دراسة تكشف تلاعب الإخوان بأوراق الديمقراطية وحقوق الإنسان
كشفت دراسة حديثة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات كيف تستغل جماعة الإخوان المسلمين مفاهيم مثل الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، وتقوم من تفريغها من مضمونهما واستخدامهما كأداة للضغط وفرض الإرادة، على بعض الدول الأخرى، ووفقًا للدراسة فإن الجماعة تنشر أكاذبيها وادعاءاتها المضللة لتشويه صورة دول بعينها والضغط عليها.
الجماعة لا تعترف بالديموقراطية الحقيقية
وفقًا للدراسة فإن مؤسس الجماعة «حسن البنّا» كان يرى في الحياة الحزبية والانتخابات، التي هي جوهر العملية الديمقراطية، شرًا مطلقًا، فهي تعني المنافسة التي ستؤدي إلى تشرذم الأمة الإسلامية، وستفسد على الناس حياتهم، كما أنه يرى في فكرة الائتلاف بين أكثر من حزب فكرة غير مقبولة؛ لأنها ستؤدي إلى عدم الاستقرار.
و يرى «البنّا» ضرورة أن يكون هناك حزب واحد يتمتع بالإجماع، ولكن المفارقة التي تعبر عن ازدواجية الإخوان وبراغماتيتهم، تجلت في حديث البنّا حول فكرة الحزب الواحد، عندما يستشهد بـاثنين هما: هتلر وموسليني، وكيف أن حكم الفرد بحزبه الواحد كان العامل الرئيسي في نهضة كل من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية كما كان السبب في نكبتهما ودمارهما.
وتابعت الدراسة، «البنّا» نفسه الرافض لفكرة الديمقراطية والانتخابات قد ترشح للانتخابات مرتين، الأولى في عام 1942 وتراجع عن الترشح؛ بصفقة مع حكومة الوفد في ذلك الوقت، والثانية في عام 1944 ترشح ولكنه لم ينجح.
بعد ذلك ومع سقوط الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات، التقط الإخوان الموجودون في الغرب تلك الإشارة، وقاموا بتقديم أنفسهم، كفريق يؤمن بالديمقراطية والانتخابات، والحريات وحقوق الإنسان، ويمكنهم القيام بمهمة الدمقرطة للعالم العربي، في حال وصولوهم إلى السلطة في العالم العربي، وبأنهم سيكونون حلفاء يمكن للغرب الاعتماد عليهم، ويأتي راشد الغنوشي على رأس من طوروا هذه الفكرة، فالغنوشي روّج لفكرة أن الديمقراطية في الأساس هي من الإسلام، وهي المعادل لفكرة الشورى وأن الغرب قد استخدمها.
تمكين الجماعة
مثلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وحالة الفوضى والتخبط اللتان نشأت عنهما، في تعامل الولايات المتحدة والغرب، مع الإسلام، فرصة جديدة لا تعوض بالنسبة إلى الإخوان المسلمين، لمخاطبة الشارع في الدول الإسلامية، من أجل تحسين صورتها المتدهورة، للحصول على دعم المجتمعات المسلمة لحروبها على الإرهاب.
وانطلقت مبادرات جماعة الإخوان المسلمين الزائفة والدول الداعمة لها، من أجل تقديم مبادرات تتماهى مع الرؤية الأمريكية للتغيير في المنطقة، والاستمرار في تقديم أنفسهم كشركاء ورعاة لمشروع الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة.
وتابعت الدراسة: تحت غطاء الإصلاح السياسي، استهدف الإخوان المؤسسات العسكرية «الجيش والشرطة»، من خلال تقديم مقترحات للسيطرة عليها، بتعيين مدنيين – بطبيعة الحال سيكونون موالين لهم- على رأس تلك المؤسسات، والتقليص من صلاحيات هؤلاء، من أجل ضمان فرض السيطرة الكاملة على الدولة، وضمان عدم وجود مؤسسات قادرة على التصدي لمخططاتهم، وحماية الشعب، على غرار ما حدث في مصر في عام 2013، عندما تدخلت المؤسسات العسكرية في مصر بناء على مطالب الشعب لحماية الدولة، من مخططات استيلاء الإخوان المسلمين على الدولة.
في عام 2005 نجح الإخوان المسلمون في مصر، للمرة الأولى في تاريخ الجماعة؛ في الحصول على 88 مقعدًا في انتخابات مجلس الشعب، وبدأ الإخوان بتبنّي لغة أكثر براغماتية لطمأنة الولايات المتحدة.
و لم يستطع الإخوان، أن يخفوا حقيقتهم مدة طويلة، فبمجرد استحواذهم على السلطة سعوا إلى فرض سيطرتهم على جميع مفاصل الدولة، وإقصاء غير المنتمين إليهم، وعلى رأسهم التيارات العلمانية واليسارية، التي وقعت في فخهم وقامت بالترويج لهم، وساعدتهم على الوصول إلى السلطة.
الانهيار وتصدير الأزمات
كانت بداية انهيار مشروع الإخوان المسلمين في المنطقة، في مصر في عام 2013 عندما خرجت الملايين لتعلن عن رفضها لممارسات الإخوان الإقصائية، وانقلابهم على الديمقراطية وحقوق الإنسان، وواجهت مصر صعوبات جمة نتيجة، لهذه الخطوة.
وفي ظل حالة الفشل الكبير التي يعيشها مشروع الإخوان المسلمين، وسقوطه المروع في مختلف دول المنطقة، ووسط حالة الانقسام والتناحر التي يعيشها قيادات التنظيم الدولي للإخوان فيما بينهم، يلجأ الإخوان إلى تصدير أزماتهم للخارج، عن طريق استهداف دول محور الاعتدال، عبر منظومة حقوق الإنسان.
واختتمت الدراسة: لعقود طويلة نجح الإخوان المسلمون؛ في التلاعب بأهم القيم التي يفتخر بها الغرب، وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن أبرز مظاهر هذا التلاعب، هو اعتماد الدول الغربية على الإخوان لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي، عبر مشاركتهم في الحرب على الإرهاب عقب 11 سبتمبر، غير مدركين أن جماعة الإخوان المسلمين وأفكارها المتطرفة، هي الحاضنة التي خرجت منها غالبية التنظيمات الإرهابية، فتنظيم القاعدة الذي قام بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية، تم تأسيسه على أفكار سيد قطب، كذلك غالبية قياداته من جماعة الإخوان المسلمين أو منشقين عنها، لذا دعمهم قبل/بعد الربيع العربي للوصول إلى السلطة، أمر يبدو في غاية السذاجة.
فعدم قدرة المؤسسات الغربية؛ على تحري الدقة في المصادر التي تقدمها لهم التقارير حول أوضاع حقوق الإنسان، وكشف تحيزها وأهدافها، يدل على مدى نجاح الإخوان المسلمين، في اختراق تلك المؤسسات؛ وتأثيرها المتزايد في صناعة القرار بها، فالإخوان نجحوا في بناء شبكات من المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان، في صورة أقرب لعمل شبكات غسل الأموال، التي تقوم بإنشاء عدد كبير من المؤسسات، للقيام بعمليات كثيرة ومعقدة بحيث لا يمكن تتبع مصادرها وكشف حقيقتها، هكذا عمل الإخوان فيما يخص حقوق الإنسان والديمقراطية، حتى صارت المؤسسات الغربية تعتمد على تقاريرهم وتتعامل معها بشكل مسلم به، دون القدرة على تتبع مصادر تلك المعلومات وحقيقتها، وما كان للإخوان المسلمين في الغرب القيام بذلك، لولا وجود ثغرات في البنية القانونية والتشريعية، تسمح لهم باستغلال القوانين، في الحرية والديمقراطية أسوأ استغلال.
كما أشادت الدراسة بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، في خطوة تهدف إلى تحسين أوضاع الإنسان في مصر بناء على أسس شاملة وتبع ذلك الحكم ببراءة بعض منظمات المجتمع المدني في عدد من القضايا، ويأتي الحدث الأبرز عقب إطلاق تلك الاستراتيجية الوطنية، في إعلان الرئيس السيسي في الـ 25 من أكتوبر، بإلغاء حالة الطوارئ، الأمر الذي يمهد الطريق أمام العديد من الإصلاحات في المنظور القريب.