رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

موقف الدولة من مبادرة وقف العنف

رغم أن مبادرات وقف العنف كانت تصدر من جانب الجماعة الإسلامية، فإن الحكومة المصرية ظلت ترفض مثل هذه المبادرات حتى ظهرت بوادر تشير إلى تغيّر الموقف الرسمي المصري منها دون إعلان.
بدأ هذا التغيير مع تولي اللواء حبيب العادلي وزارة الداخلية المصرية.. واتضح هذا التغيير في عدة نقاط:
- السماح لصلاح هاشم، مؤسس الجماعة الإسلامية، بزيارة القادة المسجونين والتباحث معهم حول المبادرة.
- عدم تقديم أعضاء الجماعة الإسلامية لمحاكمات جديدة.
- وقف الملاحقات الأمنية لأعضاء الجماعة. 
- الإفراج المتدرج عن معتقلي الجماعة الإسلامية. 
ويلاحظ أن البنود الثلاثة الأخيرة كانت من الشروط التي طالب بها قادة الجماعة الإسلامية في الخارج في عام 1996م لموافقتهم على وقف العنف ضمن ستة شروط، كان من بينها قطع العلاقات مع إسرائيل.
قدمت أجهزة الأمن تسهيلات لقيادات الجماعة لم تكن تخطر على بال من قبل في سجونهم، وسمحت لهم بالتنقل بين السجون المختلفة حتى يروجوا لمراجعاتهم. 
حيث بدأوا في يناير 2002 بزيارة سجن دمنهور الذي ذهب إليه ناجح إبراهيم وعاصم عبدالماجد، وفي وقت مقارب قام كرم زهدي الأمير الفعلي، وعصام دربالة وأسامة حافظ وفؤاد الدواليبي، أعضاء مجلس شورى الجماعة، بزيارة المعتقلين التابعين لهم في سجون الوادي الجديد ووادي النطرون والإسكندرية، كما زار قياديو الجماعة في أوقات لاحقة سجون الفيوم والعقرب واستقبال طرة والمنيا وأسيوط وأبوزعبل وقنا. 

وفي بادرة غير مسبوقة سمحت السلطات الأمنية لأهم عشرة قياديين بزيارة أسرهم في بداية شهر يونيو 2002، حيث خرجوا من سجونهم وذهبوا إلى بيوتهم تحت حراسة مشددة وظلوا فيها لعدة ساعات عادوا بعدها إلى محبسهم. 

عندما أشيع أمر المبادرة تحدث الدكتور عمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية وأحد المؤسسين لها، من سجنه فأيدها في بيان بعنوان «وقفوا لله وأوقفوا لله». 
وفي منتصف عام 2002 أصدر الدكتور عمر عبدالرحمن تصريحا على لسان محاميته، لين ستيورات، ذكرت فيه أن الشيخ يسحب تأييده لمبادرة وقف العنف، لأنها لم تسفر عن أي نتائج إيجابية للإسلاميين، وأنه لم يحدث تقدم، لأن آلاف المعتقلين لا يزالون في السجون، والمحاكمات العسكرية مستمرة، وعمليات الإعدام لا تزال تنفذ، وبالتالي لا مجال للحديث عن وقف القتال.

بعد أيام من تصريح الدكتور عمر عبدالرحمن عقد محامي الجماعة الإسلامية منتصر الزيات مؤتمرا صحفيا شكك فيه في تصريحات الدكتور عمر عبدالرحمن، على لسان محاميته، كما رفض في هذا المؤتمر إطلاع الصحفيين على الرسالة التي أرسلها الدكتور عمر عبدالرحمن لقادة الجماعة داخل سجن ليمان طرة، وقال إن قادة الجماعة بعثوا برسالة إلى الدكتور عمر تتضمن موقفهم من المبادرة.

وبعد أسبوع من تصريحات محامي الجماعة نشرت الصحف ردا من الشيخ عمر عبدالرحمن على بيان قادة الجماعة، ونشر البيان في صحيفة الشرق الأوسط، وأكد أن الدكتور عمر عبدالرحمن سحب تأييده لها، وأنه (أي الشيخ عمر) طلب نشر تصريحاته عبر محاميته ليم ستيوارت، والتي كان بعض الأصوليين قد شككوا في صدور تصريحاتها عنه. 
غير أن الدكتور ناجح إبراهيم أعلن في حواره مع مكرم محمد أحمد، المنشور في مجلة المصر وفي كتابه حول هذا الموضوع، عن أن مجلس شورى الجماعة وافق على المبادرة، ووافق عليها الدكتور عمر عبدالرحمن في أمريكا، والشيخ محمد مختار في بريطانيا، والشيخ عبدالآخر، والشيخ محمد الإسلامبولي.
وقال الدكتور ناجح إبراهيم إن ما ذكر عن رفض الدكتور عمر كان مغرضا في نقله، وإن المحامي أحمد عبدالستار نقل أن الشيخ عمر فوضنا في المبادرة ثقة منه في قيادات الجماعة، وإن قيادات وأبناء الجماعة يراجعون موقفهم وما تحقق حتى الآن بناء على توجيهات الشيخ عمر.

وقد انتقد الدكتور أيمن الظواهري، في خطاب مفتوح منشور بصحيفة الشرق الأوسط، قادة الجماعة الإسلامية لإعلانهم وقف العنف، واستغرب الظواهري صدور ما سماه مبادرة وقف العنف من قادتها في السجون المصرية، وقال: أحسبها خاسرة قبل أن تخرج، فلا هي حققت للحركة الجهادية رصيدا تاريخيا تعتز به، وتضرب مثلا على الثبات والبذل والعطاء، ولا هي حققت في عالم السياسة شيئا. 
وفي رده على المراجعات يرى الدكتور هاني السباعي، المحامي المصري الصادر ضده حكم بالسجن المؤبد في قضية «العائدون من ألبانيا» عام 1999، والذي يعمل مديرا لمركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن أعلن إن ما بني على باطل فهو باطل، وبداية الباطل هو المكان الذي ولدت فيه المراجعات الفكرية لقادة الجماعة المصرية، والجهة التي روجت لهذه المبادرات وهي مباحث أمن الدولة بمصر. وأوضح أن مناخ السجون لا يفرز آراء سديدة، بل إن هذه الآراء موضع شك وشبهات، وهي البداية التي تفرعت منها الآراء والأفكار التي خرجت من أفواه قادة «الجماعة» المحتجزين في السجون المصرية. 
وبعد أحداث التفجيرات الإرهابية التي شهدتها منطقة سيناء خلال أكتوبر 2004، أدانت الجماعة الإسلامية في مصر بشدة تفجيرات سيناء. وقالت في بيان لها أن تفجيرات طابا تمثل نوعاً من التفجيرات العشوائية التي تخطئ في اختيار ضحاياها وفي تحديد الزمان والمكان المناسبين. 
وأضاف البيان انه إذا كان من قاموا بهذه التفجيرات يستهدفون الانتقام لشهداء الانتفاضة وكرد فعل على السياسات الشارونية المتغطرسة فإنها افتقدت السند الشرعي وعارية عن الحس السياسي.