت بالعديد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، واستطعت ركوب الترند في أحدهم"تحليل المخدرات في كمين".

سيتجه حسام في الفترة القادمة إلى عمل برنامج على فيسبوك أو يوتيوب، وعندما تم سؤاله عن تقبل الجمهور لهذا الفن، أجاب على حسب مايتم تقديمه لابد أن يحترمهم، أن يكون مناسبًا لأطفالهم، وهذا ما أحاول الاجتهاد من أجل الوصول إليه.