رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم ودوره فى نشر المعرفة والفنون

عندما تدرك الدولة أهمية التعليم فى بناء ونهضة وتقدم الأمم، وأنه بدون الإنفاق على الصحة والتعليم فلن يكون للدولة مكان بين الدول المتقدمة، وعندما تدرك الدولة أهمية الاستثمار فى تنمية الثروة البشرية، لأنه استثمار مضمون فى بناء الإنسان صانع الحضارة، فإنها ستضخ ميزانية كبيرة وكافية للإنفاق على التعليم وعلى أدواته الأساسية من أبنية وأجهزة ومستلزمات بجانب تقدير المعلمين والمعلمات، أى الاهتمام بالتدريب والتأهيل والتنمية المستدامة لهم وبزيادة رواتبهم؛ حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم على أكمل وجه، ويتمكنوا من توفير "حياة كريمة" لهم ولأسرهم.
من الجدير بالذكر أن متوسط دخل المدرس سنويًا فى معظم الدول يزيد على متوسط دخل الفرد فى المهن والوظائف الأخرى.
وعندما تدرك الدولة أهمية التعليم فى غرس الانتماء ونشر الثقافة التنويرية واكتشاف المواهب والقدرات والمهارات الفنية والأدبية والرياضية، ستشمل الأبنية التعليمية قاعات الموسيقى والمسرح وقاعة المكتبة، والملاعب المزودة بالأدوات الرياضية، وذلك لممارسة الأنشطة المتنوعة، وذلك بجانب تنشيط الرحلات الداخلية إلى الأماكن الأثرية والمتاحف المتنوعة والأماكن الطبيعية الجميلة، من خلال المدارس والجامعات، مع دعم ميزانيتها من قبل المدرسة.
تعالوا بنا نقرأ معا ما جاء فى مقدمة "الدستور" وفى العصر الحديث استنارت العقول وبلغت الإنسانية رشدها وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم، رافعة رايات الحرية والمساواة، وأسس محمد على الدولة المصرية الحديثة وعمادها جيش وطنى، ودعا ابن الأزهررفاعة لأن يكون الوطن "محلًا للسعادة المشتركة بين بنيه" وجاهدنا نحن- المصريين- للحاق بركب التقدم".
المادة "19" التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية وفقا للقانون".
أما بخصوص حقوق الطفل فى المادة 80 تتحدث عن أنه لكل طفل الحق فى التعليم المبكر فى مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، وتتضمن أنه يعد طفلًا من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره. ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية وتطعيم إجبارى مجانى ورعاية صحية وأسرية أو بديلة وتغذية أساسية ومأوى آمن وتربية دينية وتنمية وجدانية ومعرفية.
وتتناول المادة 81 التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا. وتكفل الدولة فى المادة 82 رعاية الشباب والنشء، وتعمل على اكتشاف مواهبهم وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعى والتطوعى، وتمكينهم من المشاركة فى الحياة العامة.
وفى مجال الرياضة تنص المادة 84 "ممارسة الرياضة حق للجميع، وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير تشجيع ممارسة الرياضة".
إن أى خلل فى العملية التعليمية يعنى خللا فى المجتمع، فى بناء الدولة، ويعرقل تقدمها بين الأمم. يعنى خللا فى مواجهة التطرف والإرهاب الذى يعانى منه العالم، ولقد أشرنا، كما أشار الكثيرون، إلى أن مواجهة الإرهاب ليست مواجهة أمنية فقط، "حيث يقوم الجنود البواسل من رجال الشرطة والجيش، أولاد الأسر المصرية الممتدة عبر ربوع مصر، بالتصدى بكل شجاعة للإرهابيين، ويسقط منهم الشهداء الذين تسيل دماؤهم الذكية على أرض مصر الطاهرة لتحقيق الأمن والأمان للشعب المصرى". ولكن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون بالأمن، والتنمية الإنتاجية، مع توفير فرص العمل، وتكون أيضا بالاهتمام بتربية النشء والتعليم ونشر ثقافة التنوير والإبداع بكل مجالاته وفنونه والاهتمام بالموروث الثقافى المتنوع والثرى عبر محافظات مصر، وخاصة المحافظات الحدودية.
إن المواهب العظيمة الموجودة الآن فى مجالات الإبداع والفنون تم اكتشاف الكثير منها من خلال النشاط المدرسى فى تلك الفترة، ولعب اهتمام الدولة باحتضان تلك المواهب وتدريبها دورا فى إغناء الساحة الفنية والثقافية بالكثير من أبنائها الحاليين.
آن الأوان للتشارك والتعاون بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى من أحزاب وروابط وجمعيات أهلية ولجان شعبية تطوعية من أجل بناء مصر الثقافة والحضارة. بناء مصر البشر قبل الحجر. بناء مصر الدولة المدنية الحديثة، دولة المواطنة.