رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جيمس ميرفى

ربنا سبحانه وتعالى لما بـ يحب يعمل حاجة، بـ يعملها، ولما بـ يحب يدي حد، بـ يديه، ومن وسع كمان، ويذلل له كل الصعوبات مهما كانت، ومهما كان الأمرخارج أي خيال.
هذه حقيقة لا ينكرها إلا ملحد والعياذ بالله، ولنا في جيمس ميرفي عظة وعبرة.. من هو ميرفي؟
هو شخص طيب، لكنه مش من مشاهير عالم كرة القدم عندنا، تقريبًا محدش يعرفه، تولى مسئولية منتخب ويلز كـ مدير فني، الكلام دا كان في الخمسينات.
ويلز منتخب غلبان ملوش أي ذكر، عمره ما تأهل في أي حاجة، ولا كسب أي حاجة، ولولا تبعية ويلز لـ بريطانيا يمكن مكانتش لعبت كرة القدم أساسًا، وكل اللي عرفناهم من ويلز تلات أربع لعيبة وفي الفترة الأخيرة مش قدام خالص.
المهم، ميرفي الطيب دا مسك منتخب ويلز، وكان فيه كأس العالم 1958، وإحنا في مرحلة التصفيات.
النسخة دي من المونديال كانت أول نسخة منضبطة وليها علاقة بـ كاس العالم كما نعرفه، اللي هو أول حاجة تحديد مقاعد واضحة وثابتة تجري على أساسها التصفيات، وحصة لـ كل قارة أو منطقة.
ويلز ملهاش في الكلام دا، هي هـ تدخل التصفيات تتغلب عادي، وتكمل مسيرتها في الحياة. إنما إيه اللي حصل؟
توزيع المقاعد كان إزاي؟ حامل اللقب والدولة المنظمة عندهم استثناء من التصفيات ومتأهلين كدا كدا.. الاتنين كانوا من أوروبا، ألمانيا الغربية والسويد، بس دا مالوش دعوة بـ المقاعد، لـ إنهم لو مش من أوروبا نفس الحكاية.
كدا فاضل 14 مقعد، بـ ما إنه المونديال كله 16 منتخب: 9 لـ أوروبا (غير ألمانيا الغربية والسويد)، 3 لـ أمريكا الجنوبية، مقعد واحد لـ أمريكا الشمالية (هـ تكسبه المكسيك الضعيفة، لـ إنه باقي المنتخبات أضعف)، مقعد واحد لـ كل من: أفريقيا وآسيا والدول الأوروبية غير المندمجة في الويفازي تركيا وقبرص (كل دول مقعد واحد).
قوم إيه!
وقتها كانت دول أوروبا قليلة، لـ إنه كان فيه اندماجات كتير، الاتحاد السوفيتي بالع له 15 دولة، يوغسلافيا بالع لها خمس ست دول، تشيكوسلوفاكيا دولة واحدة، كمان حامل اللقب والمنظم أوروبيين، فـ اللي هـ يدخلوا التصفيات كانوا 27 دولة شاكب راكب.
قال لك: نقسمهم 9 مجموعات، الأول من كل مجموعة يروح كاس العالم، والباقيين يروحوا بيوتهم، في قرعة غير موجهة خالص، مكانش فيه نظام التصنيف ساعتها.
الدول القوية وقعت مع بعضها، إيطاليا مع البرتغال مع أيرلندا الشمالية (أيرلندا وقتها كان منتخب جبار) النمسا مع هولندا، فرنسا مع بلجيكا، أسبانيا مع اسكتلندا.
إنما يشاء السميع العليم دونا عن القارة كلها، ويلز تقع في المجموعة مع ألمانيا الشرقية اللي كانت لسه مش عارفة كوعها من بوعها، بعد الحرب العالمية التانية، غير ألمانيا الغربية خالص، الشرقية دي كانت في الضياع سياسيًا واقتصاديًا وكورة طبعًا، وحاجة آخر دمار شامل.
يعني ويلز الضعيفة وألمانيا الشرقية الأضعف، ومعاهم منتخب تالت هو تشيكوسلوفاكيا القوية جدا، يبقى خلاص، تشيكوسلوفاكيا هـ تغلب وتصعد، ومش فارق بقى.
دا اللي حصل فعلا، تشيكوسلوفاكيا أول، ويلز تاني، ألمانيا الشرقية تالت.
إنما يشاء السميع العليم إنه الفيفا سنتها كان واخد قرار صارم، لا أحد يصعد كاس العالم دون تصفيات (إلا المنظم وحامل اللقب)، التجارب السابقة لـ تأهل منتخب دون تصفيات كانت في منتهى السوء، جزر الهند الشرقية الهولندية 1938، بوليفيا نسخة 1950، كوريا الجنوبية نسخة 1954، كل اللي جه نتيجة انسحابات المنافسين، كان بـ يشيل كتير، ويبوظ شكل المسابقة.
ويلز إيه علاقتها بـ الموضوع دا؟
ما هو حضرتك أفريقيا وآسيا وسقط المتاع الأوروبي، انسحبوا من التصفيات، اعتراضًا على وجود إسرائيل، فـ كدا إسرائيل متأهلة دون تصفيات.
قال لك: لأ، تلعب تصفيات. 
مع مين؟ مع منتخب أوروبي متأهلش.
طب إحنا كان عندنا 9 مجموعات، الأول راح المونديال، مين من الباقيين يلاعب إسرائيل (اللي كانت منتخب ضعيف جدًا جدًا)؟
قال لك: نعمل قرعة بين أصحاب المركز التاني، يعني 9 منتخبات، نختار منهم واحد بـ القرعة، طبعًا حضرتك متخيل إن ويلز كسبت القرعة، لأ، اللي كسب القرعة بلجيكا.
بلجيكا هي الدولة الوحيدة من وسط التسع منتخبات اللي رفضت تلاعب إسرائيل. 
طب دخلت القرعة ليه؟ متعرفش، استنتاجي إنهم قالوا أكيد مش هـ نكسب، واحد لـ تسعة نسبة ضعيفة جدا، فـ ما نضربش كرسي في الكلوب، لكن لما كسبت، رفضت تلعب.
أعادوا القرعة بين التمانية التانيين، هنا بقى كسبت ويلز، لاعبت إسرائيل، وصعدت المونديال، وهم مش مصدقين، نروح بقى نلعب مع فطاحل العالم.
قوم إيه!
يشاء السميع العليم إنه قرعتها في المجموعة مع المكسيك أضعف منتخب في المونديال تمامًا، اللي كان عمرها ما كسبت ماتش واحد، واللي بـ تروح عشان قارتها مفيهاش غيرها تقريبًا، والمجر اللي كان لاعيبة المنتخب سابوه لـ أسباب سياسية، والسويد القوية.
المجموعات التانية بقى كلها ضرب نار، ما هم 16 منتخب: الأرجنتين وألمانيا الغربية وتشيكوسلوفاكيا وأيرلندا الشمالية مجموعة، فرنسا وأسكتلندا وباراجواي ويوغسلافيا مجموعة، البرازيل وإنجلترا والنمسا والاتحاد السوفيتي مجموعة.
كل دي منتخبات كانت في وقتها منتهى القوة والجبروت، بس زي ما قلت، ما كانش فيه تصنيف.
إنما ويلز نفسها ضعيفة برضه، صحيح غلبت ألمانيا الشرقية وإسرائيل، بس دول منتخبين ضايعين، فـ حتى لو المكسيك ضعيفة والمجر مش أوي، فـ ويلز كمان على باب الله.
أول جولة، ويلز اتعادلت مع المجر والسويد طبعا غلبت المكسيك. تاني جولة ويلز اتعادلت مع المكسيك، والسويد أكيد غلبت المجر، تالت ماتش بقى، السويد كانت ضمنت صدارة المجموعة، فـ لعبت قصاد ويلز بـ الفريق التالت، فـ اتعادلوا صفر/ صفر (ويلز مكسبتش طبعا، حاشا لـ الله، مكسب إيه يا راجل عيب عليك).
كدا، المجر كسبانة ماتش وخسرانة ماتش ومتعادلة ماتش، ويلز متعادلة تلات ماتشات، مين أكتر؟ المفروض المجر، بس وقتها كان الفوز بـ نقطتين بس، فـ كدا المجر 3 وويلز كمان 3، نشوف فارق الأهداف: المجر أكتر طبعا، بس وقتها كان آخر نسخة تتلعب من غير الاعتماد على فارق الأهداف عند تساوي النقاط.
طب نعمل إيه؟
نلعب ماتش فاصل!
قوم يشاء السميع العليم إنه أول الماتش أهم لاعب في المجر يصاب، وقتها مكانش مسموح بـ الاستبدال، لو فيه إصابة، تكمل عشر لاعبين، رغم ذلك، المجر سيطرت عادي واتقدمت بـ هدف.
قوم يشاء السميع العليم الحكم يطرد لاعب تاني من المجر، فـ المجر تلعب الشوط التاني بـ تسع لاعبين، فـ ويلز تكسب 2/1، وتتأهل.
وقتها اللي كان بـ يتأهل من المجموعة، كان بـ يلعب في ربع النهائي مباشرة، ما المونديال 16 منتخب.
يعني الكابتن جيمس ميرفي، اللي مكانش يحلم يعمل تصفيات كويسة، مش بس تأهل لـ كاس العالم، دا لقى نفسه إذ فجأة بين التمانية الكبار في المونديال.
قوم تلاعب مين؟ البرازيل
هنا بقى نقف، عشان إذا كان جيمس ميرفي طيب، فـ فيه الأطيب منه، ولد غلبان عنده 17 سنة، اسمه إديسون أرانتس دو ناسيمنتو، كان شغال بـ يلمع جزم، ثم ربنا أراد يدي له من وسع، فـ عرفناه بـ اسم بيليه، وكسبت البرازيل وبيليه سجل، وكسبت المونديال نفسه سنتها.
واحد من أكتر الكتب مبيعا في بريطانيا كتاب لـ واحد اسمه ريسولي، عنوانه "عندما كسر بيليه قلوبنا"، بـ يحكي قصة ويلز مع مونديال 1958، وطبعا عملوا أفلام وثائقية، وخلدوا المناسبة دي بـ كل الطرق.
إنما يبقى السؤال:
بيليه كسر إيه؟! قول تاني كدا!هو إنت أصلا كنت تحلم تلاعبه؟ وفي ربع نهائي المونديال.
صحيح يا أخي، البني آدم دا م يملاش عينه إلا التراب.