«البودشيشيى»: الإسلام يربي أبنائه على عدم الإسراف
أكد الدكتور منير القادرى البودشيشيى، رئيس مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطى لدراسة الإسلام اليوم، أن الأبعاد الأخلاقية للمسألة البيئية تقوم على تسليط الضوء على قيم الأمانة و المشاركة، وتجنب الضرر و الإسراف وتقاسم الوصول إلى الموارد الطبيعية والحيوية مع كافة العناصر البشرية الأخرى، مع الحرص على ترك كوكب الأرض مكاناً صالحاً للعيش وقابلا للحياة من أجل الأجيال القادمة، جاء ذلك خلال مشاركته فى فعاليات ليلة الوصال الصوفية رقم 77 التى نظمتها الطريقة القادرية البودشيشية بالشراكة مع مؤسسة الملتقى .
وأوضح أن أهمية هذا المفهوم تتمثل في اعتبار خيرات الطبيعة موارد ينبغي استخدامها في إطار أخلاقي، مضيفا أن الدين الإسلامي يتميز بالوسطية والاعتدال والاستخدام المُتَعَقِلِّ للموارد إِسْوَةٌ برسول الله سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، موردا في هذا الصدد مجموعة من الأحاديث النبوية.
و زاد أن الاعتدال في الانتفاع من خصائص السلوك الاسلامي، وأن المقصد منه هو حفظ توازن النوع الإنساني والبيئي، فلا ينتفع الانسان بالبيئة إلا بالقدر الذي يحفظ استمرار النوع وإعمار الكون ولا يتسبب في تدمير البيئة والإخلال بالتوازن البيئي.
وأوضح أن الإسلام في تعاطيه مع المسألة البيئية والمحافظة عليها ينطلق من بناء الانسان الفرد وتربيته على المحافظة على ما استخلف فيه وما أوتمن عليه، مستدلا بقوله تعالى:﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[ سورة الأنعام: 165].
وتابع شارحا أن الله عز وجل جعل الإنسان خليفة في الأرض، وأنه مسؤول عن كيفية استثماره لخيراتها والمحافظة عليها، منبها إلى أنه ليس مالكاً لها ومع ذلك يسيء التصرف فيها إرضاء لنزواته، وشدد على أن الانسان مطالب بالتصرف فيها تصرف الُمؤْتَمَنِ عليها بأسلوب رشيد يكفل المحافظة عليها.
وأضاف أن المحافظة على بيئة نظيفة من دون ثلوث و تخريب هو مقياس لرقي الأمم وتقدمها، وأنه دليل على سمو حضارتها وقيمها، ليخلص الى أن نظافة الأوطان على مدى الأزمان تَرْقَى بها وتعلو مكانة الإنسان.
ونوه أن الإسلام يربى أبنائه على عدم الاسراف في كل شيء، وفي كل تفاصيل حياتهم اليومية، وأنه جعله منهج حياة لهم، مستشهدا بقوله تعالى :«وٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا » الفرقان:67، كما أورد أمثلة عملية على ذلك.
وأشار الى أن علماء الإسلام استنبطوا مجموعة من القواعد الفقهية العامة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي لها أثر إيجابي في حل المشاكل المرتبطة بالمحافظة على البيئة، كقاعدة الضرر يُزال وغيرها من القواعد.
و أكد أن العبرة ليست في مجرد الاعتراف بقيم عليا ومفاهيم نظرية كلية؛ وإنما العبرة بتقديم رؤية متكاملة ومتضافرة لقيم صالحة للتنزيل على أرض الواقع، تمكن الإنسان من تمثلها وتنزيلها على ظروفه المختلفة.