مستشار المفتى يدعو مسلمى أمريكا أن يكونوا جسورًا للتواصل بين الإسلام والغرب
دعا الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن يكونوا جسورا للتواصل والتعاون بين العالم الإسلامي والعالم الغربي.
وأكد مستشار المفتي - في خطبة وصلاة الجمعة التي أداها اليوم في المركز الإسلامي بنيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ـ ضرورة حماية الشباب من الوقوع في براثن التطرف، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
كما تناول في خطبة الجمعة أسباب انتشار التطرف بين الشباب في أوروبا، مشيرًا إلى أنها كثيرة ومتشابكة، يأتي على رأسها تمزق الهوية الذي يعانيه الشباب المسلم في عالم لا يشعر أنه يمثله، بل يتجاهله، وأحيانًا يمارس التمييز ضده.
وأضاف أنه في محاولة عملية لإثبات الانتماء للهوية الإسلامية يتجه هؤلاء الشباب إلى الانخراط في أعمال عنف ليؤكدوا بها هويتهم وصلتهم بالإسلام، والثابت أن خطاب الإسلاميين المتشددين يؤتي ثمرته في نفوس بعض الشباب في الغرب؛ كونه يمس العاطفة الدينية المتعطشة لديهم لإعلاء كلمة الإسلام ، مشيرا إلى أن بُعْدَ غالبية المسلمين في أوروبا عن المراكز العلمية الوسطية التي تتوخى مقاصد الشريعة وتراعي المآلات، وتحقق المعادلة الصعبة في التوفيق بين الشعور الديني والشعور الوطني.
وأكد أن الفراغ الروحي الكبير الذي يعانيه غالبية الشباب المسلم في الغرب، بالإضافة إلى التهميش وضياع الهوية وضعف الانتماء إلى بلدان هي في تصورهم بلاد كفر، يجعل من السهل لأي إمام مسجد أو مركز إسلامي متشدد، مهما كان تحصيله العلمي ومهما كانت دوافعه أن يعبث بعقولهم ويشوه إدراكهم للإسلام، ويجعل هؤلاء الشباب خامة لينة طيعة سهلة التشكيل، ويصنع منهم في الأخير أدوات لتنفيذ مصالح ضيقة لا تعبر بالضرورة عن الصالح العام للمسلمين في الخارج أو تقدم صورة صحيحة عن الإسلام هناك.
وأكد نجم في خطبته أنه مع تعالي أصوات التيارات والجماعات المعارضة للوجود الإسلامي والعربي في كثير من بلاد العالم، وفي أوربا وأمريكا خصوصًا، وتحذيرهم من تنامي وتزايد أعداد المسلمين، مستغلين تزايد الجرائم التي تقدم عليها التنظيمات الإرهابية لتشويه صورة الدين الإسلامي والثقافة العربية والشرقية، تأتي أهمية إنشاء المؤسسات والمراكز المعنية بدراسة وتحليل وتقديم المعالجات العلمية الدقيقة لتلك المشكلة التي تواجه المسلمين والعرب في كل مكان.
ولفت إلى أن دار الإفتاء المصرية قامت بإنشاء أول مرصد للإسلاموفوبيا وجرائم الكراهية، وقد خطا المرصد خطوات واسعة على مستوى التحليل والرصد وبيانات الرد، لنبذ جرائم الكراهية والتطرف المضاد مكملًا لمهمة مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة الذي يواجه تطرف بعض المنتسبين للدين الحنيف.
وأوضح مستشار مفتي الجمهورية أن تصويب المناهج الدراسية له أهمية كبيرة، خاصة تلك التي تكرِّس للكراهية عند كل اتجاه، فكثير من المناهج التي يتم تدريسها في المدارس والجامعات الغربية لا تتفق مع صحيح الإسلام ونصوصه، وهو أمر يسهم بشكل كبير في ترسيخ الصورة الذهنية المشوهة عن الإسلام والمسلمين في الخارج؛ لذا علينا جميعًا أن نسعى للتواصل والتعاون مع الجامعات والمدارس التي تُعنَى بالدين الإسلامي في الخارج، والتي تقوم بتدريس بعض المقررات الخاصة بالإسلام والمسلمين، وتوضيح صحيح الدين ووسطيته، والمؤلفات الصحيحة المعبرة عن مبادئ الإسلام السمحة وقيمه العليا، بعيدًا عن التشوية والابتذال الذي تعرض له الإسلام في مناهج تدرس على أيدي غير المتخصصين في الخارج.
واختتم مستشار مفتي الجمهورية خطبة الجمعة بالتأكيد على أهمية إرسال مزيد من العلماء المؤهلين لتدريس العلوم الشرعية والرد على الشبهات التي تثار حول الإسلام هناك، وتنظيم حوارات علمية بين المؤسسة الدينية الإسلامية الوسطية، وبين تلك الجامعات والمدارس الغربية.
وقال: "إنه قد أصبح واجبًا على المؤسسات الدينية الكبرى والمرجعيات الإسلامية المعترف بها إيجاد صيغة وآلية للتحدث والحوار باسم الإسلام والمسلمين، والتعبير عن قضايا ومشكلات المسلمين حول العالم، فكثيرًا ما يسأل المسلمون في العالم: من أنتم؟ وما مرجعتيكم؟" ، مؤكدا أن الإسلام هو دين الحوار والتراحم والتكاتف، وأنه لا بد من ترجمة خلق الرحمة إلى أفعال نتراحم ونتكافل بها داخل المجتمع، خاصة في ظل جائحة كورونا التي أرقتنا جميعًا.