أبرزها رواية «طقوس الغواية».. إطلالة على عالم الكاتب أحمد الحلواني
قبل ساعات، غادر عالمنا الكاتب الروائي الكبير أحمد الحلواني، عن عمر ناهز 65 عامًا، إذ أعلنت زوجته الكاتبة والإعلامية عزة فهمي خبر وفاته بعد ظهر اليوم الأربعاء.
وكان «الحلواني»، قد نوّه عن مشاركة آخر أعماله الروائية «ممالك الحب والنار»، والصادرة عن دار العين للنشر والتوزيع، في فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب.
من هو أحمد الحلواني؟
أحمد إسماعيل إبراهيم إسماعيل الحلواني، من مواليد 1954، حاصل علي بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة القاهرة.
عمل بالحقلين المصرفي والإداري.
حصل على العديد من الجوائز من بينها: «جائزة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة عن قصيدة "ونعبر للحياة" 2011، جائزة المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة عن مجموعته القصصية "الموسوم" 2019، جائزة إحسان عبد القدوس للقصة القصيرة، عن قصته "إنكار" 2021».
صدر للكاتب الروائي الراحل أحمد الحلواني، العديد من المؤلفات التي تنوعت بين المجموعات القصصية، والروايات، نذكر من بينها:« "إن يحلم بالحب"، ديوان شعري عن دار الجندي للنشر عام 2000ــ "عالم السحر المجهول"، دراسة بحثية عن دار الجندي للنشر عام 2000ــ "خيول بلا صهيل"، ديوان شعري علي نفقته الخاصة 2001 ــ "أثواب القش"، ديوان شعري عن دار شرقيات للنشر 2007 ــ بالإضافة إلى روايتين صدرتا عن دار العين للنشر والتوزيع وهما: "طقوس الغواية" 2018، ورواية "ممالك الحب والنار" مطلع العام الجاري، وحققت نجاحا كبيرا خلال دورة معرض القاهرة الدولي للكتاب المنصرمة.
المجموعة القصصية "الموسوم"، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ــ مطبوعات الجوائز 2019.
أسرار الأحجار
كتاب "أسرار الأحجار"، وهو كتاب موسوعي عن الأحجار الكريمة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب 2019.
والكتاب تعريف بعالم الأحجار الكريمة وتأثيراتها المختلفة على الكون والطبيعة والبشر والمزاج العام، فضلا عن سرد المفاهيم الأسطورية المرتبطة بها، والمعتقدات الشعبية والدينية الضاربة في عمق التراث الإنساني وما كتب عبر الزمان لمؤلفين وباحثين وفلاسفة ورحالة عن قدراتها وتأثيرها في الإنسان.
ويعد كتاب "أسرار الأحجار" موسوعة شاملة عن الأحجار الكريمة، فضلا عن تأثير تلك الأحجار على الحياة البشرية والكونية، كذلك كل ما أحيط بها من أساطير ضاربة في عمق التراث الإنساني، وما كتبه المؤلفون والباحثون والفلاسفة والرحالة على مدى التاريخ الحضاري، ودلالات تلك الأحجار وعلاقتها بالأبراج والتنجيم والكواكب المختلفة والتراث الشعبي.
«طقوس الغواية» جرس إنذار عن زنا المحارم
بطلة رواية "طقوس الغواية" للكاتب أحمد الحلواني، هي "ريحانة أكمل القمري" طالبة الطب رقيقة الحال، والتي ارتبط اسمها بنبوءة أحد الدراويش، وهي مازالت بداخل أحشاء أمها لم تولد بعد، عندما أمسكت الأم بعود ريحان مما يزرع حول المقابر لتشمه، فخرج لها الدرويش وطلب حسنة وبدلا من أن يأخذ الجنيه الذي مد الأب يده به، أعطاه الدرويش خمسة جنيهات.
زيارة أمها وأبيها للمقابر في ذاك الوقت حدد مصيرها في الحياة قبل أن يحدد اسمها فقط.
ريحانة القمري التي تشعر طوال الوقت بالتضاؤل أمام زميلات الكليية، فهي ابنة الموظف البسيط الذي أصر على دخولها كلية الطب رغم معارضة الأم بأنهم لن يستطيعوا توفير تكاليف الدراسة في هذه الكلية، إلا أن الأب يكافح بشتي الطرق حتى تلتحق ريحانة بهذه الكلية. حتي إنه يميزها في المعاملة عن أخوتها الذكور.
كان على ريحانة أن تتفوق وتجتهد، كان لحصولها على أعلى نسب للنجاح، طريقة لتواجه بها مظاهر ثراء زميلاتها الفاحش، ذاك الذي تبدو ملامحه جلية على ملابسهن الغالية العالمية، وعطورهن التي تترك آثارها بعد مغادرتهن المكان، أو حتى سياراتهن ذات الماركات الأغلي بين أنواع السيارات الأخرى.
على أن الانقلاب الكبير الذي يحدث في حياة ريحانة، جاء مع أستاذها في الكلية، الدكتور "عصام" والذي ترتبط معه في علاقة حب سرعان ما تتحول لعلاقة جسدية. وعلي عكس ما كانت تعتقد ريحانة من أنها فقدت عذريتها وهي طفلة صغيرة، بعدما أغتصبها شقيق جارتها، تنهمر دموع فرحتها عندما تكتشف أنها ما زالت عذراء وأن عصام هو من فض بكارتها.
في سردها لهذه الواقعة التي سرعان ما نكتشف أن شقيق جارتها وصديقة الطفولة، كان قد اغتصب شقيقته "هند" أيضًا! وهنا يشير المؤلف إلي ملامح ترييف المدن وزحف العشوائية التي لم تكتف بأطراف المدن فقط، بل زحفت لكل ركن في مصر. بما نقلته من ثقافة العشوائية والأفكار الدينية المتطرفة، فلا بأس من أن يواظب جيران "ريحانة" علي الطقوس الدينية، بينما طوال الوقت يمارسون كل ما يتنافى مع ألف باء أى ديانة كانت سماوية أو وضعية، فوصل الأمر إلي زنا المحارم٬ كما في حالة هند وشقيقها، والذي بطبيعة الحال كان يشاركها الفراش وهم صغار، وسبق ورأي وسمع أصوات والده ووالدته أثناء علاقتهما الحميمية، وهو الشائع لدي أهل الحي الذي تسكنه ريحانة، وهو حي بولاق الدكرور جميعا. يقول الحلواني: "حين تدخل هذا الحي الذي أقطن به وتشاهد الجدران الأسمنتية المتلاصقة، والشبابيك الصغيرة القصيرة، وتنصت لقصص تتدلى من الشرفات، تصير عاريًا من كل شيئ وتصير الأسرار الليلية مباحة لكل الجيران، أو بمعني أدق يصير الجنس والعري روتينًا يوميًا في حياتك.
مظاهر التطرف الديني
رصد أحمد الحلواني، من خلال روايته مظاهر التطرف الديني الذي يبدأ من المدارس، خاصة خلال مرحلة التعليم الابتدائي، وهو ما جسدته شخصية "أبلة هدي المنقبة" معلمة ريحانة، والتي كانت تتحرش بها طوال الوقت وتهينها بالضرب لأنها دونا عن زميلاتها، تطلق شعرها ولم ترضخ لتهديدات تلك المعلمة المتطرفة، ولا قصص الوعيد والنار، والتعليق من الشعور في جهنم لكل من لا تلتزم بالحجاب.
«طقوس الغواية» رواية كاشفة للعديد من الأمراض المجتمعية، وتراجع ثقافة الطبقة الوسطى أمام توغل وتغول الأفكار المتشددة، واكتساح ثقافة العشوائية بما تحمله من جرائم وقنابل موقوتة ما أن تواتيها الفرصة حتى تنفجر في وجوهنا.